الخطوة التي قامت بها الحكومة باعتقال نائب رئيس حزب الأمة د. مريم الصادق المهدي قبل أن تطأ أقدامها أرض المطار وهي قادمة من العاصمة الفرنسية باريس على أعقاب مشاركتها مع والدها زعيم حزب الامة الصادق المهدي في توقيع إعلان باريس مع تحالف الجبهة الثورية والذي يعد من أكبر الأحزاب التي ساندت قيام مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس البشير في يناير الماضي، وجدت استنكاراً وسط القوى السياسية للمجهودات التي بذلها المهدي لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بعد أن فشلت الحكومة في ذلك وبرغم حسن النية التي أبداها المهدي من خلال مهاتفته للوطني وعدد من الاحزاب ذات الثقل وشرح ابعاد الاعلان إلاّ أن الوطني رفض الإعلان جملة وتفصيلا فقد وصفه مساعد رئيس الجمهورية غندور بانه جاء في الزمن الخطأ لصرف الانظار عن الحوار واتهم الوطني الصادق بالسعي الى تقويض النظام والدستور وقال اي وقف مع المعسكر الاخر له اجراءاته القانونية والسياسية, الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين بأنه تلميح بإمكانية اعتقال الصادق المهدي حال عودته إلى البلاد,وقد أعلن زعيم حزب الأمة توجهه إلى العاصمة المصرية القاهرة بعد توقيعه إعلان باريس وقال أنه لن يعود إلى البلاد قريباً وكشف عن عزمه الإقامة في مصر وإجراء اتصالات بالمجتمع الدولي لتسويق الإعلان الذي وقع,وقد اتهم الوطني مريم بأنها مهندسة اتفاق باريس لاسيما وأنها سافرت قبل والدها وشهدت لحظة الميلاد الأمر الذي حمل مؤشرات حول مدى جدية الحكومة في تنفيذ الحوار الوطني, ففي الوقت الذي يسعى فيه النظام لإجراء حوار مع المعارضة في ظل الازمات السياسية والاقتصادية والامنية التي تشهدها البلاد نفذت السلطات الامنية عدداً من الاعتقالات في حق بعض السياسيين منذ إعلان الرئيس عمر البشير مبادرة الحوار الوطني والتي هدفت الى إخراج البلاد من الازمات التي ضربتها مؤخرًا ومن أشهر الاعتقالات التي كانت لها ردود افعال سالبة على الحوار الوطني اعتقال الصادق المهدي زعيم حزب الامة لتصريحاته التي اتهم فيها قوات الدعم السريع بممارسة عمليات قتل ونهب واغتصاب في دارفور ثم تبعه اعتقال رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ والذي مازال قابعاً داخل المعتقل برغم الجهود المبذولة لاخراجه واخيرًا اعتقال مريم. وبحسب مراقبين تحدثوا ل (الإنتباهة) فإن اعتقال د. مريم المهدي يعطي إشارات غير جيدة وسالبة في حق مبادرة الحوار الوطني والتي تعد المخرج الوحيد للبلاد اذا تم تنفيذه على الوجه الصحيح وتطبيق مبدأ الحريات التي اطلقها الرئيس البشير وقالوا ان الاعتقال يحمل في طياته رسالة واضحة للصادق بان مصيره سيكون الاعتقال حال عودته الى البلاد. وكان وزير الدولة في الإعلام ياسر يوسف قد قال في تصريحات صحافية بأن السلطات المختصة ستتعامل مع نائبة رئيس حزب الأمة مريم الصادق المهدي وفق القانون، وشدد على أن حزبه يرفض إعلان باريس وقال: إن حزبه لديه الخيارات ولن يضع نفسه أمام خيارات الصادق المهدي التي طالب فيها الحزب الحاكم بقبول الإعلان أو تخوين من وقعوا عليه. وبحسب رأي المحلل السياسي د. الفاتح محجوب فان الاعتقالات لها تأثير ولكن في عالم السياسة لا توجد نهايات كما في الجانب الاكاديمي بل يتوقع فيها دائما عنصر المفاجئة وردود الافعال ولكن السؤال المهم هل الاعتقالات القديمة والجديدة هل هي كافية لاحداث تحول وحراك سياسي ووصول البلاد الى مرحلة التداول السلمي للسلطة والاتفاق على دستور يتراضى عليه الجميع وكيفية حكم السودان؟. الفاتح قال ان الاعتقالات لن تحول دون المضي قدماً فيما أشار إليه وذلك لأن القرار لايزال للمؤتمر الوطني وهو المبادر للحوار الوطني ولايزالون مصرون عليه واضاف يبدو أن الحكومة توصلت الى الاتفاق اخيراً حول تكوين حكومة المهام الوطنية وهي الاسم البديل للحكومة الانتقالية بمشاركة الاحزاب والتي تتلخص مهمتها في انشاء الدستور والاشراف على الانتخابات وضمان حيادتها والاهم رفع مستوى الاحزاب بحيث يمكنها المنافسة في الانتخابات بصورة عادلة مشيرا الى ما حدث في باريس من توقيع اتفاق واعتقال مريم وأكد ان الرئيس وآلية الحوار الوطني اذا قدموا ضمانات معقولة للاحزاب وخاصة لحزب الامة يمكن للامام الصادق ان يعود للبلاد لانه يرمي من كل المناورات الى الوصول الى كيفية التغيير والتداول السلمي للسلطة موضحاً ان الصادق لايمكنه رهن كل اوراقه لدى الحركات المسلحة لقناعته بأنها حركات تحاصرها القوات المسلحة وهي معزولة كما ان الاعتقالات لايمكنها ان تحول دون المضي قدماً من اتفاق كل القوى السياسية مشيرا الى ان آلية الحوار حددت سقفاً زمنياً لإخراج المخرجات الى السطح في فترة زمنية لاتتجاوز الشهر الأمر الذي يعني لا مزيد من المناورات السياسية من الصاد.