أكثر الآفات تخريبا للجيوب .. هي الموبايلات، فالناس لم يعودوا قادرين على السكوت، فبذلوا الغالي والرخيص لكي يرغوا ويزبدوا، أو يثرثروا ويتناقشوا، أو يتهامسوا ويبثوا أشواقهم أثناء النهار .. وآهاتهم آناء الليل !! هجمة الموبايلات، جاءت عاصفة وعدوانية، حيث لم يعد أحد في غنى عن هذا الجهاز الخطير، ولم يعد أحد في غنى عن تخصيص بعض ميزانيته له، فيبدو أن سحره لا يقاوم، وجاذبيته لا يمكن الوقوف في وجهها . على أي حال، فتح الموبايل أبوابا للرزق لا أول لها ولا آخر، فنشأت الشركات المتخصصة في الاتصالات، واكتظت أروقتها بالموظفين والمهندسين والفنيين والإداريين وغيرهم، كما تخصص الكثيرون في صيانة الموبايلات وإصلاح أعطابها، فضلا عن انتعاش سوق قطع الغيار للموبايلات، وكذلك سوق أوجه الموبايلات، وسوق الجرابات التي تحمي هذه الموبايلات من الصدمات، كما ظهرت أحزمة خاصة لحفظ الموبايلات في منطقة الخصر، وظهرت بعض البنطلونات التي تضع جيوبا خاصة للموبايلات تحت الركبة، وانتعشت الدنيا بإكسسوارات الموبايلات، والتطبيقات التي يمكن استعمالها بالموبايل . حتى أرقام الموبايلات أصبحت تجارة رائجة، ونسمع عن بيع أرقام مميزة بالملايين، وشخصيا لا أحتفي بأن يكون رقمي مميزا أو غير مميز، فماذا يفيد أن يكون رقمي مميزا ؟ اللهم إلا إن كان الأمر استثمارا ليوم كريهة وسداد ثغر ! لكن صبرا، فالمسألة ليست كلها عسلا، فالموبايلات أصبحت محل ريبة فيما تبثه من إشعاع، وتم تداول معلومات عن ضرورة إبعاد الأجهزة عن الأعضاء الحساسة في جسم الإنسان، ورغم أن معلومات أخرى نفت أن تكون الهواتف النقالة ذات صلة ببعض الأمراض كالأورام، لكن الجدل يبدو محتدما حول ضرورات الاحتياط، وأهمية إبعاد الأجهزة المحمولة عن الدماغ عند النوم، وكذلك ضرورة أن يحذر الناس استعمال الموبايل لفترات طويلة . المسألة لم تقف عند هذا الحد، فإذا كانت الأضرار الإشعاعية مسألة جدلية، ومحل أخذ ورد، فإن معلومات أخرى أصبحت مؤكدة، وهي أن الموبايلات تمثل بيئة خصبة لوجود الباكتيريا والجراثيم وتكاثرها . دراسة قام بها مجموعة من الباحثين في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكدت ذلك، وأشارت بأن الاستخدام المكثف لأجهزة الموبايل، وتقريبها من الأنف والعين والأذن بكثرة، يجعلنا أكثر عرضة للإصابة ببعض أكثر الأمراض انتشاراً مثل الانفلونزا والتهابات العين وغيرها، وهي أمراض باتت متزايدة ولم تعد تعرف الصيف من الشتاء في مهاجمتها للناس والانتشار بينهم . وأظهرت الاختبارات شيئا عجيبا، وهو أن الهواتف الذكية والهواتف المحمولة بشكل عام، مع مقابض أبواب الحمامات .. هي من أغزر البيئات التي تسكنها البكتيريا والجراثيم بكثرة والتي يساعد في انتقالها إهمال غسل اليدين من قبل مستخدميها. الدراسة التي أشرف عليها أستاذ في علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في جامعة كارولاينا الجنوبية الطبية أشارت إلى أن أسطح هذه الأجهزة الذكية تتكون عليها أنواع غريبة وكثيرة من البكتيريا والفيروسات نتيجة تعرضها للمس المتواصل، وبالتالي فهناك إمكانية لانتقالها إلى أكثر من جزء من جسم الإنسان والتصاقها بالأشخاص في كل الأماكن تقريباً. وقد نبهت الدراسة إلى ضرورة مسح الشاشات والأجهزة المحمولة وغيرها وتنظيفها بشكل دوري والحرص على ذلك خصوصاً بعد استخدام الحمام، وأيضا بعد تناول الطعام وبعد الخروج من مرض مثل الزكام ونزلات البرد. خذوا حذركم . والله خير الحافظين .