أوردت صحيفة «الأخبار» السودانية أن القيادي بحركة الإصلاح صلاح حسن جمعة أقرَّ بوجود غواصات داخل حزب حركة الإصلاح، وقال في تصريحات صحفية إنه تم تحديدهم وحصرهم في إطار محدود وخاص، وستتخذ ضدهم الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، بينما نفى أن يكون الاختراق قد شمل المكتب التنفيذي للحركة. وكان المؤتمر الشعبي في العام الماضي قد اتهم المؤتمر الوطني بأنه يتجسس على اللقاءات التي يجريها الحزب، لكن الوطني نفى بالطبع، وقال إن الذين تبرعوا بإيصال المعلومات له هم عضوية الشعبي. وأشار الحزب إلى أن عضوية الوطني معروفة للشعبي ولن يستطيع أحد أن ينقل أية معلومات. وقطعاً هذا الرد لن يقنع الشعبي وقتها باعتبار أن الأعضاء الذين سماهم المؤتمر الوطني بالتبرع بتقديم المعلومات لن يكون ذلك لمجرد السمر. وتشير العديد من كتابات الكاتب المعروف إسحاق أحمد فضل الله إلى قدرة حكومة المؤتمر الوطني على اختراق الحركات المسلحة والقوى المعارضة بالخارج من خلال تقديم معلومات في غاية الدقة، لكن إذا كان اختراق العدو المسلح جائزاً فإن اختراق النشاط الحزبي للقوى السياسية التي لا تتعاطى العنف يظل خصماً للممارسة السياسية الشفافة. وكان أحد قياديي الحزب الاتحادي قد أشار في حوار صحفي إلى أنه دخل الحركة الشعبية بتوجيه من مولانا محمد عثمان الميرغني بغرض تحبيب الوحدة. وهو ما يطرح تساؤلاً موازياً هل كان ياسر عرمان غواصة الشيوعي داخل الحركة الشعبية وأن خلافه مع الحزب لم يكن حقيقياً، خاصة أنه غادر في ظروف الحراك الديمقراطي إبان فترة الأحزاب، وكانت الأحزاب في مرحلة تجديد البناء من جديد بعد الضربات الموجعة التي وجهها النظام المايوي لها، وهل كان الخلاف يستحق هجر الحزب في تلك الظروف والالتحاق بالحركة الشعبية؟ علماً بأن أفكار الحزب الشيوعي لا تتواءم تماماً مع أطروحاتها خاصة عندما بدأ قرنق يتخلى عن المانفيستو الماركسي الذي رفعته الحركة الشعبية، كما أن إضعاف النظام الديمقراطي من أجل تكوين نظام يعتمد على حركة مسلحة تملأها المرارات التاريخية والمنطلقات العرقية لا يمكن أن يكون مرحباً به من الحزب الشيوعي، وإن كان يتعاطف معها في ما يتعلق بالطرح العام وليس الكفاح التحريري الذي يطول السودان بأكمله. لكنَّ النظام المايوي برع أكثر من نظام الفريق عبود في اختراق الأحزاب السياسية بما فيها الأحزاب العقائدية التي تعتبر الأكثر تنظيماً من الأحزاب الطائفية، وتمكن من اختراق اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، واستطاع أن يطلع على كل محاضر اجتماعات الحزب حتى التي كانت في ضواحي الخرطوم. والمعروف أن فرملة عملية الاختراق الحزبي من قبل الأنظمة القابضة يعتبر أمراً مستحيلاً لما تملكه من امكانات مالية وتقنية لهذا الفعل، وعادة يتم الاختراق منذ الميلاد الأول لتكوين الحزب، كما يمكن أيضاً استقطاب عناصر داخل الحزب، وحتى إذا استطاع الحزب المخترق كشف عدد من الغواصات داخل صفوفه فإن دخول آخرين لن يكون صعباً بالنسبة لتلك الأنظمة. وفي الدول العربية برع العديد من الأنظمة في تجنيد الغواصات داخل الأحزاب خاصة النظام المصري في عهدي عبد الناصر ومبارك وقطعاً السيسي أيضاً، واستطاعت المخابرات المصرية في حقبة عبد الناصر ليس تحقيق النجاح فقط في عملية الاختراق بل في عملية انشقاق أحزاب شيوعية وتكوين أجسام هلامية، لكنها كانت تعمل سراً بالطبع لأن القانون لم يكن يسمح بذلك، وحتى يبدو خلافها مع الحزب الأم حقيقياً وليس بدافع الاستقطاب السلطوي. وفي الأردن أبدى النائب البرلماني آنذاك ناصر الفضالة إعجابه بتماسك قيادة حماس ونزاهتهم، وعدم قدرة أكبر أجهزة الاستخبارات في المنطقة على اختراقهم، رغم اختراق كل الأنظمة العربية وجماعات الضغط والأحزاب السياسية في المنطقة. وقال الفضالة في تدوينة نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، نقلاً عن ضابط بالموساد الصهيوني: «استطعنا النفاذ إلى كافة القيادات العربية إلا قادة حماس، فهم لا يتخذون عشيقة ولا يحتسون الخمر.. فكيف يمكن الوصول إليهم؟». لكن مع ذلك تمكن الموساد من تجنيد ابن أحد الزعماء البارزين في الحركة مما دعا والده للتبرؤ منه. وأخيراً يا ناس الإصلاح الغواصات ديل ما بنقدروا، المهم فتحوا عيونكم خاصة مع أصحاب الحلاقيم الكبيرة الذين يفرطون في إبداء الحماس الكاذب أو زرع العكننة والفتن.