«ياباها مملحة ياكلها يابسة» واحدة من العبارات والأمثال الشعبية السودانية البحتة يفهمها الأمي قبل المتعلم، وقد خرجت من الرئيس البشير في أحد خطاباته في حديثه عن الوالي المقال مالك عقار، وقد اتسمت خطابات البشير بالبساطة التي يتميز بها عن بقية الرؤساء، فهو شخصية شعبية إلى جانب البساطة. والأمثال السودانية في خطاب البشير لها خصوصية ومتعة في الاستماع إليها، لأنه دائماً يهدي الصحف أخباراً دسمة من شاكلة هذه، وباستخدامه لهذه الأمثال أدهش وكالات الأخبار العالمية والعربية، فأصبحت الأمثال السودانية مفهومة ومعروفة، بعد أن أصبحت ملازمة لحديث السياسيين، وقد وجدت مساحة كبيرة في خطابات وتصريحات السياسيين غير آبهين لأي بروتكولات ومراسم، لطالما أنها تخاطب جميع فئات المجتمع.وللأمثال والتعابير العامية في خطابات المسؤولين مساحات كبيرة وكثيرة، وهي تحمل عدة مضامين وأهداف قد اختارها المسؤولون لمعرفتهم أنها ستنقل ما يريدون إرساله من آراء بطرق أسرع مثل «القرار يموصوه ويشربو مويتو»، وذلك في رد السياسيين على قرار تمديد فترة اليونميد في السودان، ومثل ما جاء على لسان وكيل وزارة التربية والتعليم المعتصم عبد الرحيم، حين سأله أحد الصحافيين عن السبب في منعهم من الدخول لمؤتمر إعلان نتيجة الشهادة السودانية في احد الاعوام، فما كان من الوكيل إلا أن بدأ بالمثل القائل «البياباك في الضلمة يحدر ليك»، موضحاً أن السبب في ذلك لترتيبات تخص الوزارة. وكان مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع قد قال ذات مرة من أراد ضم أبيي للجنوب «فليجرب لحسة كوعو». وذات العبارة قالها الرئيس رداً على إدعاءات المحكمة الجنائية «الدايرنا يجرب لحسة كوعو»، ولكن ليس هناك من يضاهي رئيس حزب الأمة الصادق المهدى في الاستعانة بالأمثال، وكان آخرها في خطابه الأخير في أعياد الاستقلال الذى امتلأ بالعبارات العامية عندما علق على تصريحات المعارضة بإسقاط النظام قائلاً: «ما أي زول يتفنقل على قفاهو ويقول بعد«24» ساعة حنسقط النظام.. ده خطاب لأناس عندهم قنابير»، كما أن المهدى ظل على الدوام يستخدم العبارات العامية وتكاد لا تخلو خطاباته من الكلمات الشعبية، كما أنه يضرب الأمثال، بل إنه في بعض الأحيان ينتقد خصومه ويصفهم بأوصاف غارقة في العامية، وله سجال طويل مع خصمه اللدود المؤتمر الوطني، وكثيراً ما يوجه له ولقياداته قذائف النقد التي تنطلق من سلاح العامية، حتى أضحت تلك التصريحات والأحاديث مادة خصبة للصحافة، وتحتفي بها أيما احتفاء، بل أصبحت الكلمات العامية خطوطاً رئيسة لكثير من الصحف. ويرى رئيس تحرير صحيفة «الرأي العام» كمال حسن بخيت خلال حديثه ل «الإنتباهة» أن استخدام الرئيس والمسؤولين السياسيين الأمثال السودانية في خطاباتهم، الهدف منه وصول الحديث ومغزى الخطاب لأكبر عدد من المواطنين بطريقة ولهجة عامية بسيطة وأمثال سودانية يفهمها كل أهل السودان، مما يسهل ايصال أي رسالة للمواطنين عبر لهجتهم المحلية والعامية واستخدام امثالهم الشعبية، بينما قال رئيس تحرير صحيفة «الوطن» عادل سيد احمد الذي تتميز صحيفته بالمينشيتات العامية البسيطة والدارجية، ل «الإنتباهة» إن الثقافة السودانية مليئة بالأمثال الشعبية المستمدة من حياة الناس، فقد درج بعض المسؤولين على استخدام هذه الأمثال لتقريب المسافة وتوصيل الفكرة، فاستخدام هذه الأمثال مفيد ويخاطب الوجدان الشعبي السوداني، فالرئيس البشير معروف بأنه إنسان شعبي له مقدرة كبيرة على توضيح وجهة نظره بعبارات بسيطة يفهمها كل المواطنين. وبالمقابل تجد بعض السياسيين قلما يستخدمون العبارات الدارجة أو يضربون الأمثال، ويتصدر هؤلاء نائب رئيس المؤتمر الوطني علي عثمان محمد طه الذي مع عدم ميله للعامية، إلا أن خطاباته تتسم بالبساطة مع جزالة اللفظ. ويطابقه من السياسيين رئيس الحزب الاتحادي جلال الدقير الذي في كثير من الأحيان يتحدث باللغة العربية الفصحى.. وعلى كلٍ تجد تجد العبارات الدارجة هوى لدى قطاع واسع من المجتمع السوداني الذي هو في الأصل تحفل مجالسه بالحديث بالطريقة المبسطة.