{ بدأت بلادنا مرحلة تعافٍ جديدة وإرهاصات مصالحة شاملة تنهي دورات العنف والإقصاء والموت والسجون والمعتقلات والدموع والأحزان.. وأطلقت الحكومة إشارات تبعتها أمس بأقوال من الرئيس وغداً أفعال بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من المحابس، ولا يعلم أحد عددهم تحديداً، ولكن حزباً مثل المؤتمر الشعبي أكثر أحزاب المعارضة بغضاً للنظام قال المهندس "آدم الطاهر حمدون" إن منسوبي الحزب المعتقلين شخص واحد فقط، ونحو خمسة محكومين منذ سنوات في انتظار الإفراج عنهم.. بينما حزب المؤتمر الوطني الحاكم يزيد عدد معتقليه عن (10) أشخاص، ولكن هؤلاء لا بَواكٍ عليهم، وتلك من مفارقات السياسة وعجائبها التي لا تنقضي.. { أمس بعد إعلان الرئيس العفو عن المعتقلين السياسيين ذهب التفسير بالقرار مذاهب شتى في غياب مرجعية تفسر ما اشتكل على الرأي العام، حيث اعتقد البعض أن القرار يشمل الجماعة التي قادت المحاولة الانقلابية الأخيرة، وهؤلاء متهمون في قضايا أمام المحاكم فكيف يطلق سراحهم؟؟ ولكن القرار يشمل أمثال "يوسف الكودة" وأصحابه من جماعة "كمبالا" الذين وقعوا على ميثاق (الفجر الجديد) (الكاذب) وكذلك المعتقلات من نساء "كادوقلي" في سجن "الأبيض" اللائي شكل وجودهن في السجن دون محاكمة أو توجيه تهم محددة مسألة سالبة جداً في حق الدولة، حتى جاء قرار الرئيس الذي ليته تمدد وعفا عن المحكومين في قضايا طبيعتها (سياسية) أمثال "يوسف ليس" و"عبد الحليم آدم صبي" وإطلاق سراح أي معتقل بتهمة الانتماء للحركة الشعبية قطاع الشمال، والدولة مقبلة على التفاوض مع هذا القطاع والوصول معه لاتفاق ليعود قادته قريباً حكاماً مثلما عاد غيرهم من (خائنين) ليصبحوا وطنيين تتغنى ببطولاتهم حناجر الجماهير المسكينة.. { خطاب الرئيس فتح صفحة جديدة في العلاقات بين القوى السياسية.. جلس إلى "الميرغني" وتبادل مع "الترابي" الرسائل من على البعد ومن خلال أقرب القيادات إلى "البشير".. وكان لقاء "علي عثمان" و"علي الحاج" في ألمانيا بعلم وموافقة ومباركة "البشير" أو توجيهاته.. ثم كان لقاء "الميرغني" و"الصادق المهدي"، وقد أصبح (السيدان) الكبيران أقرب للبشير من خلال حبل وصل يمتد من أم درمان حتى القصر الرئاسي، وقد أثمر تفاهم "البشير" و"السيدين" إيجابيات على صعيد الممارسة وتغيرات كبيرة هيكلية في السلطة وحريات نسبياً أفضل من سنوات ماضية انصرمت.. { قرار البشير بإطلاق سراح المعتقلين طغى على بقية ما أثاره الخطاب من التزام بالمضي في إنفاذ مشروع المصالحة الوطنية والتوافق السياسي مع حاملي السلاح من الحركات المتمردة.. والدعوة لوضع دستور جديد يكتب له الديمومة والاستمرارية، ولكن إذا كان "البشير" قد عفا عن المعتقلين السياسي فإن هناك أقلاماً صحفية تم حجب رأيها وحظر نشاطها السلمي كالزملاء "حيدر المكاشفي" ود."الطيب زين العابدين" كان حرياً بإطلاق سراح أقلامهم.. بعد أن أطلقت السلطات سراح قلم "عثمان شبونة" ليمارس حق المواطنة، وتجفيف منابع الأحزان وكفُّ أسباب الغبن يمهد لوفاق وطني وينظف الساحة من شوائب الممارسات الخاطئة، فالعفو عن المحكوم عليهم في قضايا سابقة وحتى قادة المحاولة الانقلابية الأخيرة إذا تمدد عفو الرئيس وشملهم فإن ذلك يمثل خطوة تعزز الانفراج الذي تشهده الساحة هذه الأيام..