فتحية موسى السيد: غيوم كثيفة علقت في سماء العلاقة بين السودان ومصر خلال الفترة الماضية، وطفت على سطح العلاقة الكثير من القضايا الخلافية التي إن كان ظاهرها الرسمي بدا أكثر تحفظاً، إلا أن المراقب يلحظ حالة من الفتور الرسمي واللوم المتبادل الذي تطور إلى اتهامات في كثير من الأحيان بعد فوز السيسي برئاسة مصر، و يتوقع مراقبون أن يتغير مشهد العلاقات بأحد اتجاهين إما إلى تعاون يفضي لحلحلة الخلافات أو إلى مزيد من التوتر بين البلدين. لكن يبدو أن القاهرة استشعرت خطر إيواء ومعاونة المعارضة السودانية، حيث منعت السلطات المصرية اليومين الماضيين الجبهة الوطنية العريضة التي يتزعمها علي محمود حسنين، من تنظيم مؤتمرها تحت شعار وحدة المعارضة لإسقاط النظام وعدم التحاور معه. وأفادت تقارير أن مسؤولاً أمنياً رفيعاً بمصر، اجرى اتصالاً بحسنين قبيل لحظات من انطلاق الجلسات واخطره بعدم موافقة الاجهزة الامنية والرسمية على عقد المؤتمر الذي يناقش تفعيل نشاط الجبهة والسعي لاسقاط النظام الحاكم في الخرطوم، وطبقاً للمصادر فان الاجهزة الامنية المصرية بررت موقفها بسوء الاوضاع الامنية في القاهرة، على خلفية التوترات التي شهدتها عدة مدن في ذكرى فض اعتصام ميدان رابعة، فيما توقعت مصادر أخرى أن يكون قرار الامن المصري اتخذ بناءً على ضغوط من الحكومة السودانية. الجدير بالذكر أن تأسيس الجبهة الوطنية العريضة تم في 21 أكتوبر 2010 من كيانات سياسية وتجمعات إقليمية وأفراد، يؤمنون جميعاً بإسقاط النظام وعدم التحاور معه مبدئياً واستراتيجياً، وقاد علي محمود حسنين الجبهة الوطنية وأسسها بعد خلافات داخل حزبه الاتحادي الديمقراطي الأصل، وقال حسنين في ذلك الوقت إن وحدة المعارضة الآن ليست أماني نرجوها وإنما هي ضرورة قصوى ندعو الجميع إليها، ونحن في الجبهة الوطنية العريضة على أتم الاستعداد للجلوس والنقاش والاتفاق. وفي السياق قال نائب المستشار الإعلامي بالسفارة السودانية في القاهرة عبد الرحمن إبراهيم إن موافقة مصر على إقامة مؤتمر للمعارضة تحت شعار إسقاط النظام ليس مقبولاً، واعتبره مؤشراً لتراجع كبير في العلاقات ووصف عبدالرحمن في تصريحات نشرت السبت، توقيت انعقاد مؤتمر للجبهة العريضة بالسيئ لتزامنه مع حراك مكثف لتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات الاستثمارية والاقتصادية وفتح المعابر، مضيفاً نتطلع لعلاقات إيجابية ومتطورة مع مصر وكنا نتطلع أن تقطع زيارة السيسي للخرطوم الطريق أمام هذه المحاولات، ونوه إلى أن انعقاد المؤتمر يعطي إشارات سلبية لا تتماشى مع الحوار السلمي الذي يجري في الخرطوم، معرباً عن أمله في ألا تترك مساحة لمثل هذه التغطيات في وقت تشهد فيه العلاقة بشريات إيجابية. إن مستقبل العلاقات المصرية السودانية مفتوح على كل الاحتمالات، فهي قابلة للإصلاح والتطور وفي الوقت نفسه قابلة لأن تسوء، هكذا تحدث الخبير الاستراتيجي دكتور الحسن عيسى كرار ل«الإنتباهة» عن مستقبل العلاقة وهي رهن بالسياسة التي سيتبعها السيسي نحو السياسة الخارجية السودانية ويضيف: من الواضح جداً أن الأمر في يد مصر أكثر منه في يد السودان، وهناك احتمال أن تسير العلاقات بنمط دبلوماسية الرئيس السيسي إلا أن المتوقع أن يغلِّب السيسي المصالح المصرية البحتة، ويضع مسألة مياه النيل أولوية وبالتالي لا بد له من أن يتعامل مع السودان بحذر ويتابع كرار: أتوقع أن يسعى السيسي إلى إصلاح العلاقات مع السودان، خصوصاً أن الحكومات العسكرية المصرية كانت علاقاتها جيدة مع الحكومات العسكرية السودانية، وسابقاً فتحت مصر أبوابها لقيادات الحركات المسلحة بدارفور. لكن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسودان قبل شهرين، والتي كانت للاطمئنان على صحة الرئيس عمر البشير وتهنئته بنجاح العملية الجراحية التي أجراها مؤخرًا، كان لها بالغ الاثر اضافة الى مناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأشار السفير عثمان السيد ل«الإنتباهة» أن زيارة الرئيس السيسي منذ تقلده رئاسة مصر كانت خطوة إيجابية وفرصة طيبة، قدم خلالها شرحاً للاستحقاقات التي تم تنفيذها في خارطة الطريق لمستقبل مصر، مركزاً -السفير عثمان السيد- على مدى دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تفعيل مساراتها على كافة الأصعدة، ومناقشة تفعيل اللجنة العليا المشتركة المصرية السودانية بالقاهرة، وكذلك سبل تفعيل اتفاقية الحريات الأربع بين البلدين، لافتاً إلى وجود رغبة أكيدة من القيادة المصرية على تفعيل وتطوير العلاقات المشتركة بين الدولتين بما يعود بالنفع على شعبي وادي النيل، مضيفاً سيما ان العلاقات حالياً تواجه امتحاناً صعباً في اعقاب الاطاحة بحكومة الاسلاميين في مصر، لذلك في اعتقادي حضت القاهرة على منع المعارضة السودانية إقامة اي نشاط سياسي سلبي، يؤدي الى تعكير صفو العلاقة خاصة المعارضة السودانية التي تدعو لإسقاط النظام القائم في السودان.