:: بعد إنفصال الترابي، ثم غازي صلاح الدين، يصبح إنفصال أسماء الحسيني حدثاً ثالثاً ثم مهماً في تاريخ حكومة الإخوان بالسودان.. نعم، صديقتنا أسماء الحسيني - الصحفية بالأهرام المصرية - لم تكن مجرد صحفية مصرية في عيون وعقول سادة حكومة السودان، بقدر ما كانت سُلطة مصرية كاملة السيادة بالخرطوم.. إكتشاف الحياة بالمريخ أسهل من مقابلة محافظ القاهرة بغرض إجراء حوار صحفي لصحيفة سودانية، ولكن سرعة زميلتنا أسماء الحسيني في إكمال مهامها الصحفية بالسودان كانت زمناً مقداره فقط مسافة الطريق من مطارالخرطوم إلى (القصر الرئاسي)، أو ( مكتب أي وزير)..!! :: وأحياناً، لم تكن أسماء تتكبد مشاق طرق أبواب وزارء حكومة الإخوان بالخرطوم، بل تأتي وتقيم في الفندق ثم تتصل بالسادة الوزراء لعلم الوصول، فيأتي الوزير الإخواني تلو الوزير الإخواني - إلى حيث تقيم أسماء - وهو يجرجر ( تصريحاته وحواراته وصوره)..ولهذا، أي لأن أسماء الحسيني كانت تمثل نفوذ السلطة المصرية بالخرطوم، كانت صحف الخرطوم تتبارى في التعاقد معها، تارة بالدولار وأحياناً بالجنيه..وعندما يستاء الأخ صلاح عووضة وغيره من هذا (الخيار والفقوس)، ويطالب حكومة السودان بمعاملة الزملاء بالصحافة السودانية بذات تقديرهم لزميلتهم المصرية أسماء الحسيني، كان ردهم تبريراً من شاكلة : ( لا، أسماء دي بنتنا ولازم نميزها)، أو ( لا، أسماء دي إتسودنت ولازم نقدرها)..هكذا، كانت أسماء ( كوم) و زملاء المهنة بالسودان (ربع كوم)..وكان نهج مراسم وسكرتارية حكومة الإخوان بالسودان منتشياً بهذا ومتباهياً..!! :: ولذلك، يصبح إنفصال أسماء الحسيني عن حكومة الإخوان بالسودان حدثاً يستدعي البحث عن الأسباب..ومن مقالها المهاجم لما أسمتها بحكومة الإخوان بالسودان، نقتبس ما يلي نصاً : (اليوم تثير حكومة الخرطوم غبارا كثيفا على مجمل المشهد بالحديث عن قضية حلايب بدلا من أن تجيب عن الأسئلة الحقيقية المثارة فى مصر حول السلاح المتدفق من داخل حدودها صوب مصر، وعن التسهيلات التى تقدمها لاستقبال وإيواء وتهريب قيادات جماعة الإخوان المسلمين)، هكذا كتبت وأفصحت عن أسباب إنفصالها عن الحزب الحاكم بالخرطوم.. تدفق السلاح وتهريب إخوان مصر، من الإتهامات التي لاتتكئ على ( الأدلة والبراهين)، فالسلطات المصرية ترصد قطرات مياه النيل بالسودان، فلماذا تعجز عن رصد وضبط السلاح وجماعة مرسي؟..هذا الإتهام لايصلح بأن يكون سبباً لإنفصال أسماء ..!! :: فالسبب الجوهري يتجلى في ثنايا تلك الإتهامات المراد بها تغطية قضية الساعة بصحف مصر..أقلام بصحف مصر، منذ أسبوع ، تبذل جهداً مقدراً في الرد على تصريح الرشيد هارون الوزير برئاسة الجمهورية.. وهارون لم يهاجم مصر ولا حكومتها، بل قال في ندوة طلابية كما يقول أي مواطن سوداني : ( حلايب سودانية 100%)..هاجت صحافة مصر، وكذلك أسماء..وإن كان تصريحاً كهذا يثير صحافة مصر ويغضب أسماء ، نقترح تأسيس وزارة بحيث يتفرغ وزيرها لمثل هذا التصريح الغاضب..سودانية حلايب ليست بحاجة إلى تصريح هارون أو تأكيد غيره، هي كانت ولاتزال وستظل سودانية رغم أنف الإحتلال المصري العاجز عن طمس هويتها وثقافة أهلها..بواسطة لجنة التحكيم الدولي، وبوثائق دار الوثائق السودانية، إستردت مصر طابا من الحكومة الإسرائيلية بعد سنوات من الإحتلال..ورفض أسماء و النخب المصرية الإحتكام إلى تلك اللجنة االدولية وخوفها من أحكامها دليل مصري على (سودانية حلايب)..وعليه، فلتهاجم أسماء الحسيني حكومة الخرطوم كما تشاء، فالحكومات ما هي إلا محض محطات في حياة الشعوب..ولكن تخطئ كثيراً إن هي إختزلت قضية حلايب في حكومة السودان.. قضية حلايب (قضية شعب).. (عارفة إيه يعني شعب ؟)، والإجابة ليست بحاجة إلى عبقرية اسماء الموصوفة بأنها ( تسودنت) ..!! الطاهر ساتي إليكم - صحيفة السوداني [email protected]