دعوة مبارك الفاضل المهدي للصادق المهدي وأحمد المهدي للعمل على وحدة الأمة القومي جاءت بعد أن انشق هو عن الحزب بمجموعة ضخمة، هذه المجموعة انقسمت بعد ذلك إلى عدة أحزاب صغيرة، منها ما يقوده من يحمل اسم «المهدي» ومنها ما يقوده من لا يحمل الاسم، لكنها تتمتع جميعها بالمشاركة في السلطة بمناصب رفيعة يتقلدها رؤساؤها. ولا أدري ما الحكمة السياسية في هذه القسمة الضيزى إذا قارنا هذه المجموعات من حيث القاعدة الجماهيرية بجماعة أنصار السنة المحمدية مثلاً؟ وجماعة أنصار السنة أثرها في المجتمع طبعاً أكبر من تأثير كل مجموعات حزب الأمة المشاركة في الحكومة. إذا كان السبب مثلاً لأن جماعة أنصار السنة دعوية وليست سياسية رغم تسمية «مسؤول سياسي» فيها، وهذا خطأ دعوي فادح طبعاً، فإن العبرة بالقاعدة الجماهيرية بغض النظر عن صفتها الائتمانية. المهم في الأمر هنا هو أن مبارك الفاضل المهدي يريد إعادة حزب الأمة سيرته الأولى، ولكن هل يريد أن يتراجع عن الانشقاق الذي قاده مع قيادات انشقت عنه لاحقاً دون أن يتمسك بالمعالجات التي كان يراها داخل الحزب، وكان عدم الاهتمام بها سبباً للانشقاق؟ يمكن أن يفسر البعض دعوة مبارك لوحدة حزب الأمة القومي من جديد بعد أن قاد عملية الانشقاق عنه بأنها بمثابة «توبة وأوبة». إن مبارك الفاضل المهدي يتحدث عن معاناة حزب الأمة من الانقسامات في دوائره كافة. فيقول: «إن حزب الأمة عانى من الانقسامات في كافة دوائره».. انتهى. لكن الحقيقة التي لم يوضحها مبارك بدقة هي أنه قاد مجموعة واحدة انشق بها من الحزب بعد ذلك تأثرت المجموعة نفسها بفيروس الانشقاق لتنشق إلى عدة حزبيات. إذن مبارك المهدي بعد رحلة سياسية بدأها بتقلده منصب مساعد الرئيس وختمها بالدعوة إلى وحدة حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي، أو بدأها بالانشقاق والشقاق وختمها بدعوة الوحدة والاتفاق، لعله يريد أن يعود إلى وضعه الحزبي القديم، لكنه سيجد الصادق وهو يعلم محاطاً بثلاثة نواب له من ضمنهم ابنته «مريم». لقد غادر مبارك حزبه وقد كان في وضع سيجده أفضل من الذي سيكون بعد «وحدة حزب الأمة» إذا استجاب الصادق المهدي وأحمد المهدي لدعوته. ومبارك المهدي يطالب الآن بالتحضير لمؤتمر عام لحزبه وإعادة النظر في كل هياكل الحزب. لكن مسألة إعادة النظر هذي ستكون عسيرة الهضم على قيادات الحزب الذين بقوا مع الإمام الصادق ولم يتبعوا السيد مبارك الفاضل المهدي. فالآن السيد الصادق المهدي ومن حوله من النواب والأمين العام ورئيس وأعضاء المكتب السياسي جميعهم راضون عن مؤسسات الحزب، وبالنسبة لعودة مبارك لوحده دون من انشقوا معه عام 2001م من القيادات البارزة مثل الدكتور الصادق الهادي المهدي وعابدة المهدي والزهاوي إبراهيم مالك وعبد الله مسار وبابكر نهار فإنه سيعود خفيف الوزن السياسي بعد أن خرج ثقيل الوزن السياسي. وإذا كان سيراهن على عدد مقدر من الأنصار فسيكون مصيرهم مثل القيادات التي انشقت معه. والمطلوب من مبارك الآن أن يبدأ الصلح الشامل الذي ينشده والوحدة مع الذين انشقوا معه وتفرقوا من بعد أيدي سبأ. شخصية عظيمة في حزب الأمة مثل الزهاوي إبراهيم مالك وزير الإعلام الأسبق انشق مع مبارك من الحزب، ثم خرج معه من الحكومة، فهل سيجد الوفاء من مبارك أم أن مبارك يجد أن من انشقوا معه قد استنفد غرضهم، وبكل بساطة يمكن أن يعود إلى الصادق المهدي بمفرده ليسعى ليحل محله؟ فهل أسرة الصادق وأسرته سيكونون مغفلين؟ الانتباهة - خالد حسن كسلا