ظلت مشكلة الغذاء إحدى المشكلات التي تحتل الصدارة في العالم العربي لعقود طويلة، ففي الوقت الذي حظي فيه قطاع الزراعة بالحماية والرعاية والدعم مما أدى إلى تحوُّلات جذرية في الميدان الغذائي، ونجحت الدول التي كانت مرشحة لمجاعات وكوارث كالهند والصين في تحقيق الاكتفاء الذاتي واتجهت إلى زيادة إنتاج الغذاء وانتقلت من الاستيراد إلى التصدير، شهد العالم العربي تراجعًا في الإنتاج الزراعي حيث تقدر قيمة الناتج الزراعي حسب التقدير الاقتصادي العربي لعام 2001 بحوالى 80.2 مليار دولار أميركي، أي بانخفاض قدره 0.1% مقارنة مع الأعوام السابقة، وبلغت الفجوة الغذائية 12 مليار دولار حسب نفس التقدير.. ولعل من الأسباب الحقيقية التي تقف وراء مشكلة الغذاء ارتفاع معدلات النمو الديمغرافي في العالم العربي الذي شهد تسارعًا ملحوظًا في حجم السكان بلغ تقريبًا 3% سنويًا عام 2000، وهو معدل يفوق معدلات الإنتاج الزراعي في نفس الفترة، إضافة إلى القفزة النوعية في الدخول الفردية في بعض الدول العربية (النفطية خاصة)، وإهمال التنمية الزراعية والتركيز على إنشاء الوحدات الصناعية والتوزيع غير المتوازن بين الأقطار العربية للموارد والقطاعات اللازمة للتنمية الزراعية من موارد طبيعية وبشرية ومالية والذي نجم عنه تفاقم العجز الغذائي ومن ثم اللجوء إلى المصادر الأجنبية لسد هذا العجز.. وقد شهد السودان خلال السنوات الأخيرة استقرارًا في الإنتاج الزراعي رغم وجود بعض المعوقات التي تحول دون زيادة الإنتاج مقارنة بالدول الأخرى، وسعت بعض الجهات لإدخال وسائل حديثة تساعد في زيادة الإنتاج عبر مشروعات صغيرة، واتَّجه البنك الزراعي مؤخرًا لتمويلها لتوطين الصناعة والمساهمة في الصادر بصورة كبيرة.
من خلال الجولة التي نظمها البنك الزراعي بالتعاون مع منظمة سودان برتش وتش للوقوف على تلك المشروعات ومدى نجاحها ومساهمتها في الإنتاج محليًا كانت أولى الوقفات على مزرعة (عمار إبراهيم) التي أدخلت نظام البيوت المحمية في إنتاج الخضروات خاصة الخيار والطماطم بتمويل من البنك، حيث أكدت مديرة فرع البنك بحلة كوكو سعاد عثمان تمويل المشروعات بالضمانات الشخصية والعقارية التمويل عن طريق المرابحة بمبلغ 35 37 ألف جنيه للبيوت المحمية، وأضافت: أن التمويل للإنتاج الحيواني يبدأ من «بقرتين» إلى 500 «بقرة» مع اختلاف الضمانات، وأشارت إلى نجاح تجربة الإنتاج الحيواني بنسبة 100%، ونفت وجود إعسار من قبل عملاء الإنتاج الحيواني وأن نسبة التعسر لا تتجاوز ال 3%، من جانبه أوضح صاحب المزرعة عمار أن تجربة البيوت المحمية ناجحة، وقال إنه بدأ بزراعة الخيار وأن متوسط الإنتاج 90 كيلو للعروة الواحدة، واشتكى من مشكلة التمويل في إجراءات الرهن والمياه، وناشد البنوك التعامل مع سياسة البيوت المحمية في التمويل. وفي ذات السياق أوضح سيد خير صاحب مزرعة بالسليت شمال أن إنتاج (شمام القاليا) يحتاج لتمويل قدره 80 مليونًا، وقال: إن التمويل لا يرضي الطموح خاصة أن المشروعات كبيرة وتستهدف إنتاج محصول الشمام والباميا للصادر وطالب برفع سقف التمويل للمساحات الزراعية الكبيرة خاصة أن هنالك إقبالاً كبيرًا على الصادر..