تراسيم.. مكاوي..القطر صَفَّرْ!! عبد الباقي الظافر رسالة إلكترونية ملغّمة تصل إلى بريد المهندس مكاوي محمد عوض مدير الهيئة القومية للكهرباء..فحوى الرسالة أنّ كهرباء سد مروي ستخرج من شبكة مكاوي..المدير يُعلن حالة الطوارئ..يستنفر كبار مهندسيه.. ويرسل بياناً للرأي العام يطلب منه إتخاذ التحوطات اللازمة.. وفي منتصف الليل كان الرجل يصل لمكتبه لمتابعة الأحوال..المفاجأة أنّ الكهرباء لم تقطع في موعدها المقرر.. ولكن انقطع رزق مكاوي مع كهرباء السودان. ولأنّ مكاوي ولج إلى المنصب العام.. من خلفية أكاديمية.. لم يتحسّر على ما فات..غادر بيت الحكومة حتى قبل أن يكمل المهلة المتعارف عليها.. وغيره عُزِلوا عن المنصب ولم يغادروا (ميري) الحكومة .. عاد مكاوي إلى سوق الله أكبر.. وأصبح رزقه (يوماتي).. بعد أن كان عليه أن ينتظر أطراف الشهر. مكاوي محمد عوض.. رجل مثابر ومن أهل العزائم ..صنع من فسيخ الكهرباء شربات.. وكانت لديه مشكلتان. أُولاهما أنه لا يجيد التسويق عن نفسه ..أمّا الثانية فقد مكث في الكهرباء سنينَ عددا..تلك الإقامة الطويلة جعلته يثق في نفسه كثيراً.. ثقة جعلته لا ينظر تحت قدميه كثيراً ليرى آثار الحفر.. وهذه الثقة جعلته يصارح الحكام بما لا يريدون أن يسمعوا. صدر أمس الأول قرارٌ رئاسي.. يعيد المهندس مكاوي محمد عوض إلى واجهة الأحداث مرة أُخرى ..فقد حمل المرسوم تعيين مكاوي محمد عوض مديراً لهيئة السكة الحديد..وأحسب أنّ القرار أنصف معايير الاختيار للخدمة العامة ..ولن يضيف التكليف الجديد شيئاً للمهندس الصريح. هيئة سكك حديد السودان في وضع سيئ..يستحق جراحة عاجلة.. ففي سابق العهد والأوان كانت هذه الهيئة نشطة ومنضبطة..انضباطاً يجعلك تضبط ساعتك على موعد وصول قطار السكة الحديد.. وكان مجتمع العالمين عليها مجتمعاً متجانساً..يمثل سوداناً متسامحاً ومترابطاً.. ولكن جارت الإنقاذ على هذه المؤسسة.. فصلاً تعسفياً ..وإهمالاً متعمداً.. والنتيجة أصبحت الهيئة مقعدة تماماً. السكة الحديد تمثل أرخص أنواع النقل البري..وفي ظل النهضة الصناعية التي تجتاح ولاية نهر النيل.. من قيام مصانع عديدة وجديدة ..على وجه التخصيص صناعة الأسمنت.. والتي من المؤمّل أن يصبح السودان دولة مصدرة قريباً جداً..هذا التطور الصناعي يمثّل حافزاً لهيئة سكك حديد السودان..لأنْ تشمّر ساعد الجد. انفصال الجنوب المحتمل ..يمثل أُفقاً جديداً لهيئة السكة الحديد..الجنوب المغلق يبحث عن منفذ خارجي.. ستكون بورتسودان خياراً جيداً..إذا ما قلّت كُلفة الترحيل.. ولن يحدث هذا إلاّ على قضبان السكة الحديد وعبر مواعين النقل النهري. أفضل من يقرأ هذه الوقائع هو المهندس مكاوي محمد عوض..ولكن عليه أن يصبح أكثر حذراً من الرسائل المفخخة. التيار