** رمضان ، شهر فضيل يجب استقباله بالقيم الفضيلة التي منها التراحم والنظر الي البسطاء بعين الرحمة والإحسان .. ولكن يأبي بعض ذوي النفوس المكتنزة بالسحت إلا أن يستقبلوا هذا الشهر بالمزيد من الجشع والطمع .. وما لم يكن الأمر كذلك ، فليس هناك مايبرر بأن يقفز سعر السكر قفزا جنونيا ..سعر الرطل كان جنيها منذ كذا سنة وحتى قبيل أسبوع ، وفجأة إرتفع إلي جنيه ونصف الجنيه .. وكل من تحدث عن هذا الإرتفاع - من ذوي الإختصاص - عجز عن تبريره .. بل يلوم بعضهم بعضا ، وكلهم ينكرون صلتهم بأسباب الزيادة ، وكأن هناك جهة غير مرئية تمسك بمفتاح تلك الزيادة غير المنطقية ، والتي تعكس مدى قبح النفوس التي تستغل شهر الصوم وحاجة العباد للسكر ما بين ميقاتي الإفطار والإمساك ..وهكذا تتحول شعائر الله في بلادي إلي فرص لهواة جمع المال من الناس بغير حق ..لا أعني زيادة رسوم الحج فقط ، بل إرتفاع سعر السكر عند قدوم رمضان أيضا ..!! ** تأملهم، صديقي القارئ ..بعضهم يجادل البعض الآخر في شأن إرتفاع سكر السكر .. فالزميلة الرأى العام وثقت البارحة جدالهم ، أو قل : عبثهم .. فلنشاهد سويا مسرح العبث .. شركة السكر السودانية تتبرأ : سنوفر السكر خلال شهر رمضان ، وسنطرح كميات منه عبر مراكز البيع المباشر بالولايات ، وأكملنا ببورتسودان إجراءات شحن (1000) طن وترحيلها إلي الخرطوم ، وهناك (45 الف طن ) قادمة من ميناء جدة نحو بورتسودان ..هكذا تحدثث شركة السكر عقب الزيادة ، وهو حديث يؤكد بأنها كما تفاجأت بالزيادة، تفاجأت أيضا بشهر رمضان .. ثم تأمل حديث شركة سكر كنانة على لسان مدير تسويقها : لا نتحمل مسؤولية الزيادة ، التجار يفتعلون الندرة لتحقيق مكاسب مادية ..هكذا تبرئ كنانة نفسها وتتهم التجار ..!! ** ولكن إليك مرافعة التجار في ذات الصحيفة ، حيث قالوا : لا ، لسنا نحن ، بل الشركات هي المسؤولة عن هذه الزيادة بافتعالها للندرة في الإنتاج ..أها .. الشركات تتبرأ وتتهم التجار ، والتجار يتبرأون ويتهمون الشركات .. ثم للغرفة التجارية بالخرطوم حديث ، فأسمع حديثها على لسان أمينها العام : شركات السكر هي المسؤولة عن الزيادة ، بحيث لم توزع كمياتها على التجار بالعدل والمساواة ، بل وزعت لبعض التجار وتجاهلت البعض الآخر ..هكذا تقول الغرفة .. وهو قول معناه أن شركات السكر تسببت في الإحتكار عندما وزعت سكرها لبعض التجار وتناست البعض الآخر ، وهذا البعض المحتكر تلاعب في السعر مستغلا منحة الإحتكار المقدمة من الشركات ..أوهكذا المعنى..وليس هناك أى معنى آخر ..!! ** فأعد مشاهدة المشهد في مسرح العبث أعلاه .. ثم أعد وأعد ، ومع ذلك لن تعرف من الخائن ..؟.. فالكل يدّعي البراءة ويتهم الآخر .. زيادة 50% في سعر الرطل ، والسبب : مجهول ..أوهكذا يخاطبون المواطن بأنهم جميعا أبرياء من أسباب هذه الزيادة .. وبعد الإستماع إلي كل أطراف السلعة ، للمواطن حق السؤال المشروع : كلكم يتبرأ ، فمن هذا الطرف الذي يريد إستغلال شهر الصيام ليرهق كاهل الصائمين ..؟..أي ، من هذا الجشع الذي لايخشى دعاء مسكين صائم أو فقير قائم ، ولو كان من شاكلة : ( إن شاء الله يدخل عليك بالساحق والماحق ..)..!! إليكم - الصحافة –الاثنين 17/08/2009 العدد 5799 [email protected]