الشيخ أحمد جابو لموقع (النيلين) : موجة الإلحاد في السودان تعتبر ضعيفة إلا أنها مقلقة جداً .. والدعوة للتوحيد أولى خطوات محاربته ظهرت مؤخراً حالات لشباب أعلنوا إلحادهم ، وذهب بعضهم إلى المحكمة طالباً تغيير ديانيته من مسلم إلى لا ديني ، وبعضهم ألقت السلطات القبض عليهم ، وأطلق سراحهم باعتبار أنهم مصاببين بمرض نفسي ، فيما أعلنت مجموعات إلحادية عن نفسها في مواقع التواصل الإجتماعي حيث بلغ عدد عضوية مجموعة الملحدين السودانين 22 ألف عضو . وفي المقابل رفضت هيئة علماء السودان توصيف حالات الإلحاد بالظاهرة واعتبرت أنها حالات فردية وحذرت من تهويل ذلك . في وقتٍ أقر مركز رعاية التحصين الفكري التابع لرئاسة الجمهورية برصدهم لأساتذة ومدارس وأفراد ومؤسسات طوعية تقوم بنشر أفكار الإلحاد بطريقة فيها شيء من الحياء المكر والدهاء ، بل وصلت إلى رياض الأطفال ، وخطاب سياسي في الجامعات يدعو إلى اللادينية والإلحاد . فما هو الإلحاد ، ولماذا يقبل عليه الشباب ، وما حكم الملحد في الإسلام ، وهل للحالة الإقتصادية دور في هذا الأمر ، وما واقع الإلحاد في السودان . كل هذه الأسئلة وغيرها طرحتها على الشيخ أحمد جابو عبده عضو هيئة علماء السودان ولاية الجزيرة ، وعضو إتحاد علماء أفريقيا فإلى ما خرجنا به . بداية ما هو الإلحاد ؟ الإلحاد هو مذهب فئة أنكرت وجود الله وما آمنت به وهو صديق الجهل كما قيل ، والملحد لا يعترف بإله لهذا الكون لأنه لم يراه ، ولا يؤمنون بشيء غير محسوس !! رغم أن العقل البشري يعلم أن حواسنا قاصرة عن معرفة أو إثبات وجود كل شيء ولهذا صحّ ما قال البعض عن الإلحاد : أنه عدم العلم . مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية ، أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى وهو مذهب قديم جدا ، قال الله تعالى : (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) سورة الجاثية . وفي الانعام قال الله تعالى (وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) . وهذه الآيات تدل على خطأ الملاحدة وجهلهم عندما يقولون إن الإلحاد مذهب عصري حديث . إلى ماذا يريد أن يصل الملحد ؟ يجيب عن هذا السؤال بروفسور أمريكي اسمه جيفرى لاند وهو عالم رياضيات فى كتابه ( الصراع من أجل الإيمان ) والرجل كان ملحدا وأسلم ، ويقول :” لأن الملحد يكون إلهه هو إله عالمه الخاص به ؛ لكنه عالم صغير جداً ؛ لأن حدود هذا العالم قد حددتها إدراكاته .. وهذه الحدود تكون دوما فى تناقص مستمر ” . وكأنه يشير إلى قول الله عز وجل فى نفسيات الملحد وحاله : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية . وبالتالي الملحد يريدنا أن نتبع هواه وأن نصبح مثله في ضياع نفسي وقلق واضطراب ويزداد هذا القلق والاضطراب عند الملاحدة الذين يعيشون بين المسلمين لأنهم يرون المسلمين يعبدون الله تعالى خالقهم وهم تتوق أنفسهم لعبادة الله من باب الفطرة لكنهم تكبروا . ويريد الملحد أيضا زعزعة ثوابت الأمة الدينية والأخلاقية وبث الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة . وليس له تأثير إلا كتأثير المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن طرقه اختلفت فأصبح يستخدم القنوات الفضائية والجرائد والإنترنت لبث الشبهات والفتن بين شباب المسلمين لتشكيكهم في معتقداتهم الدينية ويعتقد الملحد نفسه بأنه صاحب عقل كبير ويصف نفسه بالعقلاني أو ربما التنويري ويطالب مخالفه أن يكون عقلانياً وأن يحترم العقل ، وماكل هذا إلا دعوات عريضة هو أبعد الناس عنها حيث أنه لا يعرف العقل إلا من خلال بعض الأسئلة التي ترد إلى خاطره ولا يجد إجابة عليها فجعل من هذه التساؤلات علامة على العقل الذي هو أجهل الناس به . هل من علامات يعرف بها الملحد ؟ قد يكون في الإنسان إلحاد هو لا يدري ! فقد يظهر بياناً وقد يكون مستتراً غير ظاهر . فالملحد كل من لم يطق الضوابط والتكاليف الشرعية ولا يريد أن يكون للدين عليه سلطة ، وهو كل من أوهم نفسه أنه تزين بزينة العقل دون المؤمنين لأنه ترك الدين واعتقد أن أهل الإيمان إنما يجرون خلف الأوهام ، واذا تحدثت مع شخص في أي أمر ديني أو دنيوي وذكرت قولاً لله سبحانه وتعالي أو لرسوله عليه الصلاة والسلام فيقول لك : دعنا من الدين الآن وهذا ليس مكاناً للدين أو يقول : الدين في المساجد وليس هنا فهذا فيه نوع من الإلحاد . هل للإلحاد أنواع ، وما هي أنواعه ؟ الإلحاد نوعان : النوع الأول الإلحاد الإنكاري ( إلحاد كامل) : وهو لفئة قرأت وتعمّقت في دراسة وجود الخالق لكنها وصلت إلى إنكار وجوده وبالتالي رفض الأديان جملة وما يتعلق بها وهذا النوع كفر أكبر . النوع الثاني الإلحاد الرافض ( إلحاد جزئ) : وهو لفئة تعلم أن الله موجود لكن غلبت عليها شقوتها وباتت تتصرّف كأن الله غير موجود فتنتهك المحرّمات وتسخر من الدين .. وهذا النوع يمكننا أن نطلق عليه الإلحاد الكاذب ، وهم يختارون من أمور الدين ما يوافقهم ويردون علناً ما لا يوافق عقولهم وهو مخرج عن الملة كذلك غير أنه في منزلة أقل من سابقتها . قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) النساء . ومن هنا لا بد معرفة المخاطبين منهم وأفكارهم للبدء منها والبناء عليها . ما أبرز الأسباب التي تدعو البشر للإلحاد ؟ سؤال جيد قد يتعجب البعض ويتساءلون : وهل للإلحاد أسباب ؟ نقول ببساطة بما أننا بشر وتراودنا الأفكار المتناقضة فلا بد من وجود أسباب يمكنك بمعرفتها أن تضع يدك على ما تواجه به الملحد ومنها الأهواء البشرية ، فحب الشهوات من : غريزة جنسية ومال وعجب وغرور وكبرياء يجد فيها الملحد ضالته فهو يريد أن يفرغ شهوته بدون ضوابط ولا حساب ولا عتاب ويحب أن يجمع المال كيفما شاء وينفقه فيما شاء دون أن يجد محاسبة وتقييداً له في حياته وحبه للظهور والخروج عن المألوف بين معارفه فيظهر نفسه كأنه الأكثر فهماً وجرأة .. والكثير من الأهواء التي تعتري البشر توصلهم أو تسهل عليهم الإلحاد والعياذ بالله . كذلك من الأسباب الرغبة القاصرة ، لأن الملحد عندما يخاف وجود الله يفكر في إنكاره زعماً منه أن يطمئن نفسه أنه لن يعذبه الله ويصل بعدها لعدم الإيمان به سبحانه وتعالى . البعض يقول إن من أسباب الإلحاد الأزمات الاقتصادية والفقر ما تعليقك ؟ هذا غير صحيح لقد مرت على الأمة الإسلامية أوضاع معيشية صعبة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان هو وأصحابه عليه الصلاة والسلام يربطون بطونهم بالحجارة من شدة الجوع حتى قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ” كان يمر علينا الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين ولا توقد نار في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عروة : يا خالة : ما كان طعامكم ؟ قالت : الأسودان : التمر والماء ” رواه الشيخان .وعنها رضي الله عنها قالت : ” ما شبع آل محمد من خبز وزيت ثلاثاً تباعاً ” البخاري ومسلم . ومع ذلك كله لم نسمع أحداً من الصحابة غضب لهذه الحالة وصب غضبه على الدين والإيمان وأنكر الخالق ، ومن يقول إن الفقر وضيق المعيشة من أسباب الإلحاد فهذا مرض في قلوب البعض ويريد تبريراً لإلحاده وفي العصر نجد أن كبار الملاحدة أغنياء جداً فلماذا لم يتركوا الإلحاد ؟ . ثم على المسلم الذي أسلم أمره لله أن يعلم أن هذه الحياة فيها ابتلاءات وامتحانات للمؤمنين تحديداً من الرب عزوجل (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) أي : لا يختبرون . وإذا كان كل من ضاقت عليه الحالة الإقتصادية جزع وأنكر الخالق ، فأين الصبر وجزاء الصبر والصابرين .والحالة الإقتصادية لا نصلحها بإنكار الخالق وترك الدين بل بالرجوع إليه والتوبة والتقرب إليه بما يرضيه . ما المبررات التي يسوقها الملحدين لاقناع أنفسهم بصحة ما يعتقدون ؟ هي في الحقيقة شبهات ومنها : أن هذا الكون محفوظ بقانون الجاذبية ومتماسك بسببها لا بقدرة إله خالق . ولا شك أن هذا الفهم تافه سخيف إذ يقال لهم هل نظام الجاذبية ينفي وجود إله خالق قادر أم أنه على العكس يدل على وجود الإله سبحانه وتعالى الذي خلق الجاذبية ذاتها لتعمل وفق ما أراد وقدر لا وفق ما تريد هي . كذلك من الشبهات قضية الارتقاء . أي : ارتقاء المخلوقات وتطورها في خلقها تلقائياً وهذه القضية رغم وضوحها في الدلالة على وجود الله تعالى وقدرته ومشيئته ورحمته بخلقه إلا أنهم نظروا لها من جانب آخر بعيداً عن الفهم السليم والعقل المستقيم فزعموا أن أنواع الحياة قد وجدت نتيجة لعمل الارتقاء ؛ لافتراضهم أنه على فرض وجود خالق لهذه الحياة بزعمهم فلا يمكن أن يخلقهم على هذا الترتيب من الصغر إلى الكبر في الإنسان والنبات بل يخلقه دفعة واحدة كل صنف في كمال شكله بدون ترتيب يخضعها لعمل تطوري طويل الأمد حسب زعمهم وأن المخلوقات تطورت بنفسها بفعل المادة وأنها تولدت عن بعضها للتشابه بينها وأن بقاءها يعود إلى قدرتها على التكيف مع الظروف التي تحيط بها ومن هنا ألتفتت الأنظار إلى البرامج العلمية الوثائقية ، فإن كثيراً منها عندما يتعرضون مثلاً لحيوان ما وطريقة حياته ودفاعه عن نفسه يقولون طوَّر نفسه واكتسب أسلوب الحياة من البيئة من حوله وهذا الكلام إنكار للحق الخالق ، وصرف حق من حقوقه لمخلوقاته . والواقع أنه ما من مؤمن بالله عز وجل إلا وهو يعلم أن وجود الخلق على هذه الحالة إنما يعود إلى مشيئة الله وقدرته ولتنظيم الحياة على سنة واحدة ولن تجد لسنة الله تبديلا. وأن ما يزعمونه من تطور المخلوقات بنفسها بفعل المادة إن هو إلا خرافات سخيفة ولو كان ذلك صحيحاً لأدى التطور إلى أن تصبح الذرة جملاً أو فيلاً ضخماً فما الذي يمنعها وقانون التطور يجيز ذلك لها؟ . من الذي يقف خلف نشر الإلحاد ومن أبرز دعاته ؟ كانت هناك دولاً تنشر الإلحاد لكنها زالت فأصبحت هناك مؤسسات عالمية مشبوهة صهيونية ترعى الإلحاد و ترعى الملحدين منها مثلاً التحالف الدولي للملاحدة ATHEIST ALLIANCE INTERNATIONAL ، رابطة الملاحدة ، مؤسسة ريتشارد دوكنز لدعم العقل والعلم لاحظ كيف يستخدم مصطلح العقلانية والعلمية، الاتحاد الدولي للاتجاه الإنساني والأخلاقي ، الرابطة الدولية لغير المتدينين والملحدين . حتى إن بعضها تعطي مساعدات مالية كبيرة للمنظم فيها حسب فاعليته بتقسيم مساعد وثني مستثمر وكافر مرتد متحمس وممول متحرر داعم عقلاني . ومهما يكن من هيئات ومؤسسات وشخصيات ودول تدعم الإلحاد وتسوق له فإن الأهم هو رصد ما يقدمونه من شبهات يزخرفون بها هذا الباطل فالإلحاد في النهاية موقف فكري من الدين معاداة لوجود إله للكون أو هكذا يساق على أنه موقف فكري ناضج ومتقدم على ما سواه من الخرافات والأوهام . أما دعاة الإلحاد فقد تبنى الفكر الإلحادي في أوروبا كبار الفلاسفة والمؤرخين من أمثال : نيتشة وفولتيير وكارل ماركس وإنجلز وراسل وكونت وغيرهم من كِبار الفلاسفة وعلماء الاجتماع والتأريخ ممّا حدا النّاس إلى الوثوق بهم والتحوّل إلى آرائهم كردة فعل للمواقف المُتسلطة للكنيسة وكذلكَ ظهور مجموعة من التناقضات بين الدين ِ النصراني المُحرّف وبين بعضِ المُخترعات والمكتشفات العلميّة ، ولبعض هؤلاء نظريات في التربية للاسف تدرس في بعض كلياتنا التربوية . هل يوجد ملاحدة من الأديان الأخرى غير الإسلام ؟ نعم وأصل الإلحاد في العصر الحديث كان من اتباع النصرانية ومن ذكرناهم سابقا منهم نصارى ومن يهودا . ويجمعهم إنكار الخالق وإنكار الأديان . جغرافياً أين ينتشر الإلحاد ؟ هناك بحث أجراه معهد غالوب الدولي WIN-Gallup International عام 2012 في 57 دولة وشمل 50 ألف شخص بعنوان ( مؤشر عام حول الدين والالحاد ) فكشف أن 59% من المستجوبين مؤمنون مقابل 23% غير دينيين و13% ملحدين. وأظهر البحث أن أعلى نسبة إلحاد توجد في الصين وأن النسبة مرتفعة في الدول الشيوعية السابقة ودول إفريقيا جنوب الصحراء على غرار جنوب إفريقيا. وحسب بعض الدراسات بدأ الالحاد ينتشر في البلاد العربية كتونس ومصر والعراق . ماذا عن السودان ؟ في السودان يظهر الإلحاد في الجامعات أكثر من غيرها وكذلك على مواقع التواصل الإجتماعي وهناك أكثر من ستين صفحة على الفيسبوك تدعو إلى الإلحاد . ومن نعم الله علينا أن الإلحاد في السودان والمغرب واليمن أقل نسب الإلحاد في العالم العربي مع ذلك يجب أن لا تغفل المؤسسات المعنية والعلماء والدعاة في هذا الجانب ، كذلك على المدارس أن تخصص حصصاً خاصة لمحاربة الإلحاد وأنجع طريقة لمحاربة الإلحاد في وسط الشباب هو أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قال لابن عمه عبد الله بن عباس : ” يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ….” الحديث رواه الترمذي هذا الحديث قطع الإلحاد من أصله حيث ربط الشاب بتوحيد الله تعالى فيتيقن ربوبية الله على الكون والخلق فيسعى لعبادة الله وحده لا شريك له ويتعرف على ربه بأسمائه وصفاته فالتوحيد والدعوة إليه هو أساس محاربة الإلحاد واعتقد أن الذين يسعون ويعملون لحذف التوحيد من المناهج الدراسية يذللون الطريق للملاحدة ليصلوا إلى زعزعة الإيمان بالله في قلوب الناشئة . كيف تنظر لواقع الإلحاد في السودان ؟ السودان كغيره من الدول المسلمة التي تتعرض لهجمات شرسة لنشر الإلحاد خصوصا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك والواتساب وهناك صفحات إلحادية في هذه المواقع تدعو الشباب إلى الإلحاد وتستفيد من ضعف دراية بعض الشباب بالدين وبالتالي لن يستطيع أن يرد الشبهة بل ربما اقتنع بها لأنه أصلا لم يكن على عقيدة صلبة قوية . وبعض الشباب يقول بالإلحاد فقط لأنه يريد أن يقول للاخرين أن عنده فكر معين أو من باب التباهي بين أقرانه .مع أن موجة الإلحاد في السودان مقارنة بدول أخرى تعتبر ضعيفة إلا أنها مقلقة جداً وتحتاج إلى عمل كبير قبل أن تتأزم الأمور . أيهما يغلب فيهم الإلحاد الرجال أم النساء ؟ الغالب هم من الرجال . هل حاورت ملحداً ؟ حصل هذا مرتين فقط أولاها في مدرسة ثانوية كنت ألقى فيها محاضرة فتم فتح باب الأسئلة فتقدم شاب لكنه يبدو أكبر من الطلاب فظننته أستاذا في المدرسة فلما أخذ المايكرفون قال : أنا اشتراكي أثبت لي يا شيخ أن دولة إسلامية عبر التاريخ جلبت الرفاهية للناس ؟ فلما أراد أن يذهب قلت له انتظر وذكرت كل الخلافة الراشدة والأموية والعباسية وغير ذلك من ما حفظه التاريخ . وكانت الدول الشيوعية لا تزال موجودة الاتحاد السوفييتي والكتلة الأوروبية الشرقية التابعة للسوفييت . فقلت له : أريد أن تخبرني أنت بدولة معاصرة لا علاقة لها بالدين أعطت الرفاهية لشعبها ؟ وقصدي من هذا السؤال وهو سؤال عادي لكن الإجابة عليه تحدد فهمه أمام الطلاب فإذا قال : أمريكا أو أي دولة رأس مالية فقد ترك الشيوعية ! وإذا ذكر دولة اشتراكية فلن يستطيع لأنها كلها كانت تشتكي من شدة الحياة والبؤس حتي تفتت تلك الدول . هنا كان ذكياً نوعاً ما ولكنه وقع أيضا فقال : نعم توجد دولة فعلت ذلك ، فقلت : مثل ماذا ؟ فقال : مثل دولة براغ ! فقلت له : لا توجد دولة في العالم بهذا الاسم . طبعا هم يدعون الفهم ، فقال : راجع معلوماتك يا مولانا توجد فقلت لا توجد لكن هي عاصمة لدولة أتحداك أن تنطق اسمها صحيحاً وإن فعلت فأنت فعلاً على دراية وفهم . طبعا لم يستطع فقلت له : تشيكوسلوفاكيا فنطقها مكسرة سبحان الله فانصرف وخرج من المدرسة والطلاب يصيحون عليه . وحصل أن ناقشت ملحداً من سوريا لمدة ثلاثة أيام متواصلة عبر فيسبوك ، وفي اليوم الثالث قال لي آمنت بالله بنسبة 90% . فقلت له : العشرة في المية أجلس إلى العلماء في بلدك وتعلم القرآن والحديث لأن تكبرك على العلم هو الذي قادك للالحاد فوعدني خيرا . حكم الملحد في الإسلام والقانون السوداني ؟ حسب المادة (126) من القانون الجنائي السوداني (يعد مرتكباً جريمة الردة كل مسلم يروج للخروج من ملة الإسلام أو يجاهر بالخروج عنها بقول صريح أو بفعل قاطع الدلالة . ويمهل مرتكب جريمة الردة مدة تقررها المحكمة فإذا أصر على ردته ولم يكن حديث عهد بالإسلام يعاقب بالإعدام وتسقط عقوبة الردة متى عدل المرتد عن الردة قبل التنفيذ ) . وفي الشرع إذا كان هذا الملحد كافراً أصلياً أي : من أبوين غير مسلمين فإن أمره مفوض إلى ولي الأمر فإذا بذل له الذمة أخذاً بقول من قال من الفقهاء إن الذمة تبذل لكل طوائف الكفار كما هو مذهب مالك والأوزاعي فإنه لا يجوز لأحد التعرض له لا لدمه ولا لعرضه أو ماله. وأما إن كان لأبوين مسلمين واعتنق مذهب الإلحاد حال بلوغه فإنه مرتد وتجري عليه أحكام الردة . ولذلك يسعى البعض إلى حذف هده المادة من القانون السوداني .
