*والصحف تصرخ نيابة عن الناس.. *والناس يستمرئون الصراخ هذا بدلاً منهم.. *فما دامت الصحف تصرخ فالدنيا (لسه بخيرها).. *وإن حاول كاتب أن يكف عن الصراخ (شتموه).. *ونعني بالكف عن الصراخ الحديث عن أشياء أخرى.. *أشياء لا صلة لها بالفساد والغلاء والكهرباء و(الحاويات).. *ولهذا وصف بعض قادة الإنقاذ شعبنا بأنه (صبور).. *وهو صبور – فعلاً – إلا على صحافتنا.. *فالصحافة تصرخ – مثلاً – في وجه فضائح هيئة الحج والعمرة.. *والناس يتدافعون نحوها ليضحك المطيع في وجه الصحافة.. *والصحافة تصرخ من غلاء الأسعار.. *والناس يتدافعون في الأسواق ليضحك التجار على الصحافة.. *والصحافة تصرخ جراء قطوعات الكهرباء.. *والناس يفرحون عند عودتها ليضحك معتز على وقع صرخات الصحافة.. *والصحافة تصرخ خوفاً من حاويات (السطل).. *وشبابنا (يسطلون) ليضحك أصحابها من (تساطل) الصحافة.. *والصحافة تصرخ احتجاجاً على هابط غناء أيامنا هذه.. *والناس يهرولون إلى الصالات ليضحك (أب ضرس) حتى تظهر (أضراسه).. *والصحافة تصرخ ألماً من (حال) مذيعاتنا وبرامجنا وشاشاتنا.. *والناس يتوجون أكثرهن (سطحية) نجمةً للعام لتتسع ضحكتها (البلهاء) تلك.. *فالصحافة تؤدي للناس دور تلكم النائحة المستأجرة .. *النائحة التي اشتكت أحد (الوجهاء) لعدم إعطائه حقها كاملاً.. *فما دام هنالك من ينوح عوضاً عن أهل الميت فلماذا (التظاهر) بالحزن؟.. *فحتى الحزن لم يعد (أصيلاً) في أيامنا هذه.. *أو إنه لم يعد هناك وقت للحزن.. *فهذه تخشى على (فسخة) وجهها من الدموع.. *وتلك يشغلها – أكثر من الحزن- أمر (زينتها) بين المعزيات.. *وذاك يغلب على مشاعر حزنه هم (تكاليف) العزاء.. *والآن وزير المالية – بدر الدين- يبشر الناس بالمزيد من رفع الدعم.. *أو بالمزيد من رفع الأسعار بما أن الدعم رُفع أصلاً (من زمان).. *والناس سوف ينتظرون الصحافة لتصرخ إنابة عنهم.. *وويل لكاتب صحفي إن لم يصرخ.. *فهو يعيش في برج عاجي ولا يحس بمعاناة الناس.. *وكأنما الكاتب هذا هو (المطيع) أو (معتز) أو (بدر الدين محمود).. *وها أنا ذا- كاتب هذه السطور- أصرخ مقدماً في أمرٍ ما نيابة عن الناس.. *أمر سفر مساعد الرئيس – الميرغني الصغير- إلى تايلاند.. *وليس مسافراً هو في مسألة تخص الناس هؤلاء.. *ولا تخص مشروعاً تنموياً للبلاد.. *ولا تخص تمديداً لوعده ذي (181) يوماً.. *مسافر هو لعلاج التواء – أو كسر – بقدمه.. *وإن لم يسمع الناس صراخي فليعذروني.. *فقد يطغى عليه (صراخ عائشة !!). الصيحة