المهندس عبد الله مسار وزير الإعلام السابق رئيس لجنة النقل والطرق بالبرلمان ورئيس حزب الأمة الوطني، سياسي محنك لمع نجمه عندما دخل حزبه المنشق عن حزب (الأمة القومي) الحكومة. ويعتبر مسار متبحراً في ملفات عديدة خاصة قضية دارفور وله إسهامات خلال تقلده عدداً من المناصب، وكان قريباً من الملف عندما كان مستشاراً للرئيس ولم يبتعد عنه كثيراً حتى عندما تحول إلى وزارة الإعلام (الإنتباهة) طرحت جملة من المحاور حول الحراك السياسي الراهن فأجاب بكل شفافية خاصة ما يدور هذه الأيام عن الحوار ولو جاء بانتخاب الرئيس البشير لدورة جديدة والجدل المُثار حوله إلا أنه عاد وقال إن الحكومة ليس لها بديل الآن غير البشير ودعا الرئيس البشير إلى إجراء عمليات جراحية للإصلاح والمضي قدماً في عملية الحوار الوطني وفرض أن ينجح كما تناول الحوار جملة من قضايا الراهن السياسي فإلى نصه الكامل: نستهل حديثنا بالحراك العام للمشهد السياسي الآن؟ المشهد السياسي العام له ثلاثة مشاهد الأولى هو الحوار السياسي الذي بدأ في ابريل والآن المرحلة النهائية تم انعقاد الجمعية العمومية 2/11بإجازة أجندة الحوار والقضايا المربوطة به ثم من بعده انطلاق الحوار، أما المشهد الثاني فهو انعقاد مؤتمر الوطني أكبر حزب في السودان، أما المشهد الأخير وهو الحراك الخارجي الذي تم في المرحلة الماضية نتيجة زيارة السيد رئيس الجمهورية لمصر والسعودية وما تمخض لذلك من مواقف سياسية جديدة في العلاقات الخارجية سواء كانت العربية والافريقية، وهي ثلاثة مشاهد أساسية بالإضافة إلى مشاهد أخرى فرعية. إذاً فيما تتمثل المشاهد الفرعية الأخرى؟ هي مشاهد مكملة للأولى متمثلة في الحوار المجتمعي وقرارات لجان الحوار إضافة إلى الحراك العام للسودانيين حول إمكانية قيام الانتخابات في الموعد المحدد أم لا تلك هي مشهد الساحة السياسية، إذاً لو ربطنا ذلك بالمشهد العالمي نجد جزئية به انفراج والآخر ما زال به توتر العلاقة العربية والافريقية السودانية به انفراج، اما العلاقة الامريكية ما زالت متوترة وأمريكا تحاول فرض حظر سيطرتها على السودان. مقاطعة: من أي زاوية تقرأ التناقض بين الموقفين العربي والأمريكي؟ قراءة المشهد الأول كالآتي: هناك مشكلات عالمية تحيط بكثير من الدول العربية تحتاج لدور في السودان، أما الثاني مواقف السودان من بعض المحاور الخارجية تحتاج إلى علاقة بينها وبين السودان لتطوير هذه العلاقة، ثالثاً: حاجة بعض الدول العربية إلى موقف من السودان نتيجة لظروف محيطة بها. مثلاً مصر تحيط بها قضية ليبيا اضافة الى الارهاب الداخلي والصراع بين الاخوان المسلمين والحكومة السابقة والجديدة سد النهضة جميعها صراعات داخل مصر لها تأثير مباشر، وهي تحتاج إلى تضامن وتوافق آراء بين السودان ومصر، وكذلك موقف السعودية حولها صراعات كثيرة جداً منها سوريا وداعش والحوثيين ومن ثم علاقتها مع إيران هذه المشاهد جميعاً يتأثر بها السودان. إذاً ماذا عن الموقف الأمريكي من السودان؟ ولماذا هو ثابت لا يتغير أبداً؟ الموقف الامريكي مربوط باثنين الاول هو رد فعل لترشيح الرئيس البشير لدورة جديدة لولاه لما جددت أمريكا العقوبات على السودان وهذا التصرف ما هو إلا رسالة واضحة برفضهم للترشيح والتمسك برأيهم حول التغيير، أما الثانية أمريكا لديها ضغوط داخلية كبيرة خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وغيره لذلك الأثر الداخلي في أمريكا ينتقل الى السودان، إضافة إلى التقارب الكبير الذي يحدث الآن بين الترابي والرئيس بالتالي أمريكا تقرأ ذلك بأنه تقارب بين إسلاميين بعكس ما نرأه نحن تقارب عادي بين معارضة وحكومة، كل المشاهد تلك يفضي بإنطباع بان السودان خطى خطوة وبالرغم من ذلك يحتاج إلى خطوات أكثر وإزالة كافة العقبات فقط عندما نخرج بالحوار السياسي الداخلي على تراضي سياسي على شكل حكم السودان في المرحلة القادمة وتوافق على أن يتراضى اهل السودان على حكم بلدهم والتعايش كمواطنين والتعامل مع الآخرين وفق مصالحهم، لو تم ذلك بالفعل حتماً الموقف الامريكي نفسه سيحدث فيه تحول وبالتالي نتمكن من المحافظة على العلاقات الإستراتيجية مع كافة الدول العربية الافريقية. برأيك ما هي الإستراتيجية المطلوبة التي تمكن السودان من الوصول لهذه الغايات؟ برأيي هذا الأمر يتطلب أن يكون هناك جدية في الحوار السياسي والخروج بمخرجات تراضي كيفية الحكم خاصة أن السودان منذ عام 56 لم يعرف نظام حكم معين إما انقلابات شمولية عسكرية او عسكرية بجانب فكري او حزبي او صفوية نخبوية، هذا يتطلب بعد العلاقات الكونية التي انتشرت ان نتراضى عن نظام حكم سياسي للاستقرار الداخلي في السودان للاستفادة من مواردنا وتحقيق العدالة الاجتماعية. إذا إلى أي مدى تنظر إلى مستقبل ونجاح هذا الحوار سيما في ظل التعقيدات الراهنة؟ أفتكر هذا الحوار فرض ان ينجح لا اعتقد انه سُنة او فضيلة بقدر ما هو فرضية بنجاح هذا الحوار سينتقل السودان الى مائة خطوة للامام اما اذا ما فشل الحوار يتراجع مائة خطوة للوراء، لذلك لا بد من نجاح الحوار وهو مرهون بشيئين أولاً مبادرة الحوار كانت رئاسية جاءت من رئيس الجمهورية لذلك يجب على الرئيس الاستمرار في هذا الخط للنهاية خاصة انه شخصية مقبولة لدى كافة الشعب السوداني وايضاً أخذ الرئيس تفويض من حزبه الذي قام بترشيحه مجدداً وقبله من الشعب وهو محبوب جدًا ومرغوب. مقاطعة: لكن ترشيح الرئيس البشير لدورة جديدة قُوبل بكثير من الاستهجان والرفض من الشعب والبعض من حزبه أيضاً واعُتبر بأنه غير دستوري؟ أنا شخصياً اؤيد هذا الترشيح ولي أسبابي أولاً الرئيس البشير يتمتع بقبول داخلي كبير، ثانياً هو مواطن سوداني عادي في سلوكه واخلاقه وتعامله مع عامة الناس ليس بالشخص المُعقد والمُستبد المقفول عن المواطن، ثالثاً في المناخ السياسي الآن لا توجد بدائل من الأحزاب السياسية او النُخب ولا الجهات العسكرية اذا لم يأتِ الرئيس فهذا يعني وجود فوضى ولو اردنا احداث اي تغيير لا بد أن يكون تغييراً تدريجياً وليس شعبي بحيث يؤدي الى الفوضى كما اسلفت والرئيس نفسه يدرك هذه النقطة تماماً وهو حافظ الميزان العلاقات السودانية العادية والدولية وأيضاً القوى السياسية والعسكرية والحزبية مع بعضها البعض اضافة الى علاقته مع الشعب السوداني لذلك في هذه المرحلة يوجد أشياء وتقديرات أخرى متمثلة في المحكمة وفي تقديري المحكمة سياسية وليست قانونية بمعاير سلطة عالمية غائرة على مجتمعات ودول مستضعفة تستخدم اكثر من وسيلة للضغط منها الاقتصاد البنك الدولي وزارة التجارة العالمية المسيطرة عليها، أما عن الناحية القانونية هناك جهات مسؤولة عن ذلك، الأسباب آنفت الذكر ودواعيها في تقديري سبب مباشر لانتخاب الرئيس مجدداً. آلية (7+7) أطلقت تصريحاتها الرافضة لانتخاب الرئيس وكذلك هددت بمقاطعة الحوار خاصة إن لم تفضي نتائج الحوار عن تحديد موعد متفق عليه للانتخابات؟ لا أعتقد صحة هذا الحديث لأن الانتخابات في النهاية استحقاق دستوري لمدة خمسة أعوام والغاء الانتخابات يأتي عن تراضٍ سياسي ينجم عن نتائج هذ الحوار فقط إذا افضى التراضي بحكومة قومية انتقالية لحكم السودان فهو كذلك، وأيضاً لو افضى ببقاء الرئيس واستمرار الحكومة الحالية خمسة أم سنتين وان لم يكن ذلك في هذه الحالة ستجري الانتخابات الراغب يدخلها والغير راغب عليه المقاطعة، لذلك منذ البداية علينا ان لا نضع المتاريس كما يجب ابداء حُسن النية اولاً من ثم نرجو من هذا الحوار أن يأتي بنتائج توقف الانتخابات وحل قضايا السودان وتراضي سياسي وعدل مجتمعي وايضاً الى توزيع عادل للسلطة والثروة وايضاً استجابة المعارضة بالخارج كل هذه الاشياء يجب ان يكون نتائج الحوار وليس التحدث عن استباق الاشياء والتهديد بالمقاطعة، لأن مفهوم الحوار هو الوسيلة المدنية للتعاطي مع القضايا وليس بالضرورة الاتيان بكل النتائج المرجوة لذلك علينا ان نترك نتائج الحوار هي من تقرر وعندما تقرر النتائج الوصول الى طريق مسدود حينها تجتمع كافة القوى السياسية تحدد مصالحها في الانتخابات او عدمها وفي النهاية الانتخابات هي شيئين جهة فنية تمارسها وقرار سياسي متفق عليه. لكن المعارضة تتهم الحكومة بعدم جديتها والمُماطلة في الحوار؟ أي شخص يقرأ هذا المشهد بأسلوبه على رأي المثل (الماعايزك وسط المية بقول ليك كتحتني) برأيي الحكومة هي صاحبة المبادرة والاقتراح جاء من الرئيس مباشرة ان لم يكن هناك جدية ما الداعي لقيامه من الأساس، علماً بان هذه الأزمات قائمة من 89 أزمة تلو الأخرى ولم يتغير شيء المعارضة التي تحمل السلاح أيضاً لم تحرز اي نتيجة في المنابر العالمية. عفواً المعارضة التي تحمل السلاح برهنت عدم جدية الحكومة بعدم توفير الضمانات اللازمة للمشاركة في الحوار؟ الحكومة الحالية أتت أيضاً بقوة بالسلاح من ثم قامت بعمل آليات قننت بها وضعها ومن البندقية تحولت إلى مجتمع مدني وحزب وكذا لأن طبيعة الدنيا بها متغيرات المعارضة المدنية ليس لها حل أو بدء سواء الحوار والانتخابات، أما العسكرية فلها وسائل غير مشروعة البندقية وغيرها، منذ الاستقلال لم يعرف السودان تراضي سياسي وحتى الآن لم يوجد حزب ديمقراطي الأحزاب الموجودة جاءت نتيجة ظروف محددة، أما المعارضة السودانية التي تحمل السلاح من حقها ان تطالب بضمانات طالما الحوار داخل السودان والمعارضة جزء منهم مُحاكمين ولهم قضايا لا بد للحكومة من توفر الضمانات اللازمة لهم، دخول ثامبو امبيكي في الحوار من أجل هذا السبب واقناع المعارضة بقبول الحوار وانا ضد اي حوار يُدار خارج السودان لأنه يحمل أجندة خارجية. كيف تنظر إلى الاتفاق الذي تم بين المهدي والجبهة الثورية (إعلان باريس)؟ حزب الأمة هو حزب سياسي، أما الجبهة الثورية فهو حزب يحمل السلاح لا توجد علاقة بين الاثنين من ناحية قانونية اول ما توقع على حزب سياسي ليس لديك الحق من التعامل مع أي معارضة عسكرية ومن ناحية سياسية فهي قراءات المهدي له مطلق الحرية داخل السودان أفضل من ذلك لا يجد إضافة له أبناء اثنين مشاركين في الحكومة الأول مساعد الرئيس والآخر ضابط بالأمن لو قدر الامور تقديرياً صحيحاً قبل الاقدام على هذه الخطوة، اضافة الى ان الجبهة الثورية الحكومة كانت لها تجارب سابقة معها التجمع الوطنى جلست مع جون قرنق وعندما جاء هنا لم يعيرهم أي اهتمام اتخذهم مطايا فقط حتى يصل للسلطة، ينطبق هذه التجربة على المهدي لا يعقل أن يقاتل عقار ومني وجبريل طيلة الفترة الماضية وفي نهاية المطاف يسلموا السلطة بعد وصولهم الخرطوم للصادق المهدي. عفواً لكن الحكومة جلست وفاوضت الجبهة الثورية في أديس أبابا؟ نعم فاوضت وحتى الآن تحاول معهم لأنها الحكومة وليس حزب سياسي، الحكومة هي من تمنحهم حقوقهم التي يطالبون بها مروراً بالوصول إلى اتفاق وبرامج محددة الحزب ليس لها أي شيء إلا ان تركب في سرج الثورية وتعمل معها في برنامجها، لكن الحكومة تفاوض وتأخذ وتعطي حتى الوصول إلى اتفاق ولنفترض وصول الجبهة الثورية إلى الحكم هل يعقل مشاركة المهدي في حكمهم قطعاً لا الجبهة لهم ضحايا ورجال من الاهل قتلوا في الميدان وأشياء كثيرة، اضافة الى الثورية تتحدث عن قضية الهامش المهدي لم يكن من الهامش ينتمي إلى المركز، والمهدي لو أراد معارضة الحكومة عليه المطالبة بحكومة انتقالية وتغير النظام من الداخل ولكن ليس من حقه الانضمام للثورية علماً أنه معارضة عسكرية تحمل السلاح الشيء الذي تعتبره الحكومة غير مقبول وغير قانوني أيضاً.
