أقرت وزارة النفط بدخول زيوت مغشوشة للمحركات والناقلات ووصفتها بالخطيرة بالنسبة للمركبات «يعني كبة واحدة وتسيحها على طول». وأشار الوزير زايد عوض في معرض حديثه للصحافيين عقب مقابلته للجنة العمل بشأن تجاوزات بدخول زيوت محركات، إلى تقاطعات بين المواصفات المحددة بالموانئ وإدارة المواصفات بالخرطوم. وقال إن الموانئ رفضت دخول الزيوت إلا أن المورد جاء للخرطوم وأخذ الموافقة بحسن نية «يعني أن المورد والجهة المصدقة في الخرطوم كانوا نيتهم حسنة وربما زي اللبن». وإن صدقنا الوزير في استقرائه لحسن النوايا في عملية التأشيرة الخضراء للزيوت المغشوشة أو على الأقل المشكوك في مواصفاتها، لكن السؤال الملح هو هل أجرت الخرطوم فحوصات دقيقة على الزيوت حين سمحت لها بالدخول بعد رفض الموانئ السماح لها، وهل هي تمتلك تقنية أعلى من التي في الموانئ أو كوادر أعلى تأهيلاً مما دعاها توافق على تمرير الزيوت؟ فإذا كانت الإجابة بنعم، لماذا لا توفر هذه الأجهزة الحديثة وتلك الكوادر المؤهلة للموانئ إذ هي الأدعى بالأحقية؟ كذلك أقر وزير النفط بعجز الوزارة عن معرفة مصادر الغش «يعني أشباح زي جماعة هيثرو»، وشدد على ضرورة إجراء مسح إحصائي لتحديد تلك المصادر وتوحيد مواصفات لأجهزة الرقابة «وبعد المسح إن شاء الله المصادر البهلوانية تتعرف». كما طالب الوزير بمراجعة التشريعات والقوانين من أجل عقوبات رادعة لمحاسبة العاملين في الغش التجاري، ولا شك أن هذه المطالبة أمر مطلوب من الناحية النظرية لكن المعضلة دائماً ليست في عدم وجود التشريعات، وإنما في الثغرات والأبواب التي تفتح بسبب تقاطعات في تحديد المسؤولية أو ما اعتبره الوزير حسن النية. لقد كان المأمول أن يعطي المركز اهتماماً كبيراً ودقة أكبر في منح التأشيرة للزيوت خاصة إذا كانت تلك الزيوت تم التحفظ عليها من بعض الموانئ، وألا تكون هذه العملية مجرد تأشيرة عابرة ولكن بعد دراسة فحص علمي عميق لتلك الزيوت والتشاور مع تلك الموانئ لتبادل الخبرات والمعلومات حول تلك العينات قبل الموافقة عليها، ذلك لأن حجب دخول شحنة من الزيوت لدواعي السلامة للمركبات والمحركات المختلفة يتضرر منها المورد لكن بالطبع فإن آلاف السيارات تكون قد استفادت من هذا المنع ونجت ماكيناتها من الخراب في وقت ارتفعت فيه أسعار قطع الغيار وصعبت الأحوال الاقتصادية لغالب الشرائح الاجتماعية. فضلاً على أن لهذا الأمر تداعيات سلبية على الاقتصاد بسبب استيراد قطع الغيار بالعملة الصعبة. وكانت ثمة أحاديث غير مؤكدة تحدثت في الفترة الماضية عن وجود زيوت غير مطابقة للمواصفات مما كان لها تأثير سلبي مباشر على العديد من المحركات، وإذا صحت اختبارات الموانئ بخصوص الزيوت الفاسدة وأخطأت الخرطوم في تأشيرتها الخضراء لهذه الزيوت «بحسن نية» فهذا يعني أن معظم المركبات خاصة الحديثة «جمال جمل الطين» قد تكون أكثر تضرراً من جيل سيارات ما بعد بيجو مكوي وأبو قدوم وما بعد الهنتر والكوامر الآن العاملة والصامدة بجدارة في مجال سحب العربات، فكل تلك المركبات القوية التي يطلق عليها أصحاب الفارهات بسخرية، أنها مسمة هي التي ستسلم من سرطانات الزيوت الفاسدة، فهي تتحمل الصدمة «زي ما قال المعلم رجب متحدياً صاحب حديدة فارهة: يا معلم عرباتنا دي لو كبينا ليها موية صابون بتدور، الكلام عرباتكم السمحة دي إلا تشوفوا ليكم دبارة مع حكاية الزيوت الفاسدة دي». وصدق المعلم رجب وربما أخطأ أصحاب «النية الحسنة».