طفت على السطح في الآونة الأخيرة ظاهرة زواج الشباب من الفتيات اللائي تقدم بهن العمر وذوات المراكز المرموقة والوضع المادي الجيد بغرض الاستحواذ على ما يملكن من أموال، وهي تعتبر ظاهرة دخيلة على المجتمع السوداني وذات أبعاد سالبة عليه.. تنقيباً وراء القضية وسعياً لمعرفة أسبابها «البيت الكبير» تقصى عنها والتقى بعض النماذج مع أخذ رأي الدين حول الظاهرة.. حدثتني «م. أ.» والحسرة تملأها: أعمل موظفة بإحدى المصالح الحكومية وتقدم الكثيرون لخطبتي ولكن لم أجد فيهم من يناسبني وعندما دخلت العقد الثالث من العمر وافقت على هذا الرجل الذي يقاربني في العمر ولكن لم يكن جاداً في كل سلوكه ورغماً عن ذلك تزوجنا، لم يكن يعمل بصورة مستمرة «أعمال حرة أو رزق اليوم باليوم» وبدأت حياتنا في منزل أمتلكه كنت قد ورثته من أبي وبعدها سلمته كل ما أملك ركشة وقطعة أرض وكشك بالسوق سرعان ما تكشف لي أنه لا يصلح أن يكون زوجاً وقررت الانفصال عنه ولم يرفض ذلك ولكن بعد مساومة طلب مني أن أعطيه الركشة أو قطعة الأرض وإلا فسوف يتركني معلقة ففديت نفسي بالركشة وقررت الخروج بأقل الخسائر وعرفت أنه دخل على طمع ولم تكن له رغبة حقيقية في الارتباط بي. خداع مرتين لم تستغرب «ن. ع.» عندما ذكرت لها أن هنالك بعض الشباب يتاجر بالزواج وذكرت لها بعض الحالات فقالت: «أنا إحدى ضحايا هذه المتاجرة، سبق أن تزوجت لأكثر من مرة، أول أزواجي وهو أب ابنتي لم أستطع مواصلة العيش معه وطلبت الطلاق منه فطلب مني التنازل عن بعض أملاكي ففعلت ذلك مرغمة حتى أحصل على حريتي وحضانة ابنتي، ليس ذلك فحسب وإنما تم خداعي للمرة الثانية وتم عقد قراني واكتشفت أن زوجي لم يتزوجني إلا للحصول على ثروتي، وللمرة الثانية اضطررت لدفع فدية للحصول على حريتي. خداع عاطفي «س. س.» شابة في العقد الثالث من عمرها تربت يتيمة الأبوين وكفلها عمها وكان ميسور الحال، التقت الشاب «ر» في مكان عملها، علم أن أسرتها ميسورة الحال خدعها باسم الحب وتم عقد قرانهما رغم عدم موافقة أهلها، لم يستطع إتمام الزواج لعدم توفير عش للزوجية وعدم تمكنه من الالتزام تجاهها بأي شيء وإنما كانت تقوم بالصرف عليه، علم أهلها بذلك وطلبوا منه تطليقها لكنه رفض وطلب مبلغًا كبيرًا من المال حتى يطلق مما اضطر أهلها لدفع ذلك المبلغ حتى يتخلصوا منه. وعيد من الله يوضح الشيخ محمد أحمد حسن: عقد الزواج عقد شرعي مقدس، قال تعالى: «وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً» والميثاق الغليظ معناه العهد الموثق والمطلوب من الأزواج أن يحترموا هذا العقد احتراماً ويبتعدوا عن الاستهتار والاستخفاف بهذا العقد، مثلاً الرجال الذين يحلفون بالطلاق والحرام نقول إنهم لا يحترمون هذا العقد، والمطلوب من الرجل الذي يرغب في الزواج أن يقصد بالزواج سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والعفة من الوقوع في الحرام وإنجاب ذرية صالحة تعبد الله وتوحده وتفرح نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام «تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» ويسعى في اختيار الزوجة كما قال صلى الله عليه وسلم «تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولنسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» ومعنى الحديث أن الشباب يسعى للجمال والرسول الكريم يحثنا على اختيار ذات الدين وبجانب الدين إذا وُجدت الأشياء الأخرى نعمة، ولابد أنه مطلوب من الشخص الذي يعزم على الزواج النية الصادقة فيما ذكرنا وأن لا يكون هدفه الغش والخداع والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا فقال «من غشنا فليس منا» والغش بابه واسع يشمل الغش في الزواج فبعض الشباب يختار امرأة عندها مال ويكون همه وشغله الشاغل أن يتزوجها ليحتال على مالها وبعد أن يتم الزواج ينقلب على زوجته بالمعاكسات وسوء المعاملة لتضطر الزوجة لطلب الطلاق وهنا تظهر الخدعة بأن يطلب الزوج الفدية مقابل الطلاق وهذا ضرر بليغ في حق الزوجة والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حذرنا وقال «من ضار مسلماً ضاره الله ومن شاق مسلماً شقَ الله عليه». وصية ويوصي شيخ محمد أحمد حسن في خاتمة حديثه البنات بقوله: «أخيراً نصيحتي للبنات إذا تقدم لك شخص يرغب في الزواج تريثي وتمهلي وادرسي هذا الشخص دراسة متأنية في شخصيته وأسرته وأخلاقه وكسبه وتدينه فإن توفرت كل هذه الأشياء سليمة صلي صلاة الاستخارة فإن انشرح صدرك له تزوجيه».