يعتبر الشتاء من فصول السنة التي تعاني منها بعض الطبقات في السودان وخاصة الفقيرة، والتي تتمنى شروق الشمس حتى تنتهي معاناتهم الليلية من البرد القارس الذي لا يملكون الأدوات المناسبة لمجابهته، بالرغم من وجود الكثير من المنظمات والجمعيات الخيرية ومقدرتها على توفير الكثير من مستلزمات الشتاء من أغطية دافئة وملبوسات شتوية «بطاطين وسيوترات» ولو مستعملة تخفف من معاناتهم. ويقضي العديد من المتشردين والأسر النازحة أمسيات عصيبة وصعبة خاصة وأن العاصمة لا تتوفر فيها ملاجئ خاصة بهم، الا القليل من الشباب والخيرين الذين يقدمون بعض الملابس والأغطية لهم، لكي تخفف القليل من معاناتهم في هذا الفصل هذا جعلهم يقومون ببعض التدابير البسيطة التي تنجيهم من ويلات البرد، فيما يكون الشتاء فصلاً محبباً لكثير من السودانيين وخاصة بعد عدة شهور صيفية تكون فيها درجات الحرارة مرتفعة تصل لدرجة قد تعيقهم في تحركاتهم وقضاء حوائجهم اليومية. فصل الشتاء في الشمالية شمال السودان من أكثر المناطق برودة ففي فصل الشتاء يتعرض لنوبات برد شديدة يحتاج لكثير من الإعدادات المسبقة له، فسكان الشمال من أكثر الناس اهتماماً بالبرد فهم يدركون جيداً المعاناة الشديدة التي تكون في انتظارهم ولهذا نجدهم يهتمون في ترميم منازلهم قبل فصل الشتاء، وخصوصاً النوافذ والأبواب وسد جميع فتحات التهوية وشراء المستلزمات المنزلية حتى لا يخرج شخص في الليل، كما أن الفحم والحطب من أهم الأشياء وتجهيز مواقد الفحم «المنقد» فلابد من وجوده في الغرفة في الليالي الشتوية فلن يستطيع أحد النوم من دون إشعال النار، فيما قراصة البلح من أهم الأطعمة الشتوية فهي خير ذات للبرد القارس. «مهند هاشم» قال فصل الشتاء في الشمالية صعب للغاية فلابد من التجهيز له والا سوف تعاني منه فلابد من سد كل الفتحات الموجودة في الغرف، خاصة وأن الشتاء يأتي بعد الصيف والذي يكون ساخناً ولهذا يوجد في منازل الشمالية الكثير من فتحات التهوية للصيف وعندما يأتي الشتاء نسد تلك الفتحات بجوالات الخيش حيث نثبتها جيداً بالمسامير ولأن بلدنا تكون حارة في الصيف وباردة في الشتاء، لابد من وجود فتحات التهوية ونسدها في الشتاء وعندما يعود الصيف يكون من السهل نزع تلك الجوالات ولكن بعض الناس لديهم القدرة فيكون لديهم غرف شتوية وأخرى صيفية. وبعد فصل صيف ساخن يعتبر السودانيون أن الشتاء هو فصل الربيع خاصة الذين يعملون في الأسواق والموظفون والطلبة، يجدون صعاب كثيرة في المواصلات ويتحركون في ساعات النهار حيث تكون أشعة الشمس مرتفعة الحرارة.. فيما يرى محمد الفاتح وهو يعمل في السوق الشتاء أفضل بكثير من الصيف، حيث الحرارة المرتفعة التي تجعل المزاج معكراً وكل شخص يتحاشى التعامل مع الثاني، أما في الشتاء يحدث العكس ونحن نعمل في السوق نحس الفرق بين الشتاء والصيف. وقال عاطف إن الشتاء فصل رغم قصره في السودان لكن يحدث بعض التغيرات في المجتمع فالناس تعد العدة له خاصة شراء الأغطية والملابس الثقيلة، والبطاطين تكون مركونة لشهور طويلة نجد الكثير من الأسر تقوم باستخراجها وغسلها مع وتتغير أماكن نومهم من النوم في الحوش لداخل الغرف. وقالت سارية إن البرد يكون وقعه قاسياً على الأطفال وخاصة الذين يذهبون للمدارس، ولهذا يجب التحضير له مبكراً فنقوم بشراء الأغطية والملابس في الصيف لأن سعرها يكون أقل من سعرها عندما يدخل فصل الشتاء، وبالأخص البطاطين كما فصل الشتاء يحتاج فيه الناس لأكل كثير، ولهذا يجب إعداد الكثير الطبخات وشراء الكثير من المواد التموينية قبل الشتاء الطويل. الشتاء عند الفقراء والمشردين وعلى النقيض يشكل فصل الشتاء عبئاً كبيراً على كاهل الأسر الفقيرة والمشردين، ففي هذا الفصل تجد هذه الطبقات نفسها أمام مشاكل كثيرة ودخول بنود صرف جديدة على مصروفاتهم التي تعاني في الأصل من خلل، ويتفاقم الوضع بالنسبة للمشردين والذين لا يملكون بيوتاً ومأوى فيكون البرد من ألد أعدائهم، عكس الصيف الذي يكون أكثر سهولة رغم حرارته العالية. وقالت مريم وهي أم لستة أطفال، الشتاء صعب وقاس، فنحن لا نملك الملابس والأغطية التي تعيننا على تحمل البرد ولهذا ويقتصر استعدادنا على ترقيع الملابس المتوفرة لدينا وحياكتها جيداً وتطويلها وتقصيرها على حسب الحاجة، فلو كبر واحد من أولادي يهدي ملابسه للأصغر منه وهكذا هو الحال. تجربة خاصة مع الشتاء وفي أقصى الأماكن قضى بكري عباس شتاءً هو وأصدقاؤه لن ينسوه قريباً، ففي مناطق البحث عن الذهب في الشرق والشمال حيث الصحراء والبرد القارس، فمنذ تم اكتشاف الذهب في تلك المناطق أصبحت مكاناً لكثير من الشباب فقال بكري كنا ندري أن الشتاء في تلك الأصقاع شديد حملنا معنا أمتعتنا اللازمة لمواجهته من بطاطين وملابس صوفية، ولكن عندما كنا في قلب الصحراء ومنذ أول ليلة لم تجد البطاطين ولا الملابس الجلدية نفعاً، فلم نستطع النوم بل كدنا نموت من البرد لولا لطف الله بنا وعلمنا أن طريقة النوم في الصحراء تستدعي أن نحفر في الرمال وندفن أنفسنا حتى نجد الدفء، وهي الطريقة التي يتبعها كل الذين يعملون هناك، أنا شخصياً لم أستطع التحمل وعدت فوراً وقررت الرجوع في الصيف.