الإعلام (المصري) .. الجهالة بالتاريخ !! لماذا يسيطر إحساس (المؤامرة) الغريب العجيب على بعض السياسيين و الإعلاميين ” المصريين ” ، كلما اقترب السودان في علاقاته مع دولة (غربية) أو (خليجية) ، فظنوا توهما أن ذلك عملا منظما و موجها ضد ” مصر ” ؟! حتى إذا زارتنا الشيخة ” موزا بنت ناصر المسند ” والدة أمير دولة ” قطر ” الشيخ ” تميم بن حمد آل ثاني ” ، و تجولت في أهرامات السودان بمنطقة ” البجراوية ” بولاية نهر النيل ، و هي مسجلة في قائمة التراث العالمي مع آثارنا الضاربة في أعماق التاريخ في منطقة ” مروي ” ، حيث يبلغ عدد أهرامات و معابد الحضارة النوبية في بلاد السودان (243) هرما و معبدا ، خرج رهط من مقدمي البرامج التلفزيونية على شاشات بئيسة يردحون إساءة للشيخة و سخرية من أهراماتنا .. أصل الحضارة النوبية لو يعلمون !! ( لو عاوزة أهرامات .. تعالي هنا عندنا .. ح نرحب بيك ) !! إذا كانت هناك مشكلة بين ” مصر ” و ” قطر ” ، مبعثها الاعتقاد بدعم ” الدوحة ” لجماعة ” الأخوان المسلمين ” في مصر و غيرها ، فهذا لا يعني أن زيارة الشيخة ” موزا ” للسودان و توثيقها لرحلتها بين أهرامات ” البجراوية ” ، هو عمل (عدائي) ضد ” مصر ” !! ما هذه العقليات المتأخرة و الأفكار الصغيرة الساذجة التي يروج لها جهلة كبار يسيطرون على شاشات الفضائيات المصرية ؟! من يوقف هؤلاء الرجرجة و الدهماء المخربين للعلاقات السودانية المصرية ، بل للعلاقات المصرية مع الكثير من دول العالم ، باستخدام العنف اللفظي تجاه العديد من الشعوب و الحكومات ، لملء مساحات الفراغ العظيم في أكثر من (100) فضائية لا تجد فكرة و لا قضية و لا مشروعا إعلاميا ذا قيمة ، سوى انتاج برامج (الشتيمة) اليومية تحت لافتة كذوبة عندهم .. هي برامج ال( Talk show) ، دون أدنى جهد مهني للبحث عن الحقيقة ، و اتباع الحجة و المنطق بعيدا عن الإسفاف . لا جدال أن الحضارة النوبية – لهؤلاء الذين لا يعرفون التأريخ – منبعها الأول في الجنوب امتدادا من ” البجراوية ” و إلى جنوب ” أسوان ” في صعيد ” مصر ” ، و تمتد إلى (7) آلاف سنة ، و قد أكد عالم الآثار السويسري ” شارل بونيه ” أن حضارة النوبة في السودان هي أقدم حضارة بشرية على وجه الأرض. و ذكر الكاتب الصحفي و المؤرخ المصري الكبير الأستاذ ” أنيس منصور ” أكثر من مرة ، أنه (ليس هناك شيء اسمه حضارة مصرية ، بل هناك حضارة نوبية) . و لذا ستجد أن معظم الآثار و المعابد موجودة في جنوب مصر قريبا من حدود السودان ، و ليس هناك آثار في ” أسكندرية ” أو ” بورسعيد ” أو ” المنصورة ” أو ” مرسى مطروح ” . ينبغي ألا يغالط البعض الحقائق ، و ألا يخلط السياسة بالتاريخ ، فالموضوعات العلمية ليست محلا للسخرية ، و لا تحتمل الصراخ و طق ( الحنك) و (الفهلوة) . من حق الشيخة ” موزا ” أن تزور ” البجراوية ” و لا تزور أهرامات ” الجيزة ” ، و(كل واحد حر .. ينام على الجنب اللي يريحه) ..و لا مش كدا ؟! بقلم