* وزارة الصحة الاتحادية عندما جاءها خبر خلو منصب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية إقليم شرق المتوسط (22 دولة) وأن بإمكانها أن تقدم مرشحا لشغل المنصب كما تقضي اللوائح , نثرت كنانتها المليئة بالأطباء المؤهلين للترشح لهذا المنصب فوقع الاختيار على البروفيسور محمد أحمد علي الشيخ استشاري أمراض النساء والتوليد والمدير الأسبق لجامعة جوبا ثم المدير السابق لجامعة الخرطوم، فهذان المنصبان الإداريان الكبيران بالإضافة لمناصب أخرى داخل وخارج السودان ثم الممارسة الطبية المستمرة مع النبوغ الأكاديمي (كان أول الشهادة السودانية 1964 ثم حصد عددا من الجوائز في كلية الطب جامعة الخرطوم) كل هذه المؤهلات تجعل للسودان مرشحا للمنصب يمكن أن يقدمه ب(عين قوية). * طلبت وزارة الصحة من البروف ود الشيخ (هذا هو الاسم الشائع داخل الأسرة الطبية) سيرته الذاتية المفصلة. سأل عن السبب فقيل له ، فطلب فسحة من الزمن لكي يستشير ويستخير ويقوم ببعض الواجبات المنزلية لكي يرى إن كان بإمكانه التقدم للمنصب . قال إن أول ما فكر فيه أن هذا الإقليم تتفاوت دوله تفاوتاً غير عادي في سلم خدماتها الطبية من الصومال للسعودية. ولحسن الحظ فإن ود الشيخ عمل في البلدين فترات مقدرة , ثم قال لنفسه إن مثل هذه المناصب أقرب للمتخصصين في طب المجتمع وهو الذي ظل ملازما للعيادة طوال مسيرته ولكنه وجد أن المدير المنتهية مدته كان جراحا. ثم نظر للموضوع من زاوية وطنية فوجد أن السودان كان له وجود كبير في المنظمات الدولية والإقليمية وقد عاد عليه ذلك بفوائد جمة ولكن هذا الوجود بدأ ينحسر مؤخرا، فهذه فرصة للعودة من جديد . بعد أن ضرب البروف (أخماسه في أسداسه) قرر الاستجابة لطلب الوزارة الذي اعتبره نداءً قوميا ثم قامت الوزارة بترشيحه رسميا باسم السودان ليكون منافسا لخمسة آخرين (عراقي وسوري ويمني ومصري وباكستاني). وبعد اطلاعي على سيرهم وجدت البروف ود الشيخ لا يقل عن أعلاهم إن لم يكن متقدما عليه في مؤهلاته وتجاربه. * الآن أصبح البروف الشيخ مرشحا قوميا لهذا المنصب الخطير وقد قررت الدولة في أعلى مستوياتها مساندته بكل ما تملك من آليات سياسية ودبلوماسية ولكن رغم ذلك كونت وزارة الصحة لجنة قومية داخلية لمساندته برئاسة البروفيسور حسين سليمان أبوصالح وفي عضويتها رهط من كبار أطباء السودان ولعل أكبرهم سنا ومقاما البروفيسور عبد الرحمن موسى والبروفيسور عبد السلام جريس وشخصيات قومية أخرى . وفي أول اجتماع لها بوزارة الصحة قدمت اللجنة عصفا ذهنيا مثمرا أجمع فيه الحضور على أن هذا الأمر أمر قومي وعلى متخذ القرار في الدولة أن يرمي بثقله في هذا الأمر ولمصلحة السودان . أظهر الاجتماع إجماعا غير عادي على شخصية المرشح مما يطمئن بأن الإجماع في هذه البلاد ليس مستحيلا . أكد الاجتماع ضرورة عودة السودان لموقعه الإقليمي والدولي ولعل الأهم أن الهم القومي يجب أن يطرح بشكل قومي، فمجرد التفاف أهل السودان حول ابن لهم يعتبر محمدة وفيه إثراء لتجارب السودان الدولية في مثل هذه المواضيع بغض النظر عن النتيجة، مع تمنياتنا للسودان ممثلا في البروف الشيخ بالظفر بالمنصب وذلك من أجل المواطن السوداني حاطب ليل- السوداني [email protected]