قصة أغنية / محمد أمبدي أبو حريرة أغنية «زولي هووو ضلمة» واحدة من الأغنيات الجميلة الذائعة الصيت بدارفور عامة وحزام البقارة بصورة أخص، وذلك بما تفردت به الأغنية من إيقاع «الوازة» بموسقيته الرائعة، وعباراتها البقارية الرشيقة.وتعتبر أغنية ضلمة من أميز الأغنيات الشعبية لقبيلة الهبانية التي تغنت بها حكامات القبيلة منذ أمد طويل، هي أغنية يحاكي ايقاعها مشية الجمل، وجددها الفنان عمر إحساس «عمر الندامة»، وساعد على انتشارها في ربوع السودان، بالرغم من تشويهه لبعض مفرداتها ونسبها إلى غير أهلها، ووجد أداء عمر إحساس للأغنية امتعاضاً كبيراً من بعض مثقفي الهبانية وقياداتها، وأذكر ذات يوم كتبت مقالاً بعنوان «عمر إحساس من دارفور بلدنا إلى إذاعة دبنقا»، وتطرقتُ في جزئية منه إلى أغنية «زولي هوو ضلمة»، وأشرتُ إلى عدم رضاء أبناء القبيلة عن التغير الذي أحدثه عمر الندامة في الأغنية، ووقتها استشاط عمر غيظاً، ورد مستنكراً مقالي، وقال: «أين كان هذا الدكتور عندما كنت أغني منذ عام 1983م؟» واعتبرني«يافعاً» أحاول نخر جبل إبداعه. وحينها لم أظهر شخصيتي وهويتي في المقال «كما يقول النقاد»، محاولة مني لعدم شخصنة المواضيع، بالرغم من أن الأغنية من تراث قبيلتي وأعرف أسرارها أكثر من عمر الندامة. وفي اجتماع حاشد بقاعة الخليفة عبد الله التعايشي بأمانة حكومة جنوب دار فور، جمع قيادات الهبانية برئاسة وكيل نظارتها المهندس جعفر علي الغالي، بمعتمد برام الأستاذ ابراهيم سلطان، للتفاكر والتشاور حول الدورة المدرسية الثقافية والرياضية الولائية المقامة بمحلية برام الكلكة معقل القبيلة. وعند استعراضهم البرنامج الثقافي المصاحب للدورة، تركز الحديث على إبراز القيم التراثية التي تزخر بها المنطقة، وانبري عدد من القيادات للحديث عن أغنية «زولي هوو»، وقالوا إنها تراث أصيل للقبيلة. وقام عمر إحساس بتشويه مفرداتها «كن شفتا بخجل إلى كن شفتا بخدر» ونسبها الى غير أهلها، بل قام بجعل لحنها شعاراً لإذاعة دبنقا. وطالبت القيادات بتصحيح الأغنية بالرجوع الى المصادر الموثوق بها التي عاشت ميلادها، وقبل أن أبحث عن تلكم المصادر، فاجأني الموسيقار والباحث في تراث البقارة وابن الهبانية العم عيد مسعود علي «ود أبو سعد» بحكاية قصة «زولي هوو ضلمة» عبر إذاعة نيالا في برنامج المشهد الثقافي الذي يعده ويقدمه الزميل الشاعر الإعلامي مراسل إذاعة أم درمان خالد شرف الدين أحمد، حيث أبدى عيد مسعود حزنه وأسفه على تشويه الأغنية ونسبها إلى غير أهلها. وقال عيد في البرنامج الذي احتفظ بنسخة منه، إن قصة الأغنية ترجع إلى أن هناك امرأة «ذهب زوجها الى الصيد في مناطق البحر لاصطياد الفيل، وكانت الرحلة تستغرق ثلاثة أشهر أو أكثر، وذهب زوجها مع الصيادين من القرية، وكانت تحبه حباً جماً، وكانت تخجل عند رؤية عينيه «حسب طبيعتها البدوية». وبعد شهر عاد أحد رفقائه إلى القرية لجلب «الزوادة» والتي تشمل الدقيق، الزيت، السكر والصابون «ومستلزمات الملاح». وسألته المرأة همساً عن زوجها فقال لها تركته «موروداً» ،أيّ مريض، فردت مورود العود، وهى مقولة يقولها أهل دارفور لإبعاد الأذى والشر عن الشخص قائلين «ما فوقك فوق عود». وبعد شهر آخر عاد شخص آخر لجلب «الزوادة»، وسألته المرأة عن حال زوجها وصحته، فقال لها الدوام لله «جوزك بقي في رحمة الله» فما كان من المرأة إلا أن أقامت له مناحة ليلية، ندبت فيها حظها، وعددت مآثر زوجها كما يفعل العرب تماماً قائلةً: زولي هووو......زولي هووو زولي هووو... زولي هووو زولي اللخدر....« كن شفتا بخجل» يوم قالوا لي مارود ... بقول مارود العود زولي هووو .....زولي هووو يوم قالوا مات... بتكتح بالرماد هكذا حكى الموسيقار والباحث عيد مسعود قصة «زولي هوو ضلمة»، وسوف أعود للتعليق على هذه الرواية لاحقاً بإذن الله.