جنيف (رويترز) - احتفل علماء دوليون في معمل كبير تحت الارض قرب جنيف بالبداية الناجحة لتشغيل آلة عملاقة لمصادمة الجسيمات يوم الاربعاء بهدف محاكاة ظروف "الانفجار الكبير" الذي سبق ظهور الكون. والتجارب التي تستخدم فيها آلة عملاقة تسمى المعجل التصادمي الجسيمي وهي اكبر الآلات التي صنعت واكثرها تعقيد على الاطلاق قد تؤدي الى تنقيح نظريات الفيزياء الحديثة وكشف اسرار الكون ونشأته. وتعين على القائمين على المشروع العمل بجد لنفي اشارات بعض المنتقدين الى ان التجربة قد تؤدي الى نشوء ثقوب سوداء صغيرة ذات جاذبية كبيرة للغاية يمكنها أن تبتلع كوكب الارض بكامله. وحفزت مثل هذه المخاوف على اهتمام كبير للرأي العام بالفيزياء الحديثة قبل تشغيل الآلة التي تكلفت عشرة مليارات فرنك سويسري (تسعة مليارات دولار) والتي عملت بسلاسة صباح الاربعاء. وصفق العلماء في غرفة التحكم في مركز بحوث المنظمة الاوروبية للابحاث النووية عندما ارسلوا حزم جسيمات في الاتجاهين في النفق الدائري للمعجل التصادمي الجسيمي تحت الارض والذي يبلغ طوله 27 كيلومترا. وقال البروفسور جيم الخليلي عالم الفيزياء في جامعة ساري بانجلترا " بواعث قلق العلماء لم تكن لها علاقة بابتلاعنا في الثقوب السوداء وانما بأي خلل فني او الكتروني... والآن وبعد ان تنفسنا الصعداء فان المتعة الحقيقية ستبدأ..وايا كان ما سنجده سنكشف اسرار الكون." ويريد العلماء في نهاية الامر إحداث مصادمات صغيرة بسرعة الضوء تقريبا في محاولة لمحاكاة حرارة وطاقة "الانفجار الكبير" على نطاق مصغر. ويقول علماء ان الانفجار الكبير حدث قبل حوالي 15 مليار سنة حين انفجر جسم ساخن كثيف بدرجة لا يمكن تخيلها في حجم عملة صغيرة في الفراغ واطلق مادة سرعان ما تمددت مما ادى الى تشكل النجوم والكواكب وفي نهاية الامر ظهور الحياة على الارض. وامتنع لين ايفانز الذي يدير ما يسميه الخبراء اكبر تجربة علمية في تاريخ الانسان عن تحديد متي سيبدأ المعجل التصادمي الجسيمي مصادمة احزمة الجسيمات بعضها ببعض في المعجل الذي يمتد عبر الحدود بين فرنسا وسويسرا. وقال "المعجل التصادمي الجسيمي هو نفسه النموذج الاولي لهذه الالة ومن ثم يصعب القول كم سيستغرق من وقت... اعتقد ان ما حدث صباح اليوم يبشر بالخير بأن الامر سيمضي بسرعة." وبمجرد ان تعمل هذه الآلة بكامل سرعتها سيمكنها ان تحدث 600 مليون تصادم في الثانية تنطلق فيها البروتونات بسرعة تبلغ 99.99 في المئة من سرعة الضوء. ويأمل العلماء في أن تؤدي هذه المصادمات العالية الطاقة لتفسير امور في الفيزياء الحديثة يتعذر على نظرياتها تقديم تفسير كامل لها مثل الجاذبية والكتلة. والمعلومات التي سيسجلها المعجل التصادمي الجسيمي مثل قياس موقع الجسيمات بدقة تبلغ جزء من بضعة ملايين جزء من المتر ومرور الوقت بجزء من بضعة ملايين جزء من الثانية سترسل الى اجهزة كومبيوتر في شتى انحاء العالم ليراجعها العلماء. وسيبحث العلماء في كيفية تجمع الجسيمات وتفرقها. وقد تؤكد الظروف في المعجل التصادمي الجسيمي او تفند وجود الجسيم "بوزون هيجز" وهو جسيم نظري اقترح وجوده العالم الاسكتلندي بيتر هيجز عام 1964. ويعتقد ان هذا الجسيم يعطي للمادة كتلتها. ولم يرصد وجود هذا الجسيم قط. واوقف العلماء دوران احزمة الجسيمات في عكس اتجاه عقارب الساعة بصفة مؤقتة بعد ظهر الاربعاء بسبب مشكلة في الاجزاء المغناطيسية بالالة تسببت في ارتفاع طفيف في درجة حرارتها. وقال مسؤولون ان هذه الاعطال البسيطة يتعين توقعها بسبب تعقيد هذه الالة البالغ والتي تبرد الى 271.3 درجة تحت الصفر.