أن تحرز صحيفة خمس جوائز من أصل سبع في مسابقة ينظمها مجلس الصحافة الذي يترأسه علي شمو الشجرة الدائمة الخضرة، هذا أمر يبعث على الاطمئنان بأن بلادنا باتت على سلم المهنية ودرج الرصانة والموضوعية على صعيد صحافتها المقروءة. كم أسعدني هذا الخبر وطمأنني على مستقبل الخبر والتحليل والعمود والحيادية والعين المغايرة والأذن التي تستمع لأكثر من لغة. وكم هزني أيضا فوز المرحومة فاطمة خوجلي الذي أضاف ل(السوداني) شرف الفوز في الدارين. لم أكن أعرف فاطمة معرفة شخصية ولم أرها رغم ترددي الكثير على مقر الصحيفة، لذا وجدت مشقة في رثائها لأن المعرفة أس الرثاء والجسر الذي يفتح الطريق للدمعة ويعبد الالتياع، لها الرحمة. لا أريد أن أقول إن هذا التفوق الشاسع مرده الأخ الأصغر ضياء الدين بلال الذي كتبت عنه من كندا عام 98 من القرن الماضي ووصفته بفاكهة الصحافة السودانية وتنبأت له بحضرة على بلاطها، لأنني لو قلت ذلك سأظلم ظلما بينا رجلا يقف من موقع خفي ليصنع التقدم والتألق، هو الاستاذ حاتم عبدالغفار مدير عام الصحيفة، فالإدارة هي الروح التي تنسكب على أقلام المحررين وتكلل حبرها بالرضى. حاتم رجل مبتسم، تلك صفة قرينة به، وكاشفة فمه وسريرته التي تحمل لون الأسنان، ودود وذو همة والأهم من ذلك أنه (مريخابي) تسلم (السوداني) بروح المريخ القتالية، فأحكم الدفاع. وسيل الهجوم. و(كرب) خط الوسط. واهتم باللاعبين حتى انتصرت (السوداني) بنتيجة 5/2 بأهداف مصنوعة وملعوبة. هذا هو سر خلطة المريخ السحرية. حين تختلط الإدارة بالتحرير على قاعدة التفاهم فتكون النتيجة الانتصار الداوي. أنه ليس انتصار صحيفة على بقية الصحف ولكنه انتصار صحيفة لقيم الصحافة المرعية الحيادية -المهنية- الموضوعية والتوسط الخلاق بين الموضوعات. كعادته النابغة من قيمة الكرم الموصوف به، أعلن رئيس مجلس إدارة الصحيفة السيد جمال الوالي المجمع عليه اجتماعيا ورياضيا عن جوائز مالية وحوافز للفائزين، وتلك خطوة (محرية) فيه لكنني ألتمسه أن يضيف للحافز المالي فترة تدريبية للفائزين على نفقته خارج السودان مثلما وفر هذه الفرصة للمريخ مع بايرن ميونخ!. أما أنا فسأحتفل بكوكبة (السوداني) بمنزلي فلي حمل أودعته (دكة) غرب أم درمان والدكة هي المكان الذي تحفظ فيه الخرفان تمهيدا للسلخانة. حمل ادخرته لإكرام صديقى أمير صديق ريحانة قناة الجزيرة الذي يزور البطانة هذه الأيام، وقد رأيت في ذلك الحمل ما يليق بأمير من طزاجة العظم وحسن المعشر، سأبيع أمير صديق وأذبحه بيدي لأولاد (السوداني). وستطهوه امرأة يكنيها جزارو غرب أم درمان (بام صيجان) لأنها تشوي اللحم في ثلاثة صيجان في وقت واحد!. لها سن من الفضة، ولها أيضا عبارة ترددها حين يعجبها اللحم الطوي الطازج الهشي الذي تكرهه النار، (الخرفان عند العرب... والفسيخ عند الحلب)! تهنئة الفؤاد ل(السوداني). أقاصى الدنيا -صحيفة السوداني