في واحد من مشاهد مسرحية (ريا وسكينة)، تنتهي مواجهة الشقيقتين مع زوجة ابيهم بقتلها دون سابق قصد أو تدبير منهما، لتكون تلك الحادثة خطوة البدأية في مسيرتهما الدامية حسب نص المسرحية التي قامت ببطولتها النجمتين (شادية) و(سهير البابلي) .. لان الواقع كان يختلف عن محاولة مؤلف المسرحية لايجاد تبرير منطقي لقسوة الشقيقتين الاسطورية وحبهما لسفك الدماء. في نهاية ذلك المشهد تنتبه الشقيقتان لخطورة نتيجة تهورهما بقتل (أمّونة) وتبعات ذلك التهور من امكانية القبض عليهما ومحاكمتهما .. تقول (ريا) لشقيقتها (سكينة) في خوف: صدقي يا سكينة يختي .. حا يشنقونا. فتحتج عليها (سكينة) في سذاجة مضحكة: يا سلاااام .. يشنقونا !! ونسكت لهم ؟!!!! تذكرت هذه الجزئية من المسرحية، عندما تابعت تداعيات اللقاء الذي اجرته صحيفة الشمس، وهي إحدى الصحف السعودية المحلية، مع فضيلة الشيخ (عبد المحسن العبيكان)، نقلت فيه الصحيفة عن الشيخ قوله بأنه يسمح للزوجة أن تضرب زوجها دفاعا عن نفسها، كما يجوز لها هجر فراش الزوجية إذا قصّر الزوج في حقها، بأن امتنع عن نفقتها، أو أساء عشرتها، أو استخدم العنف في علاقته بها. لا أدري ما هو السبب الذي جعل وسائل الاعلام تتلغف (الحوار) ولا أقول (الفتوى)، وتلوح به أمام وجوه علماء المسلمين على طريقة (المديدة حرقتني) ! فلا جديد في حديث الشيخ يمكن أن يبرر تلك الضجة الاعلامية سوى هوان أمور ديننا الحنيف على قلوب قبيلة الاعلام المرئي والمقروء والمسموع، والسباق المحموم بين تلك الوسائل لتصيّد الثغرات ومواطن الخلاف في اقوال البعض من علمائنا، لتزكية نار التنافس المحموم بينها نحو السبق الصحفي، وصنع من (حبّة) معلومة بديهية (قبّة) من الضجة الاعلامية بدون طائل. ف دفاع المرأة عن نفسها في حالة الاعتداء عليها سواء أن كان من قبل زوجها أو الحرامي أو غيره، لا يحتاج إلى فتوى .. و(كمان قومة وقعدة)، لأنه من البديهي والطبيعي أن يدافع الإنسان عن نفسه عندما يحاول أحد الاعتداء عليه .. وعلى قولة (سكينة) في المسرحية (يشنقونا ونسكت لهم؟!!) فلا يعقل أن يتقدّم معتدي بغض النظر عن من هو، نحو ضحيته – ايا كانت تلك الضحية - زوجة أو غيرها، ليضربه بساطور أو سكين أو عصاة غليظة، يمكن أن تسبب له الاذى الجسيم وربما تفقده حياته، ثم يقف الضحية (يعاين في سلبية ومسكّنة) دون أن يقدم على الدفاع عن نفسه!! وهذا بالضبط ما قالت به فتوى الشيخ أنه من حق الزوجة رد اعتداء الزوج حتى ولو بالضرب، فلا يمكن للزوجة أن تستسلم وتقف ساكنة لزوجها أو غيره لكي يؤذيها، فهذا ليس من الإسلام في شيء، ولا علاقة له بقوله تعالى: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) صدق الله العظيم. رغم اختلاف العلماء ايضا في تفسير كلمة (واضربوهن) التي وردت في الاية، فللضرب في اللغة العربية قرابة الثلاثين معنى ادناها (اعرضوا عنهن) .. إلا أننا هنا، لسنا في مقام الدفاع عن حق الزوج في ضرب الزوجة الناشزة فالامر مختلف. نرجو من وسائل الاعلام أن تتقي الله في قلوبنا نحن معشر عامة المسلمين، ولا تجعل من أمور ديننا وسيلة رخيصة لبيع بضاعة الكلام الكاسدة، فقبل فترة بسيطة طالعتنا نفس الوسائل بضجة (اباحة دم ميكي ماوس)، رغم أن القصد من قول الشيخ كان واضحا، عندما حذّر من الغزو الثقافي الذي يمكن ان يُدخل على عقول اطفالنا مفاهيم ضد تعاليم ديننا الحنيف، كمحبة الفئران والخنازير والكلاب وغيرها من الحيوانات المكروة .. وان كان لي رأي شخصي في الحتة دي يحتمل الخطأ، ف (بلوتو) الكلب الكرتوني، لا يشبة من قريب أو بعيد الكلاب الجد جد، وبالضرورة لا علاقة بين شكل (جيري) ومقالبه الظريفة في القط المشاكس (توم)، وبين ما يحصل في الواقع من صراع الحياة بين القط والفار. غايتو أنا لو قعدتا اتفرج سنة كاملة على افلام (توم اند جيري)، مستحيل يجيني استلاب حضاري في يوم وابطل الخوف من شنبات الفار الجد جد وشكلو القبيح .. أصلاًً هو مافي علاقة بين الاتنين. لطائف - صحيفة حكايات [email protected]