* حكينا - من قبل - طرفة الحلفاوي عكاشة صاحب الفرن.. * فخلال خطبة من خطب يوم الجمعة أسهب الإمام في الحديث عن أهوال يوم القيامة فإذا بعكاشة هذا يبكي بكاءً مراً له نحيب.. * وعقب الفراغ من الصلاة اقترب رجل من عكاشة - وهو لايزال يكفكف دموعه- ليقول له مش راح ينفع البُكا يا شيخ ؛ كبِّر الرغيف).. * وسبب تذكرنا للطرفة هذه اليوم أن جاراً يدير مؤسسة ما طفق يتحدث في مناسبة اجتماعية بالحي عن رعب تملكه إبان وعكة مفاجئة ألمت به.. * قال إنَّ سنين حياته الطويلة اُختزلت في لمحات مرت أمامه كشريط سينمائي قصير.. * وفي الشريط هذا تراءت له(أشياء) ود أن لو لم تكن حدثت من تلقائه.. * كما تراءت له - كذلك - حسنات ودَّ أن لو كان أكثر منها.. *وأشار إلى محاضرة دينية عن يوم القيامة سمعها- أثناء علته هذه - جعلته يرتجف رعباً إلى حد البكاء.. * وحين كان (المدير) هذا يتحدث انتبهت إلى همسات متداولة بين نفر من الجالسين ورائي.. * والتقطت من بين الهمسات هذه واحدة يجزم صاحبها أنه (شخصياً) أحد ضحايا المدير (الباكي) خلال فترة عمله معه سائقاً... * قال إنه (أكله) في مستحقاته عن ثلاثة أشهر كاملة.. * وحين ذهب إليه متظلماً - الهامس هذا- قال إن المدير أمر سكرتيره بطرده من مكتبه وهو يصيح في وجهه روح اشتكي).. * ويمضي الهامس قائلاً بصوت لا يسمعه إلا من هم حوله وشكيتو لي الله). * وانتبهت إلى (المدير) - مرة أخرى- وهو يواصل حديثه ذاك عن أثر المرض والمحاضرة على نفسه.. *ثم تحول هو ذاته إلى واعظ يحض الجالسين على الإكثار من تذكر يوم الحساب.. * وقال إن المرء إذا لم يحاسب نفسه في هذه الدنيا فسوف يُفاجأ بمن يحاسبه يوم الموقف العظيم.. * وأذن المؤذن - في اللحظات تلك - لصلاة العشاء .. *وقام الناس للصلاة ليؤمهم رجل ذو صلة قربى بالسائق ذاك الذي قال إن (المدير) قد ظلمه.. * وسمع الناس نحيباً شديداً حين بلغ الإمام الآية التي يقول فيها الحق تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).. *وعند الفراغ من الصلاة لاحظ الناس أن (المدير) يمسح دموعه بطرف عمامته.. *وسمعوا (السائق) وهو يصيح - عوضاً عن الهمس - من بين الصفوف الخلفية لو توبتك دي نصوح انصف مظاليمك وأنا أولهم).. * وتذكرت (ساعتها) طرفة عكاشة (الباكي) والرجل يقول له مش راح ينفع البُكا ياشيخ، كبِّر الرغيف).. *وفي حالتنا هذه : (أنصِف الضعيف !!!!!) . بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة