في الوقت الذي وافق فيه طرفا النزاع القبلي بين المعاليا والرزيقات أول أمس على وقف العدائيات تمهيداً لإبرام الصلح بعد الأحداث المؤسفة في شرق دارفور، كانت الأخبار القادمة من شمال دارفور تتحدث عن تجدد القتال بين (الأبالة) والبني حسين ومقتل العشرات من الطرفين.. ما يجعلنا لا نتفاءل كثيراً باستمرار الهدنة بين المعاليا والرزيقات أو استمرار التزام أي من أطراف النزاعات القبلية في دارفور باتفاقيات الصلح التي يوقعون عليها، وهو أن عدد حروف اتفاقيات الصلح السابقة بين قبائل دارفور تكاد تكون بعدد قبور ضحايا الصراع القبلي أنفسهم..! لا أحد يلتزم باتفاق صلح طالما أنه يحتفظ بسلاحه في يده، فالبني حسين والأبالة الرزيقات، كانوا قد وقعوا على اتفاق صلح كبير العام الماضي بعد أحداث جبل عامر، وبعد ضياع مئات الأرواح في تلك النزاعات الدامية، وقد حظي ذلك الاتفاق بمباركة من رئاسة الجمهورية، بل شهد النائب الأول السابق، الأستاذ علي عثمان، مراسم التوقيع النهائي على ما سمي باتفاق الصلح الشامل بين قبيلتي البني حسين والأبالة (الرزيقات)..! صراعات القبائل العربية في دارفور تتسبب في مقتل أعداد من المواطنين، أكبر من الأعداد التي تحصدها المواجهات بين الحكومة والحركات المسلحة. معارك دامية وصراعات لا تحسمها اتفاقيات الصلح التي يتم التوقيع عليها بين أطراف النزاع، يوقعون عليها اليوم ويمزقون ورقتها مع أول وأصغر احتكاك محدود بين القبيلتين أو نوبة نهب وسطو تنتابهم. الحل يبدأ وينتهي فقط بنزع السلاح من تلك القبائل وإلزام قياداتها وشيوخها الذين تتعامل معهم وتعترف بهم الدولة، إلزامهم بتسليم كل أسلحة القبيلة إلى الدولة كشرط أساسي للاعتراف بهم كقيادات للقبيلة، وفي حالة عدم استجابتهم لهذا المطلب تتم محاكمتهم بتهمة إيواء مجرمين. إما أن تسود سلطة الدولة والقانون بين قبائل دارفور يا سادة، وإما ترك دارفور للفوضى تأكلها لحماً وتقذف بها عظماً عبر سلطة القبيلة ومليشياتها القبلية المسلحة.. إن تلك الاتفاقيات التي يتم إبرامها هنا وتمزيقها هناك، لن تجدي نفعاً، طالما أن من يوقع عليها بيده اليمنى يحتفظ ببندقيته محمولة على كتفه الأيسر.. ابدأوا بمحاسبة الإدارات الأهلية التي تأوي المجرمين والجناة، فلا أحد فوق القانون. شوكة كرامة: لا تنازل عن حلايب وشلاتين. جنة الشوك - صحيفة اليوم التالي