* السيد السموأل خلف الله ، وزير الثقافة الجديد رجل مولع بالاحتفاليات والمهرجانات وعلى الرغم من خبرته الطويلة وسط الثقافة والمثقفين رسميا وأهليا إلا أنه لم يثقف قناته وهو يلملم أوراقه ويلمع حذاءه صاعدا درج الوزارة الجديدة لعله وَهِم (فعل ماض مبني على الفتح) فتخايلت له الوزارة اتحادا للطلاب وأنه مقبل على برنامج للعمل الصيفي ، ذاك الذي أفردت له الزميلة \"الرائد\" حلقتين في تعريشتها الثقافية. * فالسيد الوزير الجديد يعلن أن وزارته ستبدأ بتسيير قوافل للفنانين الى الجنوب لجلب الوحدة وآخرين الى دارفور (لم يقل لجلب ماذا) وآخرين الى جبال النوبة وآخرين الى النيل الأزرق . وذلك – حسب رأيه – \"لأن الثقافة إذا لم تستطع أن تقود السودانيين الى الوحدة فلن يستطيع غيرها بأن يفعل ذلك\". والعبارة جسر من القصب على نهر النيل ليس من عاقل سيخاطر يتمرير هذه الشاحنات عليه إلا أن يكون حالما كفاية أو واهما بما يكفي . * من حيث المقدمات يبدو الوزير جيدا \"الثقافة ينبغي أن تقود السودانيين الى الوحدة\" وهي مقدمة نظرية جيدة . لكن أية ثقافة ؟ وكيف هي ؟ ماهي ملامحها ؟ ماهي آلياتها في الحوار في التواصل في الاختلاف ؟ لعل الوزير يعني \"قوافل الفنانين\" التي سيسيرها اتحاد الطلاب في دورته هذه لتجوب مدنا صغيرة وكبيرة في الجنوب ويرقص الناس على أنغام \"المامبوسوداني\" ثم سيستيقظون فجرا الى صناديق الاستفتاء ، موقنين بأن الوحدة جاءت .. * ولعله قبل أن يحين أوان الاستفتاء يحشد السيد وزير الثقافة الجديد فناني دارفور \"عمر إحساس ، أحمد شارف ، مبارك المنصوري ، حواء رمضان ..الخ\" ويذهب بهم الى دارفور فيترك النازحين معسكراتهم عائدين الى قراهم ويكف الجيش عن ملاحقة قوات خليل المتبقية ، وربما حزم خليل حقائبه وهاتف باسولي والوسيط القطري بأن \"أبلغا أمين حسن عمر أنني قادم ، فليجهز أوراق الاتفاق النهائي\" وثمة عبد الواحد نور .. وهكذا * ثم تستمر قوافل فناني السيد الوزير الى جبال النوبة والنيل الأزرق فترتفع معدلات الوطنية في كل شخص ولا يعود أحد يشكو إلا \"الذئب\" على \"غنمه\". * هل أتعمد تسطيح برامج ومقولات وخطط السيد وزير الثقافة الجديد ؟ أم أنه كان قد فعل ذلك – شخصيا – دون انتظار أحد ؟!!! الواقع أن السيد الوزير الجديد لم يكد يفرغ من التخطيط لجلب الوحدة عبر الغناء والموسيقى الصاخبة ثم الاستقرار في دارفور والمناطق الثلاثة حتى أسهب في التخطيط لإحياء مهرجان الموسيقى كاحتفالية أساسية ينبغي أن تجد حظها من اهتمام الدولة مشيرا إلى أن تجربة \"مهرجان ميلاد الأغنيات\" وجدت قبولا وصدى جيدا . * هل نحن أمام \"متعهد حفلات\" أم أمام برنامج وزير الثقافة الاتحادي في دولة تجد ما تجد وتواجه ما تواجه وتعاني ما تعاني ؟ دولة يتم اختزال مشروعها الحضاري أو الثقافي والفكري جميعه في \"حفلات\" ومهرجانات وأغنيات وميلاد قصائد يتمخض الجبل بعد عشرين عاما من إعادة صياغة الحياة وإعادة صياغة الانسان في مسيرة \"قاصدة\" الى الله تعالى بمهرجانات لميلاد الاغنيات ، أو أغنيات لميلاد المهرجانات ؟؟ * لكن السيد الوزير الجديد سيبعث سفراء للثقافة السودانية تمت تسمية ثلاثة منهم هم علي مهدي ، يوسف عبد الفتاح وروضة الحاج .. قطعا ثمة قائمة تطول والسفراء يحتاجون سفارات ووو .. ليس ماديا طبعا .. ولكن كيف لشخص واحد أن ينشر الثقافة السودانية ؟ والواقع أنها ثقافات سودانية ؟ * ثم ثم ... * يبدو أن الثقافة ضلت طريقها الى الوزارة \"أو أن الوزارة ضلت طريقها الى الثقافة أو – وهو الراجح – أن الوزير ضل طريقه الى الوزارة والثقافة معا ، فالذي تحدث عنه برنامج من برامج دورة الاتحاد العام لطلاب ولاية الخرطوم * لكن – قطعا – ثمة \"عدادات\" تنتظر اتحاد المهن الموسيقية عدادات \"ثمينة\" وما على الإخوة هناك إلا القيام بواجب \"التنسيق\" اللازم. صحيفة الحقيقة