ينبغي علىّ بداية أن أعلن بشكل واضح أنني لا أصدق تصريحات مسؤول القطاع التنظيمي في الحزب الحاكم بأن حزبه سيستطيع القفز بعضويته إلى (8) ملايين عضو أو (نسمة) بحسب التعبير الكلاسيكي، مهما كانت قوة (حركته)، وما بين القوسين عبارة أطلقها صديق ضمن جملة طويلة أهمها أن حزبه يتحرك بقوة لتفعيل أكثر من 8 ملايين عضو. ولأنني لم أقع في خلال قراءاتي (الما هينة وما ساهلة) عن التكنيكات والاستراتيجيات التي تتبعها الأحزاب السياسية في إجراءاتها التنظيمية، على توصيف صاعق مثل الذي أتحفنا به حامد صديق (بأنهم يتحركون بقوة) لتفعيل هذا العدد الضخم من المواطنين كأعضاء فاعلين في حزبهم خلال فترة وجيزة استعداداً للانتخابات القادمة، فإن الأمر برمته بدا لي وكأن مقدمة لعمليات (خم) واسعة النطاق وتجييش (أهوج) يعتمد الشعارات والهتافات وإمكانيات الحزب المتداخلة مع إمكانيات الدولة لابتدار هذه الحملة الانتخابية الشعواء ب( 8 ملايين) عضو (مُفعلين)، وربما ضعفهم من (غير المفعلين). هذا التصريح الذي أطلقه مسؤول القطاع التنظيمي بالوطني، يشير بوضوح ودون التباس أو مراء إلى أن تكنيك (الخم) سيكون له شأن عظيم في الحملة الانتخابية القادمة. وفي هذا السياق يبدو لي أن تصريح الوطني ليس إلاّ (إجابات استباقية) لما سينجم عن نتائج الانتخابات القادمة التي - سيفوز بها الوطني - من أسئلة صعبة، ضمنها: كيف حققتم هذا الفوز لساحق بنسبة تفوق ال90 بالمائة بينما المواطن ساخط عليكم ومتذمر من سياساتكم خاصة التقشفية الأخيرة التي تظاهر ضدها ورفضها؟، ومن أين اتيتم بكل هذه الأموال التي ضُخت في حملتكم والبلد كله (مفلس) وعلى شفير انهيار اقتصادي وشيك؟ وها هو الحزب الحاكم الذي اكتسح (وفاز) بانتخابات 2015م منذ 2013م، بطريقة الإعداد المبكر التي تشبه طريقة (الدفع المقدم)، يجيب عن تلك الأسئلة الآن، وإليكم نموذجا من تلك الإجابات الاستباقية: كيف تستغربون فوزنا الساحق والماحق؟، فنحن كنا نعد لهذه الانتخابات منذ سنوات، بينما بقية الأحزاب نائمة، ثم إننا مولنا حملتنا الانتخابية باشتراكات عضويتنا التي بلغت (8 ملايين عضو)، كل واحد منهم تنازل عن ثمن كباية شاي واحدة فقط، شعرها جنيه واحد، فجمعنا 8 ملايين جنيه، أي 8 مليارات بالقديم، وهذا هو مصدر التمويل الوحيد. السيد حامد صديق والسادة المؤتمر الوطني لا يدرون أن سعر كباية الشاي قفز في سنتر الخرطوم إلى (2 جنيه) عداً ونقداً، وفي بعض الهوامش (150 قرشاً) يعني (ألف ونص). وها أنذا ومن هذا المنبر العام أهدي هذه المعرفة الجديدة إلى قطاع الشؤون التنظيمية بالحزب الحاكم، حتى لا تخدعه عضويته ف(يُخمس) اثنان كباية شاي واحدة، ويخدعا تنظيمية الحزب الكبير بقيمة نصف كوب شاي، ويتركا النصف الآخر فارغاً لتملؤه خزانة الحزب. الحصة الأولى - صحيفة اليوم التالي