أفادت مصادر من داخل المؤتمر الوطني العام في طرابلس، بأن رئيس المؤتمر نوري أبوسهمين لم يعتمد مسودة قرار بسحب سفيري ليبيا من مصر والإمارات، حيث أوضحت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها، أن لجنة الخارجية في المجلس رفعت، مسودة قرار إلى أبوسهمين لاعتماده بشأن سحب سفيري ليبيا في بالقاهرة فايز جبريل وفي أبوظبي عارف النايض. وكانت وسائل إعلام محلية ليبية قالت إن المؤتمر الوطني العام قرر سحب سفيري ليبيا بالقاهرةوأبوظبي، الأمر الذي دفع عارف النايض سفير ليبيا لدى دولة الإمارات للتعليق على صفحته الشخصية ببيان استنكر فيه ما وصفه انتحال الشخصية من قبل أفراد قال بأنهم يصدرون بيانات وقرارات في حق سفارته، في إشارة لقرار المؤتمر الوطني العام. وأكد النايض أن سفارته لا تخضع إلا لتوجيهات مجلس النواب المنتخب والمنعقد في طبرق «شرق» وحكومة عبدالله الثني. وارتفعت حدة الخطاب بين المؤتمر الوطني العام «البرلمان المؤقت السابق» الذي قرر العودة لممارسة عمله قبل أسابيع بعد أن اتهم مصر والإمارات بتنفيذ عدوان جوي لقصف مواقع لقوات فجر ليبيا، بطرابلس واتهم سفيري ليبيا لدى الدولتين بالضلوع في هذا العمل. فيما نفت مصر والإمارات صحة هذا الاتهام، أعلنت الأخيرة عن اعتقال عدد من الشخصيات الليبية المقربة من المؤتمر الوطني العام، وقال بعض أعضاء المؤتمر إن عددهم يصل «30» شخصاً بينما قال السفير الليبي النايض إن عددهم «3» أشخاص فقط دون الإفصاح عن حقيقة التهم الموجهة لهم. المهم أن الأزمة الدبلوماسية الناشبة الآن جاءت على خلفيات عديدة لخصت في مقال بعنوان «ليبيا يمكن أن تكون مجرد بداية لتدخل خليجي استباقي»، كتبته جين كيننمونت الباحثة في المعهد الملكي للشؤون الدولية الذي قالت فيه، إن الأكثر ترجيحاً الآن هو أن الدول العربية الأكثر ثراءً قد تستغني عن اعتمادها على الدعم الأمريكي وتأخذ زمام المبادرة بنفسها في التدخل عسكرياً في الصراعات الإقليمية. وترى الكاتبة أنه بات واضحاً أن حلفاء أمريكا التقليديين في المنطقة، مصر والإمارات، بدأوا يبحثون عن وسائل جديدة لحماية أنفسهم من تهديدات يعتقدون أن الولاياتالمتحدة لا تأخذها على محمل الجد بما فيه الكفاية، وأضافت أنه في المستقبل سيكون هناك المزيد من التعاون العسكري بين الجيوش الخليجية الممولة والمجهزة جيداً وجيوش الدول العربية الأفقر والأكثر سكاناً، وخاصة مصر والأردن. وأشارت إلى أن ثورات الربيع العربي التي أطاحت ببعض الحكام الموالين لأمريكا وتسارع الأحداث في المنطقة بالإضافة إلى التقارب الأمريكي الإيراني، قد يدفع إلى انفراد الدول الخليجية بالقرارات السياسية في الصراعات الإقليمية دون العودة لواشنطن. وفي السياق نفسه كتبت صحيفة تايمز أن العدوان الجوي الذي شنته مصر والإمارات سراً ضد المليشيات الإسلامية التي تقاتل للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، يشكل تصعيداً خطيراً للصراع على السلطة في المنطقة. وقالت الصحيفة إن الولاياتالمتحدة تخشى أن مثل هذه التدخلات يمكن أن تزيد تأجيج الوضع المحتدم داخل ليبيا وفي أنحاء الشرق الأوسط، وأضافت أن تصرفات مصر تعكس ملاحقتها للحركات الإسلامية بعد الإطاحة برئيسها الإسلامي محمد مرسي أول زعيم منتخب ديمقراطياً. وأردفت الصحيفة أن التدخل المصري الإماراتي في ليبيا أثار مخاوف تحول ليبيا إلى مسرح للمواجهة المباشرة، فيما بدا يصبح صراعاً أكبر من أجل التفوق بين كتلتين إقليميتين متنافستين. أما معهد كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط فقال إن الغارات الجوية العسكرية، في شرق ليبيا التي نفذتها القوات الإماراتية بدعم مصري على الرغم من نفي الدولتين لهذا الأمر، أدت إلى حدوث تغيير كبير في العلاقات «المصرية الليبية»، غير أن جذور التدخل المصري في ليبيا أعمق بكثير من عملية الكرامة التي قادها قائد الثورة المضادة خليفة حفتر. ويقول البروفسير فريدريك ويري، في بحثه المطول الذي نشره الموقع الرسمي للمركز، إنه ليس هناك ما هو أكثر تهديداً لمصر من الحدود المشتركة بين الدولتين، والتي يصل طولها إلى ما يقرب من «700» ميل، مشيراً إلى أن عملية ضبط الحدود في ليبيا ضعيفة منذ عهد القذافي، لكنها تراجعت بشكل كارثي عقب سقوطه. ولفت الباحث إلى أن هناك دلائل حول زيادة الانحياز المصري ل«حفتر»، متابعاً: «عدد من الإجراءات اتخذتها القاهرة ضد إسلاميي ليبيا، قبيل بدء حفتر عملية الكرامة». ففي منتصف يناير من العام الجاري، اعتقلت السلطات المصرية في الإسكندرية شعبان هدية، رئيس غرفة عمليات ثوار ليبيا التي تضم تحالفات من مليشيات إسلامية في طرابلس وبنغازي، واختُطف بُعيد ذلك خمسة دبلوماسيين مصريين في طرابلس، أُفرج عنهم مقابل إفراج السلطات المصرية عن هدية. وأكد الباحث بمعهد كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط، أن قوات حفتر المناهضة للإسلاميين كانت تهدف إلى الحد من تهديد الحدود المصرية إلا أنها أدت إلى زيادتها، قائلاً إن المليشيات الإسلامية في بنغازي أجبرت على إقامة تحالف مسلح قضى على الجهود السياسية، وأوضح أن حملة حفتر لم تنل إعجاب القيادة المصرية، متابعاً: «قال اللواء سامح سيف اليزل، وهو جنرال مصري متقاعد، إن حفتر لم يثبت قدرته على تأديب الإسلاميين».