أحبط الرئيس سلفا كير ميارديت انقلابًا على نظامه أمس وصفه بالعمل الإجرامي وسط حالة من الذعر والفوضى ضربت بأطنابها على العاصمة جوبا مع اشتباكات عنيفة دارت بعدد من المؤسسات العسكرية الخاصة بالجيش الشعبي أودت بحياة أكثر من 595 فردًا عسكريًا، ولقي قائد الحرس الجمهوري مريال تينور حتفه في الاشتباكات التي دارت داخل وحدة الحرس الجمهوري مع مجموعة تتبع أيضًا للحرس الجمهوري حاولت الاستيلاء على الوحدة الرئيسية التي يعتمد عليها في تأمينه وحراسة القصر الرئاسي ومقر إقامته. سلفا كير يعتبر من أكثر القادة الأفارقة الذين تعرضت كراسيهم لمحاولة انقلاب، ومنذ وفاة د. جون قرنق وقعت على الرجل أكثر من ثماني محاولات انقلابية أبرزها المحاولة التي جرت في العشرة الأيام الأخيرة من شهر أبريل في العام «2012» والتي بموجبها قطع الرئيس سلفا كير زيارته للصين وعاد لجوبا، ورغم نفي حكومة جوبا للانقلاب في ذاك الوقت إلا أنها أقرت لاحقًا بوقوع محاولة انقلابية، وأشارت بأصابع الاتهام إلى نائب وزير الدفاع الفريق مجاك أكود وربيكا قرنق وعدد من القيادات الجنوبية التي تتبع لقبيلة دينكا بور بالجيش الشعبي. تفاصيل الانقلاب عند نهار يوم أمس الأول وتحديدًا في الثانية ظهرًا وصلت قوة مدججة بالسلاح إلى مقر الحرس الجمهوري في جوبا تسمى «التايغر» وهي قوة خاصة تتبع للحرس الجمهوري تقوم بمهام خاصة للغاية وتتبع لوزير الدفاع والرئيس بغية اعتقال عدد من كبار الضباط بالحرس الجمهوري، وفور إعلان القوة أنها ترغب في اعتقال أسماء بعينها تفجرت الأوضاع داخل الوحدة واندلعت اشتباكات دامية للغاية أودت بحياة عدد غير معروف من الجنود، وعقب ذلك وصل كوال ميانق وزير الدفاع إلى موقع الاشتباكات وراجت أنباء عن إصابته في قدمه بطلق ناري.. القوة تمكنت من السيطرة على الوحدة وراح ضحية الاشتباكات اللواء ميرال تينور قائد الحرس الجمهوري الذي يتبع لقبيلة دينكا رومبيك. وعقب ذلك قامت قوات أخرى قيل إنها تتبع لقوة سابقة تحت جناح الفريق فاولينو ماتيب بالسيطرة على وزارة الدفاع القديمة في جوبا والتي تقع تحت سيطرتها حتى مثول الصحيفة للطبع إضافة إلى سيطرة قوات أخرى على مبنى الإذاعة والتلفزيون وعدد من المقار العسكرية للجيش الشعبي. إحصائيات غير دقيقة كشفت إحصائية غير رسمية عن مقتل أكثر من «595» عسكريًا في الاشتباكات التي دارت داخل جوبا وإصابة المئات في أكبر اشتباك داخلي تشهده المدينة عقب الانفصال، وأوضحت أن عددًا من المدنيين راحوا ضحية الاشتباكات وسط فرار المئات إلى خارج جوبا مع دوي المدفعية الثقيلة. وجرح «28» مواطناً في المواجهات التي شهدتها جوبا أمس، وقال شهود عيان إن عدداً إضافياً وصل مستشفى جوبا لتلقي العلاج، وذكرت مصادر أن الجرحى وصل عددهم وسط العسكريين إلى «167». بلفام والمطار.. إعادة السيطرة تمكنت قوات الجيش الشعبي من إعادة السيطرة على قاعدة بلفام عقب سيطرة الانقلابيين عليها وتأمين مطار جوبا الذي توقفت فيه الرحلات منذ صباح أمس واستئؤنف العمل به لساعات فقط راجت أنباء عن وصول طائرات تحمل جنودًا من عدد من الولاياتالجنوبية الأخرى لدعم القوات المنتشرة في جوبا لتأمينها. اعتقال الفريق مجاك أكود اعتقلت قوة خاصة تتبع للقوات الخاصة بالجيش الشعبي نائب وزير الدفاع السابق الفريق مجاك أكود من مقر إقامته وتوجهت به إلى منطقة الجبل وقامت باعتقال عدد من مرافقيه وحرسه الشخصي فيما راجت أنباء غير مؤكدة حول مغادرة زوجة قرنق السيدة ربيكا إلى دولة يوغندا. سلفا كير يكشف التفاصيل قال رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفا كير ميارديت إن مجموعة وصفها بالمجرمين حاولت القيام بعملية انقلابية أمس الأول وتحديدًا في الثالثة ظهرًا، بيد أن السلطات استطاعت إحباطها واعتقال عدد من مدبريها وتقوم بملاحقة آخرين، وبينما رفض سلفا كير الكشف عن أسماء المتورطين في العملية لوسائل الإعلام قال إن الحكومة ستقوم لاحقًا بالإعلان عن أسماء المتورطين تمهيدًا لمحاكمتهم، وذكر في مؤتمر صحفي أمس أن المجموعة خططت للاستيلاء على الحكم وفق عملية عسكرية بالسيطرة على المواقع العسكرية للجيش الشعبي، وأوضح أن قيادة المجموعة الانقلابية أخفت نفسها وزجَّت بضباط وجنود للسيطرة على المواقع العسكرية، وأبان أن المجموعة حاولت سابقًا القيام بانقلاب وقال: «هذه ليست المرة الأولى وليست الأخيرة هناك محاولات قامت بها نفس المجموعة»، وأوضح سلفا كير أن السلطات تقوم بحصر الخسائر والإصابات، ونوه بإعلان حالة حظر التجوال من الساعة السادسة مساء حتى السادسة صباحًا، وكشف عن أن هناك تحقيقات جارية حول العملية، وقال: المجموعة الانقلابية حاولت السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون، وذكر أن السلطات اعتقلت عددًا من المشاركين في المحاولة الانقلابية وأقر بوقوع خسائر كبيرة وسط العسكريين، وأكد اعتقال مدبري العملية رافضًا الكشف عن أسمائهم، ونفى سلفا كير علمه باعتقال نائبه السابق د. رياك مشار وقال: «لا أعلم باعتقاله ولا أدري مكانه الآن»، وسخر من الأحاديث الدائرة حول لجوء مشار إلى مقر بعثة اليونميس وقال: «ما عارف»، وأضاف سلفا كير الذي ظهر في مرة نادرة بلبسة عسكرية كاملة منذ الانفصال أن المحاولة بدأت منذ اجتماع مجلس التحرير القومي أمس الأول، وشدد على أن زمن الانقلابات «انتهى» بالجنوب، وقال: «لن ينجح انقلاب وزمن الانقلابات انتهي»، وأكد أن الجيش يسيطر على الأمور تمامًا بالدولة، دامغًا المجموعة الانقلابية بالمجرمة. خفايا الانقلاب قضى الرئيس سلفا كير ليلته أمس الأول وأمس بمقر إقامته بحي العمارات في جوبا، ويقع منزل سلفا كير بالقرب من منزل نائبه السابق د. رياك مشار، وأقام الرئيس المؤتمر الصحفي أمس بمنزله وسط تحوطات أمنية غير مسبوقة وحراسة ضخمة أغلبها مجهزة بالمدافع والدبابات. اشتباكات عنيفة دارت يوم أمس اشتباكات عنيفة بمقر القيادة العامة القديمة في جوبا وقالت مصادر خاصة إن الجيش الشعبي قام بتوجيه المواطنين بالابتعاد عن القيادة لمسافات بعيدة. لام أكول قال زعيم المعارضة لام أكول إن الأحداث التي وقعت أمس نتيجة خلافات كبيرة داخل حكومة الجنوب والجيش الشعبي وتجري بين معسكرين، وأوضح أن الخلافات ليست سياسية، ونوه بأن الخلافات لجأت إلى أعمال عسكرية، وأكد وقوع محاولة انقلابية. مشار موجود قال المستشار القانوني لنائب رئيس دولة جنوب السودان السابق ماكوك مامور ل«الإنتباهة» أمس إن مشار موجود بمنزله بحي العمارات حتى ظهر أمس. ونفى بشدة تعرضه للاعتقال، وذكر: «مشار في بيته والحديث عن هروبه غير صحيح»، وأكد ماكوك أن مشار غير متورط في المحاولة، واعتبر أحاديث بعض القيادات الحكومية في جوبا بتورطه بالمحاولة الساذجة للزج به في أمر لا علاقة له به، ولفت إلى أن حركة المواطنيين بالمدينة محدودة. نقل مشار واعتقال شونق نقل نائب الرئيس السابق د. رياك مشار إلى رئاسة بعثة اليونميس عصر أمس في خطوة لحمايته، وقال شهود عيان ل «الإنتباهة» إن مجموعة من الشخصيات الأجنبية منتمية لدول غربية وصلت لمنزله عصر أمس واجتمعت به، ومن ثم خرج مشار بصحبتها مع حراسته الشخصية إلى رئاسة البعثة، بينما اعتقلت السلطات اللواء قير شونق أمس وقامت بترحيله إلى مبنى الأمن والمخابرات. وفي ذات السياق قالت مصادر صحفية إن مشار لم يعتقل وموجود في مكان آمن لم تكشفه، وذكر مراسل قناة «الجزيرة» في جوبا إن مشار في مكان آمن ولم يتم اعتقاله. اتهامات مباشرة اتهمت قيادات حكومية بدولة الجنوب د. مشار وباقان أموم ودينق ألور بالتورط في المحاولة الانقلابية في الوقت الذي رفض فيه الرئيس سلفا كير الكشف عن المجموعة المتورطة في العملية. فرار المئات شهدت مدينة جوبا أمس عملية فرار جماعي للمواطنين عقب اتساع رقعة المواجهات صباح أمس، وفيما اكتظت الطرقات بمواطنين آخرين لمراقبة الأحوال التي تعيشها المدينة والمواجهات خرج المئات إلى الميادين والساحات والكنائس خوفًا من الاشتباكات التي شهدت مواجهات بالمدفعية الثقيلة. وبثت عددٌ من القنوات الفضائية أمس صورًا لمئات المواطنين وهم في عملية ركض مع أطفالهم داخل المدينة. دينق ألور مغلق منتصف نهار أمس أغلق القيادي بالحركة الشعبية دينق ألور هاتفه المحمول ولم يرد على عدد من الاتصالات لتأكيد أو نفي اعتقاله. اختفاء إدوارد لينو قالت مصادر إن القيادي بالحركة الشعبية إدوارد لينو اختفى في ظروف غامضة، بينما اعتقلت استخبارات الجيش الشعبي عدداً من أبناء أبيي، وقالت إن السلطات اعتقلت باقان في وقت متأخر من الليل. وأوضحت أن البحث جارٍ عن إدوارد لينو، وكشفت عن اعتقال ضباط كبار بالجيش الشعبي متورطين في المحاولة، ولفتت إلى ما سمته التحفظ على ربيكا قرنق. صحيفة الإنتباهة هيثم عثمان
