الحق في الغذاء حق طبيعي من حقوق الإنسان.. وكما تحتفل منظمة الأممالمتحدة للزراعة والأغذية باليوم العالمي للغذاء منذ 1979 كما أشرت، فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تحتفل في سبتمبر من كل عام بيوم الزراعة العربي، المنظمة العربية أكدت أن الفجوة الغذائية بلغت 37 مليار دولار أمريكي «2010»، وناشدت القادة العرب والمسؤولين عن القطاعات الاقتصادية في الوطن العربي، جعل التنمية الزراعية والأمن الغذائي في أولوياتهم وتوجيه المزيد من الأموال للزراعة خاصة للمشاريع الزراعية الإعاشية في الريف. وبارتفاع أسعار الغذاء العالمية «يونيو 2010- أبريل 2011»، سقط 44 مليون شخص تحت خط الفقر، وتشهد الدول منخفضة الدخل والشريحة المنخفضة في الدول متوسطة الدخل، ارتفاعاً في الأسعار أكثر من الدول الغنية، وشعار يوم الغذاء العالمي في السادس عشر من أكتوبر للعام 2011: «أسعار الأغذية من التأزم إلى الاستقرار». وأشار تقرير البنك الدولي «يوليو 2011»، إلى أن مؤشر أسعار الغذاء زاد بنسبة 33%، وزاد سعر الذرة بنسبة 84%، والسكر بنسبة 62% عن المستوى قبل عام. ولما كان مفهوم الأمن الغذائي يقوم على توفير الغذاء للمواطنين وخاصة الشرائح المستضعفة، فإن القلق يتزايد عندما نصطدم في السودان بحقيقة انخفاض حاصلات الصادر الزراعي وارتفاع واردات السلع الغذائية، وأصبح السودان أحد أكبر الأسواق المستوردة للصناعات الغذائية السعودية، فالمصانع في السودان تعمل بطاقة 20% ولم تنفذ توصية واحدة من توصيات مجلس الوزراء الموقر والبالغ عددها إحدى وستين. وترتبط الزيادات في أسعار الغذاء بالزيادات في أسعار الطاقة، فحدوث ارتفاع في أسعار النفط يشجع على زيادة استخدام منتجات غذائية مثل الذرة والزيوت النباتية والسكر في إنتاج الوقود الحيوي. كما أن زيادة أسعار الطاقة تؤثر في رفع تكاليف نقل المحاصيل إلى الأسواق، مما يؤدي إلى اختلال الأسعار داخل البلد الواحد، كما أن زيادة أسعار الطاقة تؤثر في رفع تكلفة الإنتاج من خلال ارتفاع الأسمدة وتكلفة الري وغيرها من المستلزمات الزراعية. وتسهم الصراعات في ارتفاع أسعار الغذاء عندما تتعطل قدرات الامداد والتوزيع، كما تسهم في حدوث نقص محلي وتدنٍ للإنتاج، وكذلك الاختلالات الكبيرة في شركات الأسعار داخل البلد الواحد. ونلاحظ خروج مساحات بأكثر من 40% من الإنتاج الزراعي في جنوب كردفان والنيل الأزرق وسنار، ويتأثر بذلك محصولا الذرة والسمسم، كما أن الحرب في شمال دارفور دمرت 5.628 فداناً من غابات الهشاب والطلح. وارتفاع معدلات التضخم وسعر الصرف في السودان تؤثر في زيادة أسعار جميع السلع الأساسية ومنها الغذائية، ومعروف خروج الموارد التي كانت تأتي من الجنوب (3.6 مليار دولار أمريكي»، وفقد حكومة السودان 36% من الإيرادات جراء الانفصال. ووصف محافظ بنك السودان السابق في يوليو الماضي، التحولات التي سيحدثها انفصال الجنوب «بالصدمة الاقتصادية»، والتي يمكن أن تفوق في تأثيراتها حجم الأزمة المالية العالمية، فالانفصال يعني انخفاض إجمالي الناتج القومي بنسبة 20%، والانخفاض في العملات الأجنبية. ونذكر أنه من آثار الأزمة المالية العالمية على السودان، أن خسارة السودان في 2009 بلغت خمسة مليارات دولار أمريكي وحوالي مليار في 2010م، ولم يستطع السودان وكثير من الدول النامية الأخرى بلوغ مستوى نمو ما قبل الأزمة نتيجة الآثار المتأخرة لأزمة 2008. وسلع الصادر الأخرى غير البترول تواجه مشاكل مختلفة، ومن النماذج الصمغ العربي، حيث كان السودان يصدر 90% للعالم، وتدنى حتى 40% بسبب التهريب، والسياسات، ومستوى الإدارة.. الخ.. ودخول منافسين جدد: السنغال، تشاد، نيجيريا، كينيا ويوغندا، وما يتم تهريبه عبر شرق وغرب وجنوب السودان يعاد تصديره لدول العالم. والسودان يعاني آفة التهريب للسلع الغذائية مما يؤدي لارتفاع أسعارها وحرمان الدولة من النقد الأجنبي ومنها الذرة والسكر. والديون وخدماتها ترتبط بشح النقد الأجنبي الذي تتم معالجته عن طريق ديون جديدة، ولذلك طلبت حكومة السودان معونة المؤسسات المالية الدولية لسد العجز.. وتظل الديون بذلك أبدية ولا حل غير إعفائها بعد حصول المؤسسات على أصول الديون وجزء من الفوائد.. وكسبت الشروط والنصائح.. (!).. وهذا الشح من أسباب ارتفاع العملات الأجنبية وهو يضعف كل البدائل بما في ذلك تحويلات المغتربين التي تتجه نحو السوق الأسود أو حتى توقفها بسبب البطالة في الدول التي هاجروا إليها.. ومن أسباب ارتفاع أسعار الغذاء الأخرى: - ضعف إدارة التوزيع، ومن نتائجه الاحتكار والفساد. - الضرائب ورسوم العبور والرسوم الأخرى. - التباطؤ في إنفاذ البدائل كما نموذج الذرة الرفيعة بديلاً للقمح لصناعة الخبز. - نقص المساحات المزروعة قطناً رغم ارتفاع أسعاره عالمياً.. الخ إن شعار رفع الأعباء عن كاهل الجماهير، توارثته الحكومات والأحزاب منذ الحقبة المايوية دون نتائج ملموسة، وارتفاع الأسعار عمق هوة الفقر.. ولن تكون الحلول في استيراد السلع الغذائية أو مقاطعة سلع أو إقامة مراكز توزيع.. وعندما نأخذ إلى جانب كل ذلك ضعف آليات الحوار الاجتماعي وازدياد حدة الفوارق الاجتماعية والبطالة، فإن الحل الواضح هو: ضرورة إعادة النظر في دور الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. المصادر: - برنامج الأغذية العالمي «الأخبار». - البنك الدولي «مراقبة» أسعار الغذاء أبريل 2011م. - الأممالمتحدة- اللجنة الاقتصادية «الاجتماع 26 للجنة الخبراء الحكومية الدولية». - د. الفاتح عباس القرشي، بروفيسور إبراهيم غندور 22/9 - عباس محمد إبراهيم- الصحافة 28/8/2011م. - بابكر الحسن/الرأي العام: 13/8 - يوسف عبد المنان/ آخر لحظة 24/9 - محمد صديق أحمد، علوية مختار/الصحافة 26/9 - صحيفة ألوان 23/9 - صحيفة آخر لحظة 6/10 والتيار 6 و8/10/2011م.