هرع السودان بوفد رفيع المستوى يقوده وزير الخارجية علي احمد كرتي الى دولة ليبيا بشقيها «حكومة طبرق و حكومة طرابلس» لاجل بحث عملية الحوار الوطني و تحقيق المصالحة الشاملة التى تعيد مسار ثورة (17) فبراير الى طريقها الذي اختاره الشعب الليبي ضد الرئيس المخلوع معمر القذافي، وتهدف زيارة الوزير علي كرتي لتحقيق اختراق شامل في الملف الذي بدأت تعبث به بعض ايدي دول الجوار الاقليمي والدولي عبر مخططات كان آخرها دعاوى التقسيم التى ظهرت بعد هزيمة قوات الانقلابي خليفة حفتر والدول التى ترعى مخططاته ضد ليبيا الثورة. مساعى الخرطوم الجادة تهدف لتحقيق مصالحة شاملة بين الاخوة الليبيين خاصة انها تقف على مسافة واحدة بين الطرفين ما يؤهل السودان بنجاح مبادرته خاصة ان الايادي التى ساهمت في تقسيم السودان تسعى خلال هذه الايام لاعادة نفس السيناريو السوداني في دولة ليبيا الشقيقة ، لذا كانت أهمية جولة وزير الخارجية الى «حكومتي طبرق وطرابلس» لان السودان يعد المرجعية الوحيدة لثوار ليبيا باطرافهم المختلفة بجانب انه الوحيد المؤهل للعب دور في المسرح الليبي ، هذا والتقى وزير الخارجية علي كرتي برئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح قويدر ومسؤولين ليبيين، امس الإثنين، بمقر مجلس النواب لبحث سبل دعم الحوار الوطني وتحقيق المصالحة في ليبيا، وبحسب ادارة الاعلام بالمجلس الليبي فان الجانبين بحثا العلاقات الثنائية بين البلدين، ودور السودان في دعم الحوار الوطني وتحقيق المصالحة في ليبيا ، كما نقلت ادارة الاعلام عن وزير الخارجية كرتي قوله إنه جاء إلى مدينة طبرق بتكليف من الرئيس عمر البشير حاملاً رسالة سلام وأخوة للشعب الليبي من أشقائه في السودان، كما أضاف كرتي أنه لمس من خلال لقائه برئيس مجلس النواب الليبي، ووزير الخارجية في الحكومة المؤقتة توجهاً حقيقياً للحوار، والصلح وتسوية الخلافات بالطرق السلمية مشيراً إلى دعم السودان، ودول الجوار للحوار الوطني من أجل الوصول إلى السلام في ليبيا، وعقب زيارة طبرق توجه وزير الخارجية السوداني الى مدينة طرابلس حيث التقى كرتي برئيس وزراء الحكومة عمر الحاسي حيث بحث معه دعم الحوار الوطني وتحقيق المصالحة في ليبيا ، وفي السياق نفسه قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير يوسف الكردفاني ل«الإنتباهة»، إن زيارة الوزير كرتي تهدف لاجل الوقوف على طبيعة الاوضاع في ليبيا وتلمس وجهات النظر توطئة الى ان يلعب السودان دوراً في تقريب نقط الخلاف بين الاطراف المعنية بليبيا ، وتوقع الكردفاني بان تسهم الزيارة بتهيئة الاجواء مناسبة للحوار والتفاوض بين الاطراف الليبية ما يدعم الجهود للتوصل لتسوية سليمة تحقق رأب الصدع بينهم ، لان السودان بحسب السفير الكردفاني ابدى رغبته وسعيه للتوسط بين الفرقاء الليبيين خاصة انه يقف على مسافة متساوية بين الجميع لاجل تحقيق السلام بليبيا. وكانت تقارير تحدثت مؤخراً بان السودان يسعى للعب دور محوري في تقريب وجهات النظر بين الاطراف الليبية خاصة عقب زيارة رئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني الى الخرطوم ، حيث يتمتع السودان بخلاف دول الجوار الليبي بميزة قبوله من جميع اطراف النزاع بجانب أنه مستعد لاستقبالهم جميعاً لايجاد تسوية كاملة بينهم لتحقيق السلام في ليبيا. مخاوف السودان من اعادة انتاج سيناريو التقسيم في ليبيا تأتي بعد محاولات التدويل الجارية في الغرب لتقسيم ليبيا، حيث يدور في الأوساط المصرية والأمريكية لا سيما الأوروبية حول تقسيم ليبيا، إلا أنه حتى الآن لا توجد تصورات جاهزة حول هذه الفكرة التي لم تكتمل بذورها لدى دوائر صنع القرار الأمريكي والفرنسي تحديداً، نظراً لأن مدن ومناطق شرق ليبيا مقطعة بطريقة لا تسمح بخلق دويلة صغيرة في شرق البلاد وترك حلفائها في غرب ليبيا لمصيرهم المجهول ، ووفقاً لمختصين في الجغرافيا السياسية فإن جنوب ليبيا الذي تحاول فرنسا مدّ نفوذها إليه وإقامة قواعد عسكرية قريبة منه، لن يستفيد شيئاً من مشروع تقسيم ليبيا لدويلات صغيرة رغم امتلاكه ثروات أولية هائلة، بسبب عدم وجود منفذ بحري له، إلا إذا عاد مشروع فزان الكبرى الذي يمتد من الجنوب حتى سرت حيث المنفذ البحري الأقرب والأوحد له على العالم الخارجي ، وهو ما يعني أن هذا المشروع يحتاج إلى سنوات من الاقتتال الداخلي حتى تتضح معالمه وتُرسم حدوده، لكن ليتم منع ذلك السيناريو فان على دول الجوار الليبي ايقاف كافة العقبات التى يمكن ان تفشل المبادرة السودانية ووضع المصالح العليا للمنطقة فوق المصالح الذاتية للانظمة، حيث تأمل بعض الدول في انقسام اقليم برقة لتحقيق مصالح نفطية عقب خسارتها الاقليمية، ما يحتم على السودان المواصلة في مبادرته بقوة حتى يتحقق الوفاق الشامل بين الاطراف الليبية.