*من شمال دنقلا وحتى جنوبحلفا تشتعل حرائق النخيل تباعاً منذ خمسة أعوام.. *وإثر كل حريق يقضي على عشرات الآلاف من النخيل تُكون لجنة تحقيق لا تصل إلى نتيجة أبداً.. *إنها نسخ مكررة من لجنة التحقيق الخاصة بمجزرة كجبار تلك لو (تذكرونها).. *وقبل أيام اندلع آخر - وليس الأخير بالطبع - حريق بجزيرة نرنارتي قضى حتى على البيوت وليس النخيل وحسب.. *وكالعادة خرجت علينا الحكومة بنغمة (لجنة تحقيق) السخيفة سخافة الأسباب التي صارت بدورها (نغمة) على شفاه الأهالي هناك.. *وهي أسباب تتمحور في مجملها حول فرضية وجود (استهداف!!) مدروس يرمي إلى إفراغ المنطقة من هويتها النوبية عبر إفراغها - بدءاً - من نخيلها.. *إنه شئ يماثل استهداف قدم لاعب مزعج ليضحى - من ثم - لا فرق بينه وبين كاتب هذه السطور.. *فمعروفةٌ العلاقة الوجدانية التي تربط بين النوبي - وإنسان الشمال عموماً- وبين نخيله من لدن زمان بعنخي وإلى زمان (الإنقاذ !!) هذا.. *فإذا ما جُرد النوبي من نخيله فكأنما جُرد من أصله وماضيه وحاضره ومستقبله.. *فلمصلحة من - أو ماذا - إذاً يلعب بالنار المتهمون بإشعال النار في (زماننا هذا)؟!.. *و(غبيةٌ) هي التفسيرات التي يحاول تسويقها البعض الآن تبريراً لتلكم الحرائق الآخذ بعضها برقاب بعض.. *وكأنما لم يسبق أن كان هنالك (جفاف) - هناك - طوال سبعة الآف من الأعوام هي عمر التعايش بين النيل والنخيل والإنسان.. *وكأنما لم يسبق أن (أوقد) مزارع ناراً بين النخيل طوال القرون هذه أبداً.. *وكأنما إنسان المنطقة منحدر من سهول سيبيريا فلا (يجيد التعامل) مع أشجار النخيل (الغريبة!!) عليه.. *وكأنما (قوات الإطفاء) التي يتحدث البعض هذا عن عدم توافرها بالمنطقة كانت معروفة في زمان تهارقا و نوباتيا و المقرة و التركية و المهدية.. *وكأنما بيوت السكان هناك كان يفصل بينها وبين النخيل (حاجز) أشبه بالذي يفصل بين المسؤول وعامة الناس الآن.. *والغباء حين يصل مرحلة إشعال النار - منسرباً من بين ثنايا التذاكي - يكون (لعباً بالنار!!).. *ولا نتهم جهة حكومية بحديثنا هذا كيلا نجد أنفسنا لدى نيابة (الجرائم الموجهة ضد الدولة).. *ولكنا نسأل الحكومة عن دورها إزاء (الجرائم الموجهة ضد النخلة) هذه.. *إلا إن كانت تظن أنها (ما قصرت) وهي ترسل عربات إطفاء تصل دائماً بعد (انطفاء) الحريق.. *ويبقى الحريق مشتعلاً في النفوس ما بين حلفا و دنقلا منذراً ب(حرائق!!). *وحينها لن تقدر مياهٌ مثل المراد حجزها بسد كجبار على إطفائه.. *ويتواصل غباء (اللعب بالنار !!!!). بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة المستقلة