بداية القصة التي أزعجت المجتمع الدولي والسلطات المحلية وخاصة أبناء دارفور بالخارج، عندما أصدرت حركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي، بياناً، في وقت سابق، أنها رصدت تحركات لعناصر «إرهابية إسلامية» قوامها «700» شخص، من ليبيا ومالي في الأجزاء الشمالية لدارفور، وأن ترتيبات تجري لنقلها إلى مناطق جبل مرة بغرض التدريب، وأن هنالك تحركات لعناصر «إرهابية»، قال إنها «وجدت فجأة في المناطق الشمالية لشمال دارفور». وقال إن وجود هذه المجموعات في تلك المنطقة أشاع الرعب وسط المواطنين، ما اضطر السلطات لنقلها إلى مدينة مليط مستخدمة سيارات صغيرة وبصات سفرية. «الإنتباهة» تقتحم مقر الجماعة من أجل الوصول إلى الحقيقة، تحركت «الإنتباهة» صوب مدينة كتم شمال غرب الفاشر، ومن ثم شمال كتم لتصبح المسافة من الفاشر لمنطقة غرير حوالي أكثر من مائتين وعشرين كيلو مروراً بالجبال والطرق الوعرة حتى وصلنا إلى منطقة غرير بحثاً عن «داعش المزعومة»، وكنا برفقة بعض زملاء المهنة بالفاشر، نسأل الأهالي بلهفة عن هذه الجماعات ومدى صحة انتمائهم لداعش، نافين لنا وجود إسلاميين يحملون أسلحة كما سمعناه، فقط يقرون بأن هنالك خلوة لأناس عاديين يذكرون الله ويدرسون تعاليم القرآن. الدخول عبر الباب حتى وصولنا إلى منطقة غرير، لم نبلغ السلطات بمدينة كتم عن مقصدنا تفادياً من إخفاء تلك الجماعات إذا كانوا فعلاً ينتمون لداعش، ولكن بعد وصولنا إلى منطقة غرير فضلنا الذهاب لمنزل عمدة المهرية مصطفى الدود مهدي، الذي رحب بنا وقال إن الإعلام سلاح ذو حدين. وسألنا لماذا لم تصطحبوا معكم ناس دبنقا وآخرين ليقفوا على الحقائق، وأكد لنا ان هذه المجموعة هم سودانيون وضيوف عندهم، وبطبيعة أهل السودان يكرمون الضيف. وقال إنهم استضافوا منظمات، فما المانع من استضافة شيوخ وأنصارهم وأسرهم، وأكد ان هؤلاء شيوخ من خلوة مبروكة ومعهم نساء وأطفال وفي حاجة للمساعدة وأنزلوهم بالقرب من منطقة ماء بعد مجيئهم من دار الميدوب، وأضاف قائلاً: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. وطلب منا العمدة الذهاب فوراً لمقر الجماعة قبل دخول وقت صلاة المغرب. وقال المواطن برعي عبدالرحمن ل «الإنتباهة» إن النقل الخاطئ للمعلومات هو سبب المشكلات وتضخيم الموضوعات. وطلب من الذين يتحدثون ويلفقون البيانات من الأفضل لهم أن يأتوا بأنفسهم ليتأكدوا. في حلقة الذكر تحركنا من منزل العمدة صوب الجماعة بالقرب من الوادي، فوجدناهم في حلقة من الذكر يلبسون «الجلابيب البيضاء والطواقي والشالات الخضراء» ولهم راية عند المدخل الرئيس كسارية ترمز لشعار التجانية علاوة على لافتة فلكس مركونة بجانب السارية مكتوب عليها مبروكة الدعوية «مسيد الخليفة أبوالقاسم سليمان مالك الإسلامي التجاني» ومريديه، وفوجئنا بأنهم سودانيون ولا يختلفوا عنا في شيء، عكس ما كنا نسمعه. وحينها أوقفوا الذكر بالصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقاموا باستقبالنا بحفاوة واستضافونا، ولكن لضيق الوقت أردنا ان ننجز المهمة بأسرع ما يمكن، وعرفنا أنفسنا وشرحنا لهم سبب مجيئنا من الفاشر، ابتسموا وقالوا لنا نحن سمعنا ما قيل عنا ولا مانع لدينا في الرد على أي استفسار وصوروا كما تريدون واسألوا من تريدون أن تسألوه من الجماعة أو أطفالنا، وبالفعل قمنا بالتصوير قبل مغيب الشمس وصلينا المغرب في جماعة. أصل الحكاية وعن أصل الحكاية وسبب مجيئهم لدارفور وما علاقتهم بقوات الدعم السريع وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وما سبب اختيارهم لهذه المنطقة وأن عددهم «540» فرداً. تحدث إلينا الشيخ حسن بحر الدين نور جمال الدين خليفة الشيخ ابوالقاسم سليمان شيخ خلوة مبروكة التابعة للطريقة التجانية. وقال إنه من مواليد مدينة كاس. ونفى أن تكون جماعتهم تتبع لتنظيم دولة داعش أو لها علاقة بالتنظيمات الجهادية في العالم، وبدأ في سرد القصة. وقال إنهم جماعة دينية يتبعون للطريقة التجانية بالسودان، وإن جميع أتباعه الذين معهم الآن من السودان. وطلب من الأسر والأطفال الذين معه في المجمع الديني جميعهم بإخراج مستنداتهم لنا، وبالفعل وجدناهم يحملون القيد الوطني السوداني وليس من بينهم اي أجنبي كما أثير في التصريحات والبيانات بتبعيتهم لداعش ودول أخرى. والمستندات التي بحوزتهم من سنار وبتواريخ مختلفة سواء جنسية أو رقم وطني. وأضاف الشيخ انه في خلوة مبروكة بولاية سنار منذ العام 1996م، وأبان أن هنالك خلافات نشبت بين مجموعتين من أتباع شيخهم الشريف أحمد عبدالقادر قبل وفاته في من يخلفه. وأشار الى انه بعد وفاة شيخهم امتدت الخلافات وتفاقمت بين مجموعة عبدالله محمد حمزة، ومجموعتهم التابعة للشيخ أبوالقاسم. وأشار الى ان هذا الخلاف بدأ منذ العام «7680» مروراً بعد وفاة الشيخ في العام 1994م، وقال إن الذين يتحدثون ويقولون إننا داعش هل داعش يصطحب معه اسرته وأطفاله خاصة وأننا سمعنا ان الداعشي يدخل وسط الناس ويفجر نفسه. وتابع قوله إن خلوتهم في سنجة بمبروكة منضبطة ونمنع الشباب من الخروج دون إذن. وبعد وفاة شيخ الشريف رأت المجموعة الأخرى الانضباط، وطالبوا بالحرية وانهم دخلوا حتى المحاكم، وان الطريقة التجانية أرسلت وفداً لهم من الجزائر برئاسة سيدهم البشير لحل المشكلة، وبعد هذا الأمر أراد شيخهم ابوالقاسم تسليم ممتلكات وأصول الطريقة، واشترط عليهم اعطاءه مقراً داخل المبروكة، وبعد تسليم ابوالقاسم الأصول للمجموعة الثانية عملوا استفتاء للمريدين في اختيار التبعية للشيخين، وان هذه المجموعة تبعت أبوالقاسم ومشوا معه إلى داره في مبروكة وسكنوا معه حتى العام 2002م، ومن ثم أنشأوا جامعاً داخل منزل ابوالقاسم وأخيراً قرروا البحث عن مقر دائم وواسع خارج المدن تفادياً وبعيداً عن حياة المدينة التي قال انها حياة غير منضبطة. الرحلة إلى دارفور ويواصل الشيخ حسن حديثه: ان معهم في الطريقة التجانية مجموعة من شباب الميدوب بمنطقة المالحة قالوا لهم ان منطقتهم بحاجة الى الخلاوى، وبعد اتصال ابناء الميدوب بالإدارة الأهلية هناك والموافقة لهم ذهبوا للمالحة، وبعد ذهابهم لمنطقة المالحة برفقة اسرهم وبإذن من السلطات والإدارة الأهلية هناك خصصوا لهم منطقة لكن رفض الأهالي وجودهم بتلك المنطقة. واضاف انه تم إبلاغهم من الإدارات هناك بأن ابناء المنطقة رفضوا بقاءهم، وأن عددهم كبير جداً وأن لهم تقاليد والتزامهم وكلامهم ما حقنا، كما ان شباب المنطقة بالخارج ووفقاً لمعلومات خاطئة ضغطوا على الإدارة الأهلية هناك، وبعد إبلاغهم بالرحيل طلبوا مهلة شهر حتى يوفقوا أوضاعهم ويجدوا مكاناً آخر. الجماعة والدعم السريع وتابع قوله انه بعد إعطائهم مهلة شهر بدأ شيخهم أبوالقاسم في البحث عن مكان آخر حتى وجد بالصدفة أحد ابناء منطقة غرير الواقعة شمال مدينة كتم، وطلب منه أن يذهب لمحمد حمدان دلقو، ووافق لهم بترحيلهم ويمكن أن يذهبوا لمناطقهم ويدرسوا أبناءهم ويحفظوهم القرآن. وقام «حميدتي» باستئجار سبع عربات «Z S» لترحيلهم، وأن واحدة من العربات تعطلت قبل وصولهم بالقرب من مدينة مليط. وقال إنهم لا يعرفون حميدتي وما شافوه ولم يأت لهم حتى اللحظة، ولكن اعتبروه هو احد الخيرين من أبناء السودان، وقدم لهم خدمة إنسانية جليلة وليس شيئاً آخر. كما قال الأستاذ بريمة عيسى بريمة احد تابعي الطريقة التجانية ل«الإنتباهة»، انه من منطقة عديلة بولاية شرق دارفور، وان مجيئهم الى دارفور كان نتيجة لخلاف، وقرروا الذهاب الى منطقة أخرى تفادياً للمشكلات، وان الأسر المتزوجين «88» اسرة وجملتهم «540» فرداً، وأن الخلوة تقوم بتحفيظ القرآن والتفسير والأحاديث النبوية والفقه مذهب الإمام مالك والتوحيد واللغة العربية. معالجة الأمر «الإنتباهة» حسب مصادرها الموثوقة، تأكدت من خلال هذه الجولة أن السبب الرئيس وراء هذه البلبلة هو ان هذه المنطقة التي تقع غرب الوادي المحاذية له، باعتبار أن المنطقة تتبع لإدارة «سويني»، وأن إدارة سويني تضم عدداً من الإدارات بالمنطقة، لذا نطلب من السلطات الحكومية والإدارات الأهلية الجلوس مع بعض من أجل إزالة التخوف وطمأنة الأهالي من مخاوفهم بان هذه المجموعة لا تحتل أراضيهم ومعالجة الأمر دون ضوضاء.