ساخر سبيل ونجى نتفاهم الفاتح يوسف جبرا قبل عدة أيام وبينما كنت خارجاً من أحد الأسواق القريبة من المنزل وجدت جمهرة من المواطنين يتحلقون حول (حاجة) خمسينية تجلس القرفصاء وهى تضع يديها على رأسها جالسة على عتبة (المحل) فى ذهول وعلى الرغم من الصخب والضجيج الذى كان يملأ المكان تبينت بعض الأصوات التى تنبعث من هنا وهناك: - يا حاجة الجاتك فى مالك سامحتك. - يا حاجه كدى قومى إستغفرى الله. - لكن يا حاجة إنتى بالغتى ! - معقولة يا ناس حاجة زى دى تحصل؟ بالطبع قتلنى (حب الإستطلاع) لمعرفة الحاصل فإقتربت أكثر من التجمع وقمت بسؤال أحد (شباب الحى) مستفسراً: الحاجة دى مالا الحصل ليها شنو ؟ دى يا أستاذ ما حاجة (عزيزة) جارتكم .. ما عرفتها؟ بعد أن إقتربت أكثر تعرفت على (حاجة عزيزة) الما بتغبانى ولما لم تكن حالتها تسمح بأى نوع من ( الإستجواب) فقد أخذت (الشاب) على جنب وطلبت منه أن يحكى لى ما ألم بها ، عرفت من الشاب أن (الحاجة) بعد أن قامت بشراء جميع مستلزمات شهر رمضان وخرجت من المحل وضعت كل الأغراض التى قامت بشرائها أمامها فى إنتظار (ركشة) أو (أمجاد) لتوصيلها إلى المنزل الذى لايبعد كثيراً عن السوق وفى هذه الأثناء توقفت أمامها عربة (فارهة) نزل منها شاب وسيم مهندم وإتجه نحوها مباشرة وعرفها بنفسه بانه طبيب ويعمل بإحدى دول الإغتراب وقد حضر خصيصاً فى إجازة لإختيار زوجة له وإقامة (العرس) بأسرع ما يكون والعودة لمقر عمله وأنه يؤمن تماماً بأن صدفة خير من ألف ميعاد وأن قلب المرء دليله ثم فاجأها قائلاً : أنا كنتا جاى أشترى ليا حاجات لكن والله يا حاجه انا بس شفتك كده إرتحتا ليك ، ولو ممكن أوصلك البيت عشان تختارى ليا أى بت من بناتكم أعرسا ! يواصل محدثى : أها الحاجة قالت الزول بعد ما دخل معاى فى شوية نقاش وبعد شوية عينى ليهو قام شال (الحاجات) ختاها فى العربية وجانى راجع أدانى كلمتين تانى ما ألاقى ليك نفسى إلا طلعتا ليكا (غويشاتى) من يدى أديتهم ليهو وفتحتا الشنطة سلمتو القروش الفيها كووولها وكمان سلمتو (الموبايل) قام فتحو قدام عينى وسلمنى (الشريحة) فى (بطن إيدى) وشالو وركب عربيتو ومشى وأنا وااااقفة زى الصنم !! على الرغم من غرابة الحدث إلى أننى على الفور تذكرت ثلاثة أحداث مشابهة أولها يرجع تاريخها إلى ثمانينات القرن الماضى ومسرحها (المملكة العربية السعودية) حيث تخصصت عصابة تضم ثلاث نساء ورجل فى سرقة محلات الذهب بنفس الطريقة وقد أقلقت حينها منام السلطات هنالك حتى تم القبض على أفرادها وهم فى حالة تلبس وتمت إحالتهم للقضاء. والقصة الثانية شاهدتها على موقع (اليوتيوب) وقد جرت أحداثها أيضاً بصالة أحد البنوك بإحدى المدن (السعودية) وقامت كاميرات المراقبة بتصويرها حيث تمكن شخصان عن طريق هذا النوع من (المخاطبة) من الإستيلاء على أموال قام بصرفها أحد العملاء الذى قام بتسليمها لهما طائعاً مختاراً ثم ما لبث بعد أن إنصرفا أن فاق لنفسه وقعد فى الواطة (نفس قعدة الحاجة) ! أما القصة الثالثة والأخيرة فمسرحها (الخرطوم) وبعض المدن الاخرى وقد تناولتها بعض الصحف التى تعنى بأخبار الجريمة وذلك قبل أشهر قلائل من الآن وهى لعصابة تتكون من عدة نساء ورجل تخصصت فى (محطات الوقود) حيث تختار الوقت الذى يكون فيه (الوكيل) قاعد (يعد فى الإيراد). فتقوم العصابة بسلب إرادته عن طريق هذا النوع من (التخاطب) فيصاب تفكيره بالشلل فيقوم بتسليمهم (حصيلة اليوم) ثم لا يفيق إلا بعد أن تبتعد العصابة فيقوم بضرب (الكوراك) ! لحسن الحظ فقد طالعتنا الصحف حينها بخبر القبض على تلك العصابة (متلبسة) فى إحدى محطات الوقود بعد أن تم عمل (كمين) لها .. وكنت وقتها أعتقد (لغرابة هذا النوع من الجريمة) أن الشرطة سوف تقوم (بتنوير المواطنين) وتنبيههم وشرح الأمر لهم حتى يحتاطوا لذلك وحتى لا يقعوا فريسة لهذا النوع من الجرائم الحديثة لكن طالما الشرطة ما عملت كده فمافى مشكلة نخلى المواطن ياخد فكرة عن هذا النوع الخطير من الجرائم الذى يتم عن طريق إستخدام نوع من (التنويم المغناطيسى) يسمى (التنويم التخاطبى) Conversational Hypnosis ,والذى يعتمد على بعض التقنيات (الكلامية) من أسئلة و(قصص) ومفردات تمكن الشخص من الدخول الى عقل الشخص الآخر وتجعل ذهنه فى حالة صدمة لحظية وتجعله لا شعورياً اكثر تقبلا واستعدادا لتنفيذ ما يطلب منه ، وغالباً ما تكون بداية (الحوار) أمراً يشغل المخاطب (الضحية) ، ففى حالة (الحاجة عزيزة) فمن المؤكد فور سماعها لمسالة (عاوزك تختارى ليا عروس) فإن كمية من الأفكار والصور والأحداث قد بدأت (تجوط فى راسا) .. إبتداء من (الصدفة) ثم (هذا العريس اللقطة) ثم (ياتو واحدة فى البنات) نهى وللا نجلاء وللا نهلة وللا نجوى .. و(سد المال) .. و(صالة الفرح) والسفر.. وفى أثناء ذلك وبإستخدام بعض الاسئلة و(التقنيات) الكلامية الأخرى يكون الزول لحق (أمات طه) . كسرة : قالت لى زوجتى صباح اليوم وهى تضحك .. ما شفتا حاجة عزيزة أمبارح عملت شنو؟ فاجبتها بالنفى.. فأخبرتنى بأن الشاب الذى يتحصل رسوم الموية شاف بتها (نجلاء) وهو يقف فى (باب الشارع) طالعة ماشة الجامعة (والظاهر عجبتو ) وبعد أن ذهبت قال مخاطباً (حاجة عزيزة) : يا حاجة ما عندك لينا بت للعرس ؟ إلا أن حاجة عزيزة (عملت خلف در) إلى داخل المنزل وهى تخاطبه : - كدى خلينى بالأول أدخل الموبايل (أبوكمرتين) ده جوه ومعاهو (الدبلة) دى وبعدين نجى نتفاهم ! الرأي العام