مازالت الرواية التي حكاها فريق التلفزيون وهو عائد من تغطية في ربوع السودان عالقة بذهني حيث وجد معد البرنامج أسرة منفردة في الخلاء حيث لا زرع ولا ماء ولا جار وقادتهم الحاسة الصحفية للوقوف على حال هذه الاسرة كيف تعيش حيث وجدوا أدروب مستلقياً على فرش بالٍ وهو يترنم بسعادة سألوه كيف يعيش في هذا الضنك فأجاب تمام والحمد لله . ماذا تأكل ومن أين تشرب ....؟ أدروب عندي غنمايتين ودجاجتين آكل منهما بيضاً وفراخاً ولبناً تلفت الإعلامي حوله وأعاد السؤال ومن أين تأكل الغنم والدجاج....؟ أجاب أدروب بأنه يذهب بحماره لجلب العلف من الحلة الأخرى .... الا أن الإعلامي ومن أين لك بالمال أجاب أدروب بنفاد صبر أبيع من الشمال الذي تنسجها المرأة من صوف الغنم والسمن من لبن الماعز والروب فأعاد الإعلامي السؤال بالحاح وهو لا يصدق كم تحلب الغنم في اليوم فأجاب ادروب: المعزة تحلب ستة أرطال .... لن أكمل الحوار حتى لا ينفد صبر القارئ كما نفد صبر أدروب في الإجابة على أسئلة الصحافي الملحاح ... الصحافي يشعر بالشفقة والمشفوق عليه يشعر بالسعادة والهناء، الصحافي يحس إن أدروب لديه مشكلة و أدروب يحس بأنه سعيد ولا مشاكل لديه ولكن رسالتي هنا من خلال قصة أدروب وما كتب حول انتظار الفقراء لفراخ الوالي وتقارير ورسومات حول الفقراء في.... والفراخ اصلاً هو غذاء لأهل الريف البسطاء بالطبع ليس فراخ السوبر ماركت ولا البقالات لكنها السعية التي كانت ملازمة للريف السوداني ومازالت، الذين يشربون اللبن ويأكلون من لحوم تربية دواجنهم دون الحاجة الى الذهاب حتى للدكان وعندما هجر السكان أرضهم وهاجروا الى المدن أصبحت الشكوى من انتظار المستورد وفي انتظار الجاهز... إحدى قريباتي وهى في العاصمة الخرطوم حلفت أن لا تأكل الا من تربية منزلها فكان الحمام في راس منزلهم الصغير وكان البيض والدواجن واللبن والزبادي بل حتى شجر الليمون والبرتقال والمانجو وكانت كلما تأتى الىّ تهديني جزءاً من إنتاجها وهي تقول ده مضمون أكثر من حق البقالة... من يرد الشعب السوداني الى صوابه ويهجر كلما هو مستورد ويعود لكفاية نفسه دون انتظار حتى (لدجاج الوالى ) إنها دعوة للإنتاج دعوة لقهر النفس الامارة بالشراء وقهر إحساس الانتظار. الحكومة ليست مزارع حتى تزرع لنا ولا تاجر ينبغي أن نتخلص من عقدة الانتظار حتى لو كانت في كل من مشروع لكفاية أهل الحي يعمل فيه أبناء وبنات الحي بتمويل من بنك الأسرة او بنك السودان دون ضمانات سوى الخبرة والسيرة الحسنة وعلى وزارات الزراعة او الصناعة او الثروة الحيوانية ان تتحول الى هيئات استشارية راعية لهذه المشاريع بدلاً من التنظير والنظريات واكتب لى واكتب ليك التي لا تقدم ولا تؤخر... والمنتجون في الأحياء لا يحتاجون الى مواصلات وبينهم مودة الجيرة ورحمة ذوى القربى وكل منتج بقدر جهده وعرقه يمكن ان ترتفع أسهمه حتى يصبح هو مالكاً للمشروع ومن ثم يمكن ان تتوسع في الإنتاج دون ضجيج او جدل ويمكن أن تصبح أمه شغلها الإنتاج ماذا يستفيد السودان والشعب السوداني من الخلاف والشقاق اختلفنا او تصالحنا يبقى الوطن ويبقى الشعب وتصبح قدرة الشعب على بناء الوطن مرهونة بكفه وعرقه وجهده.