تحول إعلان باريس الى موضوع استقطاب مع وضد في الساحة السياسية وسط القوى الفاعلة فيها وبالتالي عودة السجال الى الموقف من الحوار مشروطاً أو غير ذلك وماهية تلك الشروط بينما تراجع الموقف الرافض للحوار مطلقاً والاخر الذي يقدم الحكومة الانتقالية كمدخل أو بوابة للحوار الوطني بدلاً من ان تكون الحكومة الانتقالية هي محصلة الحوار, وقد انقسم الرأى العام تجاه اعلان باريس ما بين مؤيد ومعارض. وفي محاولة للمهدي تسويق اتفاقية اعلان باريس ومحاولة اقناع الجهات الخارجية الا ان رفض جامعة الدول العربية التعليق على إعلان باريس كانت بمثابة الفشل وخيبة الامل حيث أكدت الجامعة دعمها للحوار الوطني باعتباره المخرج الوحيد للأزمات الراهنة. واستقبل الأمين العام للجامعة د. نبيل العربي يوم الأربعاء الماضي زعيم حزب الأمة المعارض الذي يزور القاهرة حالياً وجرى بحث تطورات الأوضاع في السودان ودور الجامعة العربية إزاء الأزمات التي يواجهها وقال المهدي في تصريحات للصحفيين إنه توصل في اتفاقه مع الجبهة الثورية في باريس قبل أيام إلى إعلان باريس لتوحيد قوى التغيير ووقف الحرب وبناء دولة المواطنة وأوضح أن الاتفاق يتحدث عن مخرج سياسي للوضع في السودان يقوم على حل القضايا السياسية ووقف الحرب وفق أسس جديدة مقبولة لدى أغلبية الشعب السوداني وأعرب المهدي عن أمله في أن تلم الجامعة العربية بهذه التطورات وأن تبارك هذه الخطوة وأن يكون لها دور قوي حيالها خاصة أن الاتحاد الأفريقي يقوم بمهام كبيرة في هذا الصدد وكذلك الأممالمتحدة وأضاف أننا نأمل أن يبحث الأمين العام هذا الأمر خاصة أن لديه علاقات كبيرة مع كل الحكومات. وقال المحلل السياسي فتح الرحمن السيد في رده على سؤال (الانتباهة) حول رؤيته لمسار المهدي وإقدامه على توقيع إعلان باريس محاولة تسويفه لهذا الاعلان قائلاً: إن أحد الركائز المطلوبة من أجل الحوار هو تأمين الحريات للناس وتوفير استحقاقات الحوار عبر تأمين حريات كافة الأطراف وإلا سيكون الحوار مقصوراً على الأتباع وهذا أمر لا يفيد هذا فيما يلي الحكومة والعلاقة مع الجامعة العربية موضحاً ان دور الجامعة العربية التى تلعبه هو ملحوظا وكبيرا فى تنمية واعمار دارفور بجانب جهودها المقدرة فى دعم العملية السلمية بولايات دارفور وقد اسهمت بصورة ايجابية ومقدرة فى عملية الانعاش والتعافى المبكر انطلاقا من الدور الرائد للجامعة العربية فى دعم مسيرة السلام فى السودان اضافة الى الجهود الحثيثة والمكثفة التى تقوم بها الوساطة القطرية مع كافة الحركات المسلحة للانضمام لمنبر الدوحة التفاوضى الذى وصفها بالمبشرة والايجابية ولا بديل لها واعتبر السيد اعلان الغاء للدوحة وهذا ما لايقبله الجامعة خاصة بعد تحسين العلاقاته مع النظام الحاكم لافتا الى التقدم الملموس فيما يتعلق بعملية التنمية واعادة الاعمار وعملية التعافى المبكر بدارفور, مشيرا الى مشروعات التنمية بدارفور تنفذها الجامعة العربية. بدورها عارضت الحكومة الوثيقة بشدة واعتبرتها محاولة لاسقاط النظام ومنذ ذلك الحين فقد تمت إدارة جامعة الدول العربية على أساس ازدواجية بين المؤسسية التي تفوق الوطنية والسيادة الفردية للدول الأعضاء وقد جاءت المحافظة على السيادة الفردية من الرغبة الطبيعية عند النخب الحاكمة للحفاظ على السلطة والاستقلال في اتخاذ القرارات وتأثير القوى الخارجية التي قد تعارض الوحدة العربية كلها عقباتٌ تقف في طريق التكامل الأعمق في الجامعة العربية. يشير المحلل السياسي البروفسير حسن الساعوري في تعليقه ل (الإنتباهة) عن أسباب رفض الجامعة العربية تأيد اعلان باريس الذي حاول المهدي جاهدا التسويق له واستمالة الاطراف الخارجية لدعمه وتأييده واشار من الواضح ان إعلان باريس يحمل فى طياته عدة انذارات والجامعة العربية يعتبر اتفاقية الدوحة اتفاقا شاملا لكافة حركات التمرد التى تحمل السلاح وصادقت على ذلك وفى معناه وكافة الدلائل والقرائن تشير الى ان باريس بديل للدوحة مضيفا الساعورى وليس هناك مؤشرات واضحة لبنود خاصة وايضا فيه خطة لخريطة عمل متكامل لدارفور ان الدوحة اتفاقية شاملة واعلان باريس مضمنة فيه خيار استمرار العمل المسلح سيما ان شعار الجبهة الثورية المتمردة هو استخدام العنف في إسقاط النظام, ومبيناً كما انه حدد خيار الانتفاضة في حال قيام الانتخابات ويعتقد أيضاً أن تحركات المهدي وإعلان باريس هو لأجل انتفاضة محمية بالسلاح ولا خيار غير ذلك ويعتبر الساعوري أن جولة المهدي الخارجية تهدف لإعداد المسرح الدولي والإقليمي ودعمه للعمل السياسي القادم في السودان لكنه استدرك قائلاً: لكن بالرغم من ذلك فشل المهدى في استمالة واستقطاب وتأييد الجامعة العربية والتسويق لاتفاقية باريس ولم يستبعد أن يكون المهدي قد قابل قوى خارجية في باريس ويلفت إلى أن تجارب المعارضة عبر العمل المسلح الخارجي كانت تتم عبر الأطراف ولكنه يرى أن إعلان باريس يتحدث عن انتفاضة محمية بالسلاح من المركز ويعتقد الساعوري أن العمل المسلح يتعارض مع ميثاق الجامعة العربية ولا نتوقع ان يحظى المهدي بتأييد أو التسويق لإعلان باريس.