السيدة "حكمت الصافي" امرأة عرفت بصناعة العطور السودانية منذ نعومة أظافرها كانت تعمل مع أختها الكبرى "بثينة" رحمة الله عليها، وكانت تصطحبها على بيوت المناسبات والأعراس لتعاونها، وتقدم لها يد المساعدة، وتقول الخالة "حكمت": كنت أبلغ حينها عشرة من عمري وأقوم ب(دق الريحة الناشفة وأغربلها) وأختي تقوم بتكملة ما تبقى من عمل وهكذا بصحبتي لأختي "بثينة" تعلمت تصنيع العطور (الخمرة) والبخور والدلكة بأنواعها المختلفة. { أول عمل قمت به: وتستطرد السيدة "حكمت" قائلة: حضرت إلى جارتي "خديجة" في المنزل وطلبت مني عمل ريحة لجارتها "حوار الزغاوية" حتى تتمكن ابنتها من السفر إلى زوجها في بريطانيا، وبعد أن جهزت الريحة أهدتني "حواء" خاتماً من ذهب، وكافأتني ب (500) جنيه على عملي (الريحة) وكان هذا أول مبلغ أتقاضاه ويدخل جيبي من عملي للريحة. { طلبات ريحة سودانية: وتواصل الخالة "حكمت" قائلة: ليس لي مكان داخل السوق، وإنما أقوم بتصنيع الريحة وتجهيزها وتسويقها داخل منزلي، وتقوم ابنتاي "داليا" و"هبة" بمساعدتي وتشجيعي عند مرضي، أو عند تكاسلي في الأوقات التي تزداد فيها الطلبات. { مع العرسان: وتقول الخالة "حكمت": أقوم بتحضير وتجهيز أرياح العرسان بعد أن يجلب (العريس) الشيلة للعروس، وتقوم أم العروس بفرز الريحة الناشفة، ومناداتي أو تجهيزها داخل بيتي، فأقوم بتوضيبها بمساعدة بناتي بجانب عمل الدلكة التي تستغرق زمناً طويلاً، وعملها شاقّ، وتتكون (ريحة العروس) من دلكة العيش، وخمرة الضفرة، والمُشكّلة والخمرة البيضاء، وهي (خمرة المسك) والخمرة المخللة، وهي عبارة عن صندل غير مسحوق ومحلب وحبة مسك، وفرنقل، وفرير، وصندلية، وتضاف للخمرة الشعبية عطر الصاروخ، وفلير دامور، أما الخمرة البيضاء فيضاف إليها قليل من فلير دامور ومسك وصندلية. { دلكة (الفتيات): وتمضي الخالة "حكمت" قائلة: وتعلو الابتسامة وجهها أن هنالك خاصة لغير المتزوجات حتى يحظين ببشرة ناعمة وجاذبة، وتتكون من قشور البرتقال المسحوق وشوية من الدخن، وجردقة، ثم أقوم بكفيها على حطب الشاف، حتى تتميّز برائحة جيدة، ثم أقوم بتعبئتها في علبة كبيرة من الزجاج تسمى (بالبرطمانية)، بعد أن تأخذ شكلاً صغيراً ومستديراً كالكرة، أما دلكة العروس فعملها شاق جداً، وتحظى باهتمام أكثر من غيرها، وأستخدم كل مهاراتي حتى تكون (حادقة) ذات رائحة جاذبة، وناضجة، وأقوم بجلب (العيش) الدخن أو الفيتريتة الحمراء وأعوسها عصيدة عادية، والعطور الناشفة، والمحلب والمجموع والسرتية، وبعد ما تنضج (أكفيها) في (الشاف) لأكثر من يومين، بعدها أعطرها بعطر الفلير دامور وسوار باريس ثم الصندلية بعد ما تبرد، وذلك في اليوم الثاني ثم أقوم بكفيها على (البخور الحلو)، وهو عبارة عن (بخور الصندل) وبعد أن تبرد العجينة أقوم بعجنها حتى تأخذ شكل الكرة الصغيرة، ثم أضعها في البرطمانية المعدة لذلك في شكل منتظم وجميل. وتمضي الخالة "حكمت" قائلة: وبعد الانتهاء من دلكة العروس أقوم مع أم العروس بتخصيص دلكة (لأم العريس) تهدى لها مع فطور العريس، وهي من الأساسيات التي تصاحب الفطور، وتتكون الدلكة والخمرة المشكلة، وخمرة الزيت بجانب الدلكة بقيمة (500) جنيه، ويتفاوت هذا السعر حسب الطلبية. واستطردت الخالة "حكمت" أن المرأة عند الولادة تقوم بتجهيز (ريحتها) الخاصة، وأقوم بتوضيبها في حدود (300) جنيه.