أحدثت الأزمة المالية العالمية تأثيراً سلبياً على مستوى معيشة المواطن في الدول العربية بوجه خاص نتيجة للارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية عالمياً، حيث سجلت ارتفاعاً حاداً في عامي (2006-2007)، وتفاقم أكثر خلال الربع الأول من العام الماضي (2008) ووصلت الأسعار لأرقام قياسية غير مسبوقة.. ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة فإن أسعار الغذاء وصلت للرقم القياسي بمعدل (8%) بين عامي (2005-2006)، وازداد الرقم القياسي لأسعار الغذاء بمعدل (24%) بين عامي (2006-2007)، وبالتالي ازداد الرقم القياسي لأسعار الغذاء خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2008بمعدل (3%) مقارنة بالأشهر الثلاثة للعام 2008. ولمواجهة هذه التحديات التي تواجه الدول العربية جراء الأزمة العالمية والوصول لحلول لمشكلة أزمة الغذاء وتحقيق الزمن الغذائي العربي تنعقد بالخرطوم هذه الأيام اجتماعات وزراء الزراعة في الدول العربية أعضاء الجمعية العربية للمنظمة العربية للتنمية والزراعة في دورة استثنائية لمناقشة العديد من المسائل والقضايا التي تواجه الأمة العربية. يتوقع الخبراء والمعنيون بالشأن الزراعي في الدول العربية أن تخرج هذه الاجتماعات بحلول واتفاقيات تسهم لحسم هذه المشكلات التي وصلت فيها نسبة الزيادة للأسعار خلال الربع الأول للعام الجاري (2008) بنحو (97%) للزيوت النباتية و(78%) للحبوب و(58%) للألبان ومنتجاتها بجانب استمرار الزيادة في أسعار اللحوم والسكر. ويعول د. سالم اللوزي المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية كثيراً على انعقاد الدورة ال (34) للمجلس التنفيذي للمنظمة خلال دورته التي تمتد من (2008-2010) بالخرطوم في الوصول لاتفاق حول وضع خطة لدعم مسيرة التنمية الزراعية العربية وتحسين أوضاع الأمن الغذائي العربي على المستويين القطري والقومي. ويؤكد د. اللوزي الإيجابيات التي حققتها الدول الأعضاء في المنظمة العربية للتنمية الزراعية خاصة في إعداد برنامج تطوير وتحديث عمل المنظمة في المرحلة القادمة وإعداد برنامج متكامل لتحقيق الأمن الغذائي العربي بالإضافة لبداية العمل بنظام الخطة الإطارية متوسطة الأجل (2005-2010) وإعداد الدراسة التقييمية والخطة التطويرية لعمل المنظمة ومتابعة تنفيذ البيان الصادر عن قمة تونس حول التنمية الزراعية المستدامة والأمن الغذائي وتقييم آثار منظمة التجارة الحرة العربية الكبرى على التجارة الزراعية العربية والبينية. ونوه د. اللوزي لضرورة متابعة الدول الأعضاء للتحضير لقيام الاتحاد الجمركي وإعادة تأهيل القطاع الزراعي اللبناني ودراسة آثار استخدام المحاصيل الغذائية الرئيسية في إنتاج الوقود الحيوي على الغذاء المتاح للاستهلاك ومتابعة تنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية العربية للعقدين القادمين حتى العام (0302) بالإضافة للإسراع في متابعة تنفيذ إعلان الرياض لتعزيز التعاون العربي لمواجهة أزمة الغذاء العالمية وإعداد مشروع البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي. ويرى جمعة بن حمد الكعبي وزير الزراعة بالبحرين ورئيس المجلس التنفيذي للمنظمة أن الخروج من الأزمة العالمية التي تواجه الدول العربية خاصة نقص الغذاء يتطلب بذل الجهود المتواصلة مع الدول الأعضاء لتنفيذ مشاريع وبرامج جديدة وفتح مجالات الاستثمار الزراعي وتطبيق الخطة الاستراتيجية الزراعية في العام (2008-2010) ورفع مستوى المعيشة للأفراد. ونوه الكعبي لأهمية تفعيل ومتابعة توصيات وقرارات القمتين الاقتصادية بالكويت التي عُقدت العام 2009الحالي وقمة الرياض التي عقدت في العام 2007التي ستسهم في تطوير العمل الزراعي وإيجاد حلول حاسمة لمشكلات الأمن الغذائي العربي. ويقول محمد التويجري الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية إن التوسع في الزراعة واستصلاح الأراضي يسهم في الخروج من الأزمة الاقتصادية منوهاً الجهات ذات الصلة بالدول العربية للاهتمام بالجودة وتجويد البحوث الزراعية لتنفيذ المشاريع المهمة. ويشير الخبراء الى أن زيادة الاستثمارات الزراعية في الدول العربية وتفعيل دور المنظمات الزراعية وإعادة النظر في سياسات القطاع الزراعي تسهم في الحلول. ويعزو الخبراء أسباب الفجوة في السلع الغذائية في الدول العربية وأسباب ارتفاع الأسعار العالمية (جانب الطلب) لارتفاع مستوى المعيشة ومعدلات النمو في كل من الصين والهند الأمر الذي أدى لظهور طبقة من المقتدرين في الدولتين لايقل عددهم عن ال (300) مليون نسمة تنتمي للطبقة الوسطى التي تتمتع بقدرة شرائية عالية وأدى ذلك لإحداث طلب إضافي على الحبوب واللحوم الأمر الذي أسهم في زيادة الطلب على القمح والأرز والألبان واللحوم. ويقول السر صديق خبير في المجال الزراعي إن ارتافع أسعار النفط أدت لارتفاع تكاليف إنتاج المواد الغذائية واتجاه الدول الصناعية الكبرى لإنتاج الوقود الحيوي من القمح والذرة وفول الصويا واتجهت الولاياتالمتحدة والبرازيل ودول الاتحاد الأوربي نحو مضاعفة إنتاج الوقود الحيوي الذي يصل حالياً لأكثر من (10) ملايين طن. ويضيف السر ل «الرأي العام» أنه من المتوقع أن تشهد آسيا استخدام المزيد من زيت النخيل في إنتاج الديزل الحيوي مع قيام منتجين رئيسيين للنخيل مثل ماليزيا بإعداد زراعات جديدة بجانب توقع تحويل المزيد من الذرة في الصين لإنتاج الإيثانول رغماً عن جهود بكين لكبح هذا التوجه ومنع الارتفاع الملحوظ في أسعار الغذاء. إحسان الشايقي :الراي العام