برقو الرجل الصالح    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد عمليات تأهيل مطار عطبرة ويوجه بافتتاحه خلال العام    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    هيومن رايتس ووتش: الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً ضد المساليت.. وتحمل حميدتي وشقيقه عبد الرحيم وجمعة المسؤولية    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    أفضل أصدقائي هم من العرب" :عالم الزلازل الهولندي يفاجئ متابعيه بتغريدة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    تكريم مدير الجمارك السابق بالقضارف – صورة    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    بأشد عبارات الإدانة !    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    السودان.. مجلسا السيادة والوزراء يجيزان قانون جهاز المخابرات العامة المعدل    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    ضياء الدين بلال يكتب: نصيحة.. لحميدتي (التاجر)00!    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    شاهد بالصورة.. شاعر سوداني شاب يضع نفسه في "سيلفي" مع المذيعة الحسناء ريان الظاهر باستخدام "الفوتشوب" ويعرض نفسه لسخرية الجمهور    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا نأكل لحوم محرمة في العاصمة أ. د. موسى تبن موسى
نشر في الانتباهة يوم 06 - 11 - 2014

شاهدت قبل فترة صورة منقولة بجوال لشابين يسلخان حماراً فوق لوح زنك في الخرطوم. كتبت بعد ذلك أكثر من صحيفة عن ظاهرة ذبح كلاب وحمير لاستهلاك الإنسان في العاصمة. وعرضت صحيفة أخبار اليوم صوراً تثبت صحة الوقائع. انتشر وذاع الخبر على نطاق واسع في العاصمة (بالرغم من أن الظاهرة نادرة ومحدودة)، وربما كان له آثار سيئة في نفوس بعض مستهلكي اللحوم. لا نود الترويج لظاهرة عرضية، لكن يجب وضع حد لأي ظاهرة شاذة مبكراً وأخذ الأمور مأخذ الجد. يهم هذا الموضوع الأطباء البيطريين لأنهم المسؤولون عن صحة وسلامة اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى، ويهم العاملين في مجال الصحة العامة في ولاية الخرطوم وكذلك عامة الجمهور.
أجيب في هذا المقال على بعض الأسئلة الملحة عن هذه المسألة، وأوضح دور الطبيب البيطري في تأمين سلامة المنتجات الحيوانية، وفي كيفية محاربة هذه الظاهرة الشاطة قبل ان تستشري، ولكسب ثقة المجتمع في المنتجات الحيوانية.
السؤال الأول: ماهي الظروف التي أدت إلى محاولة غش الجمهور بلحوم كلاب وحمير؟
أصبحت الخرطوم عاصمة السودان، مدينة رئيسة كبيرة على نطاق البلاد يبلغ عدد سكانها بملايين (Metropolitan city)، وهذا الاتساع والزيادة الكبيرة في سكانها سوف تصاحبها بعض الآثار السالبة كما هو الحال في كل المدن الكبيرة في العالم. وفد الناس إلى الخرطوم من كل أنحاء السودان، ومن دول كثيرة في غرب، ووسط افريقيا لأسباب اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وأمنية ونتيجة للتغيرات المناخية، والبيئية والحروب. جاء كل هؤلاء بعاداتهم، وثقافاتهم، وتقاليدهم المتباينة، ومعتقداتهم الدينية والوثنية، وسكنوا في أحياء معينة من العاصمة دون سواها، خالطوا فيها الناس الموجودين وشكلوا مجتمعات جديدة متعددة الثقافات، غير متجانسة في السلوك، والطبائع، والعادات وربما في سبيل كسب العيش. تغيرت اقتصاديات سكان الخرطوم تدريجياً وصلت ذروتها في سنتي 2013م و2004م لعدة أسباب أهمها تدني الإنتاج بسبب الهجرات المكثفة من الريف إلى الحضر، وارتفاع أسعار الدولار مقارنة بالعملة السودانية والذي أدى الى توالي زيادة أسعار كل السلع، ومنها بالطبع اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى. تحول الملايين الذين قدموا الى الخرطوم الى مستهلكين بدلاً من ان يكونوا منتجين يزرعون المحاصيل الزراعية الغذائية والنقدية، ويربون كل أنواع الماشية والدواجن، وامتهنوا السمسرة في كل أنواع المنتجات الزراعية والثروة الحيوانية ومختلف السلع التجارية في الأسواق في العاصمة، ولا عيب في ذلك فهذه تغيرات طبيعية، لكن كانت هذه التحولات من أهم أسباب الغلاء. أثرت هذه التطورات على معايش سكان العاصمة فغدا السواد الأعظم منهم لذلك السبب، يعاني من شظف العيش، والحاجة، والبطالة، وعدم تكافؤ الدخول بالمنصرفات، ولذلك ظهرت ممارسات وعادات ومظاهر سالبة كثيرة في المجتمعات.
السؤال الثاني ما هي أبعاد التغيرات الديمغرافية على نمو الثروة الحيوانية؟
ترتب (بالتأكيد) نتيجة للمتغيرات الديمغرافية التي أشرنا إليها، نقص في معدلات نمو الثروة الحيوانية في المناطق التي شهدت وتشهد نزاعات وحروب في السودان، فسكان دارفور الذين نزحوا من قراهم ومناطقهم، كانوا يزرعون المحاصيل الغذائية والنقدية، ويربون الدواجن وكل أنواع الماشية من ماعز، وضأن، وأبقار وإبل، وكانوا مكتفيين ذاتياً، ويبيعونها في الأسواق المحلية والولائية والقومية. ذكرت تقارير مؤسسة الماشية واللحوم أن دارفور وحدها كانت تسهم بجملة 49% من جملة الأبقار التجارية في السودان في ثمانينات القرن الماضي. تدنت تلك الإمدادات وصار الجميع في مناطق النزاعات والحروب يحصلون على احتياجاتهم من منتجات زراعية وحيوانية خاصة اللحوم من الأسواق، وأثر هذا بالتأكيد على الكميات المعروضة فيها. تأثرت الزيادة السنوية للماشية خاصة الأبقار في القطاع الرعوي التقليدي الذي كان يعتمد على المسار والرعي بعيداً في دول الجوار القريبة والبعيدة نتيجة للمتغيرات السياسية، لأن معدلات النمو كانت هي الأعلى ومعدلات النفوق الأدنى في هذا النمط من التربية مقارنة بالتربية التقليدية المستقرة، وذلك حسب الدراسات التي أجراها بيت خبرة بريطانية في جنوب دارفور في سبعينيات القرن الماضي. أثرت الحروب القبلية والنزاعات في ولايات دارفور في سبعينيات القرن الماضي. أثرت الحروب القبلية والنزاعات في ولايات دارفور، وكردفان والنيل الأزرق أيضاً، على الثروة الحيوانية نتيجة لعدم الاستقرار، وتكدس الرعاة في مناطق دون سواها (وهذا يؤدى إلى انتشار أمراض الحيوان)، ولأن الماشية كانت هي الهدف الثاني بعد الإنسان في تلك الظروف، ونتيجة لدمار البيئة الرعوية بالقطع الجائر للأشجار بواسطة الرعاة أنفسهم والحرائق لأسباب متعددة. سمعت خبرًا في التلفزيون في شهر أكتوبر هذا العام، مفاده ان الغابات في دارفور تراجعت إلى «10%» (وإزالة الغابات تؤدي إلى قلة الأمطار، وتأثر مجاري الوديان العليا بزيادة الجريان والسفلي بالاضمحلال). أثرت كل تلك الظروف، بجانب التغيرات المناخية، على أعداد الماضية (ما عدا في المناطق المستقرة)، وعلى كمياتها المطروحة في الأسواق المحلية، والولائية والقومية، وبالتالي على كميات تدفقها نحو العاصمة لذلك ارتفعت أسعارها مقارنة بسابق عهدها، رغم ظروف الأسعار الحالية. تحدث ندرة سنوية في انسياب الماشية التجارية من الولايات إلى العاصمة القومية وأواسط البلاد عامة بعد شهر أبريل من كل عام، لقلة أو انعدام المراعي في طرقها التجارية، ولابتعاد الرعاة بعيداً عن الأسواق. زادت أسعار الأعلاف (Fodders)، والذرة والأمبازات، والعلايق في سنة 2014م، وهذه الزيادة ربما تكون قد أقعدت تجار الماشية، وأصحاب المعالف من الاحتفاظ بكميات كافية من الماشية تغطي فترة الندرة، وإن فعلوا فإن ذلك قد كلفهم تكاليف باهظة. ساهمت كل تلك الظروف في ندرة الماشية وارتفاع أسعار اللحوم قبيل الخريف في أسواق العاصمة.
السؤال الثالث: هل كانت تلك الظروف مبررة لغش الناس بلحوم كلاب وحمير؟
النمو السكاني المطرد في العاصمة يؤدى إلى ظهور فئات قليلة شاذة، غير ملتزمة أخلاقياً ولا دينياً، تدفعها البطالة، والحاجة، وشظف العيش، والجهل، وربما بعض الثقافات الموروثة أو المكتسبة أو نزعة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، إلى ارتكاب جرائم بشعة مثل هذه مستغلة ظروف ارتفاع أسعار اللحوم، وعدم ملاءمة العرض والطلب، وغفلة الأطباء البيطريين والسلطات الصحية بعدم توقعهم حدوث مثل هذه الظواهر، وحرص الفئة على إخفاء جرائمها في أماكن معزولة.
السؤال الرابع: هل توجد ظواهر أخرى سالبة على هذه الشاكلة في السودان؟
توجد ظواهر أخرى شاطة وان كانت قليلة جداً، مثل بيع دواجن وحيوانات ميتة (غير المذبوحة)، ونسمع ذلك دائماً، وغش الناس بلحوم ماعز وإبل بدعوى أنها ضأن وأبقار، وحيوانات مسنة باعتبارها عجول أو حملان، على التوالي، وكل هذه ممارسات غش.
السؤال الخامس: ماهي مضار لحوم الكلاب والحمير ولحوم الحيوانات الميتة؟
(أ) لحوم الكلاب والحيوانات الميتة (غير المذبوحة) محرمة في الكتاب والسنة، ولحوم الحمير محرمة في السنة، وهذه أمور واضحة لا تحتاج لتبرير بالنسبة للمسلم. (ب) تنقل الكلاب والحمير والحيوانات الميتة، أمراضاً كثيرة، فالكلاب تنقل أمراض فيروسية خطيرة للإنسان مثل السعر، بكتيرية مثل السالمونيلا، وفطرية مثل التهابات جلدية، وطفيليات (أطوار ثانوية) مثل الأكياس العدارية، ويرقات الديدان التي تتحرك في الأحشاء (Visceal Larva migrant) التي تسببها ديدان الكلاب، والاولى مثل القارديا والكلازار. وتنقل الحمير امراضاً خطيرة ايضاً. بكتيرية مثل البكتيرية السبحية الخيلية والرعام، وفيروسية مثل حمي النيل الفيروسي، والتهابات الدماغ الخيلي، وأمراض فطرية، وحشرات تسبب النغفية مثل يرقات الذبابة الخيلية، اما الحيوانات الميتة فتنقل امراض مثل الجمرة الخبيثة، وكل ما يمكن ان يسبب التهابات واضطرابات الأمعاء وحالات تسممية. (ج) تسبب الحيوانات حساسيات. (د) لكل إنسان رغبة شخصية فيما يأكله من لحوم حلال ويجب ألا يفرض عليه اخرون غيرها. (ذ) تسبب ممارسات ذبح كلاب وحمير نفوراً للناس من اللحوم المألوفة الضرورية لغذاء وصحة الإنسان. (ز) وكساداً في لحوم سليمة نظيفة كلفت القائمين على خدمة المجتمع مبالغ باهظة. (س) من الظلم أن يشترى الشخص بحر ماله لحوم مغشوشه لا يرغبها. (ش) ظهرت اخطر امراض العصر الحديث مثل نقص المناعة المكتسب والإيبولا نتيجة لأكل الناس حيوانات محرمة مثل الشمبانزي والقرود على التوالي.
السؤال السادس: ما هو دور الطبيب البيطري في حسم مثل هذه الممارسات؟
يجب أن يوجد طبيب بيطري، وفني، وتقاني وضابط صحة مسؤولين عن صحة وسلامة اللحوم، في أي مدينة ومحلية وسوق قرية في السودان، وواجباتهم تفتيش الحيوانات الحية المعدة للذبح للتأكد من انها سليمة غير مصابة بأي مرض أو كسور أو جروح، وان الإناث ليست في مراحل حمل أخيرة، أو ليست في مرحلة إنتاج ويوجد تصريح بذبحها. تفتش الحيوانات التي أجيزت في الكشف الحي بعد الذبح للتأكد من انها غير ضعيفة، ولون، ورائحة وملمس لحومها طبيعية، واذا وجدت تغيير في لون الذبيحة بسبب يرقان او احتقان دم او إذا كانت الذبيحة غير لائقة تباد. تفتش الغدد اللمفية، وكل أجزاء أعضاء، واعضاء، واحشاء الذبيحة، وكل العضلات للتأكد من خلوها من الامراض مثل السل بأنواعه، والالتهابات الصديدية وغير الصديدية، وحويصلات الديدان الشريطية، والديدان الكبدية، والاكياس العدارية والحالات المشابهة الأخرى، وحالات التحجر والتليف، ثم إبادة كل ماهو غير لائق لتقديم لحوم سليمة خالية من كل ما ينفر منه الإنسان، تختم الذبائح التي فحصت بأختام بألوان مختلفة، ويخصص لكل نوع حيوان صبغة ختم معين. يتولى عمال الصحة ابادة كل ما استبعد والتأكد بعد ذلك من صحة اللحوم المعروضة في الجزارات. فاذا اتبعت هذه الاجراءات كان الناس في أمان ويمكن ان يثقوا في اللحوم التي يشترونها. يحذر المواطن اذاً من شراء لحوم خارج هذا الاطار، ويجب ان يتعاون الجميع في الاحياء والاسواق بالانتباه وإبداء الملاحظات فيما يعتبرونها أموراً غير عادية لحماية المستهلك.
السؤال السابع: كيف تصل مثل تلك اللحوم المغشوشة إلى الأسواق؟
التقارير والصحف لم تشر إلى وصول لحوم كلاب وحمير إلى الأسواق. والكثير من الجزارات تعرض ذبائح كاملة لضأن وأبقار وخلافها لا يشك فيها أحد. واعتقد ان تلك الممارسات الشاذة ربما كانت في الاحياء التي تشهد ذبح حيوانات خارج اطار التفتيش (الكيري) فقط. ويكون لائقاً ان تقوم السلطات الصحية بالتأكد من وجود ذبائح كاملة في الجزارات ما امكن او اجزاءها المختومة. تغيير الاختام والصبغ المستخدمة فيها. والمصرحة بها يومياً (لتفادي الغش) ربما يكون مفيداً لمحاربة كل مظاهر الغش، وواجب الجميع التعاون لمكافحة هذه الممارسات الضارة بالصحة.
السؤال الثامن: هل توجد مثل هذه المظاهر السالبة في دول أخرى وما هي؟
أقول نعم، تكشف البوث العلمية المنشورة ممارسات مشابهة كثيرة خاصة في الدول النامية، وبدرجة اقل في الدول المتقدمة، فقد نقلت وسائل الاعلام في دولة في غرب اوربا في 14 أبريل 2013م اكتشاف خط لحوم خيول بلحوم ابقار في بعض الشركات الكبيرة تباع للجمهور كلحوم ابقار، لحوم الخيول متاحة في كل اوربا وحتى التي خلطت بلحوم الابقار هي لحوم مشروعة وقد شملها الكشف الكي والميت ولم تشكل مخاطر صحية، وفي العادة تباع جنباً إلى جنب، ولكن كانت المشكلة تجاوز المواصفات بخلطها نتيجة للجشع لأن لحوم الابقار هي الاعلى ثمناً، تحاول الدول الاوربية الالتزام بالمواصفات ومراعاة متطلبات ورغبات ومزاج المستهلك. يتم تداول لحوم الكلاب في بعض الدول الاسيوية لاستهلاك الإنسان. ولكن كشفت التقارير ممارسات سالبة كانت في دول تقديم دجاج نافق (فطيس) في فنادق فاخرة، وحفظ اسماك والبان بفورملين، وبيع لحوم ابقار تحمل ديباجات لحوم ابقار مستوردة، ولحوم مصابة بمرض الجمرة الخبيثة للاستهلاك الآدمي. وكانت أكثر انواع الغش في دولة اسيوية كبرى، خلط لحوم ذبائح شملها الكشف البيطري بأخرى لم تشملها، ورديئة او قليلة القيمة بذات نوعية عالية وعرض لحوم خيول او جاموس كلحوم ابقار، وتسويق لحوم قطط كلحوم دجاج او ارانب، وماعز كضأن، وكلاب وقطط بدلاً من حيوانات اخرى، ويقول المصدر ان نسبة عالية من اللحوم في تلك الدول كانت مغشوشة، أدت تلك الممارسات الى ابتكار طرق لتفتيش اللحوم ومنتجاتها لضبط حوادث الاحتيال والجشع باستخدام تقنيات كثيرة بنجاح نوضحها في السؤال العاشر.
السؤال التاسع: إذاً من يحمي المستهلك؟
تطور عمل الطبيب البيطري واصبحت من ضمن واجباته الاهتمام بتفتيش وصحة وسلامة الأغذية، أصبحت ممارسة الطب البيطري في الدول المتقدمة تعتمد على اختيار الطبيب البيطري لمجال يحب العمل فيه بعد التخرج، ويؤهل بكورس إضافي لتجويد رغبته، ومن هذه الكورسات الإمدادات الغذائية (Food supply) تأهله للاهتمام بكل ما يتعلق بالأغذية: مصادرها، ونوعها، وتفتيشها، وسلامتها، ومتابعتها، وطرق حفظها والمحافظة على صحتها، ويطبق في ذلك كافة المعارف البيطرية ومنها بالطبع على سبيل المثال، معرفة نوع اللحوم المعروضة او المطبوخة او المعلبة او المخلوطة والتأكد من سلامتها. يوجد اهتمام عالمي خاص بهذا النوع من المسارات في الطب البيطري لان الأغذية يمكن ان تنقل امراضاً كثيرة وخطيرة، ولان لكل انسان مطلوبات محددة في نوعية الأغذية التي يتناولها دون سواها لأسباب صحية او دينية او رغبات شخصية يجب احترامها، ولأن عولمة البضاعة يمكن ان تسبب كوارث صحية عالمية مثلما حدث في نشر انفلونزا الطيور لذلك أدرجت جامعات كثيرة وسوف تفعل الاخرى مواضيع نوعية الأغذية وسلامة الأغذية في كورس الصحة العامة أو كورس منفصل في مناهجها.
السؤال العاشر: كيف يمكن التفريق بين لحوم أنواع الحيوانات المتعددة؟
فيما يختص بمكافحة كل الممارسات السالبة في تجارة اللحوم ومنتجاتها. تطبق الدول الآن أكثر من «25» طريقة مختلفة لكشف التزوير والغش واللحوم الفاسدة لاستهلاك الإنسان وكافة أنواع التلاعب، منها الخواص الجسمانية (physical properties) مثل: اللون، والملمس، والرائحة، ولون ورائحة وملمس الدهن (Fat)، ولون نخاع العظم وإلزام وجود اعضاء الجسم الاخرى متى كان ضرورياً، والخواص التشريحية مثل عدد الأسنان، والضلوع، والفقرات، وشكلها، والأشكال النسيجية مثل الياف العضلات والخواص الكيميائية، مثل المواد الموجودة في اللحوم (وهذه الخواص الجسمانية والكيميائية تختلف من حيوان لآخر)، والاختبارات البيولوجية ومنها تفاعل الأجسام المضادة بالضد، وتحاليل البروتينيات، والتعرف على الحامض النووي لكل نوع حيوان وتشمل هذه الاختبارات، الترسيب، والمثبت المكمل، واختبارات الإليزا المختلفة، وتحاليل البروتينات الكثيرة مثل الترحيل الكهربي، وتطبيق تقانات الأحياء الجزئية المختلفة مثل أنواع تفاعل البلمرة المتسلسلة، تفرق كل هذه الاختبارات بين لحوم الحيوانات المختلفة حتى المطبوخة، في درجات حرارة معينة، وحتى إذا كانت لحوم حيوانات كثيرة مخلوطة مفرومة، بجانب اللحوم المجففة، والعظام المطحونة والعلايق ومكونات لحومها. يطبق الغرب هذه المواصفات بصرامة، وما اكتشاف لحوم الخيول المخلوطة بلحوم الابقار الا نتيجة للتقنيات المتطورة والمتابعة المستمرة، تجود في كل أو معظم المطارات في الدول المتقدمة، مختبرات لفحص الأغذية المستوردة قبل ادخالها داخل البلد لسلامة الإنسان والحيوان والبيئة. يمكن الكشف عن الدجاج والحيوانات النافقة بالرائحة، واللون، وكميات الميكروبات الموجودة فيها، والدم المحتقن وبطرق اخرى كثيرة، تواجه ولاية الخرطوم كل الجهات ذات الصلة في العاصمة، تحديات كبيرة لتأمين سلامة الأغذية لتجنب حدوث كوارث، (فقد ذكرت صحيفة السوداني الصادرة يوم 27/10/2014م، أن عدداً من المؤتمرين الذين حضروا المؤتمر العام للمؤتمر الوطني قد تعرضوا لتسمم بسبب تناولهم وجبة دجاج، ومعروف ان بعض امراض او ملوثات الدواجن مثل السالمونيلا والكامبلوباكتر، تسبب إصابات بالغة وقد تكون قاتلة)، وآمل ان يجد موضوع سلامة الأغذية اهتماماً بالغاً، ويكون ضروري جداً ان نبدأ في السودان، ادخال تفتيش الأغذية المعروضة والمصنعة، باستخدام الطرق التي ذكرناها لضبط الامور، وكسب ثقة المستهلك دائماً في منتجاتنا الوطنية وفي المستوردة، تتوقع منظمة الأغذية والزراعة العالمية ان تبلغ الحاجة إلى البروتين الحيواني ذروتها في العالم بحلول سنة 2020م لقلة العرض، وهذه مسائل تتطلب اليقظة والاستعداد لتلافي تفاقم حالات الغش. أتمنى في الختام ان تتطور المناهج البيطرية لتطوير الخدمات البيطرية لمواجهة تحديات المستقبل ومثل هذه المظاهر السالبة لتأمين مصالح الأفراد، والمجتمعات ولدواعي الصحة العامة. يحمي الطبيب البيطري الإنسان من أمراض كثيرة من خلال اداء رسالته في محاور ومسارات المهنة. والحقيقة الحاسمة هي ان للمهنة البيطرية مسؤولية مهمة في ترقية وتأكيد صحة ورفاه الحيوان، والصحة العامة، ليس من خلال انتاج غذاء سالم وصحي وأمن فقط.. ولكن أيضاً بعمل البيطريون في السطح البيئي لصحة الإنسان والحيوان، ولدورهم المهم كذلك في تقديم الخبرة، والمعرفة للجمهور العام والمستهلك، ومربي الحيوان وصانعي القرار، تعتبر المهنة البيطرية لكل تلك الأسباب بأنها تمارس نفس المسؤوليات مثل أي مهنة صحية أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.