حديث المدينة حوار الطرشان!! عثمان ميرغني للمرة الثانية يدعو السيد رئيس الجمهورية القوى السياسية لاجتماع تشاوري في بيته.. وللمرة الثانية تستنكف بعض الأحزاب عن الدعوة.. وعلى رأس هذه الأحزاب الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك (الحيطة بالحيطة) لحزب المؤتمر الوطني صاحب الدعوة.. الحكومة تقول إنها ترغب في إشراك القوى السياسية في تقرير مصير السودان الذي يوشك أن ينزل قدره على البلاد خلال الشهور القليلة القادمة.. والمعارضة ترفض الدعوة وتقول إنه (عزومة مراكبية) لأن المعارضة ترغب في توسيع الأجندة التي يتناولها الحوار لكن الحكومة تصر أن لا صوت يعلو فوق صوت معركة الاستفتاء.. لا أتوقع أن تكون الحكومة أُخذت على حين غِرة بتمنع أحزاب المعارضة والحركة الشعبية.. إذن لماذا تكرار الدعوة إذا كانت الحكومة تعلم أن الأحزاب الأساسية قد لا تستجيب؟ الواضح أن العملية تتحول تدريجياً إلى (حوار الطرشان).. حكومة تدعو لإجماع سياسي.. ومعارضة تطالب بتوسيع دائرة (الإجماع) لتشمل كل الأجندة وليس مجرد الاستفتاء وحده.. فتكون النتيجة مزيداً من الشرخ.. مزيداً من إضعاف الصف الوطني.. مزيداً من النتائج الكارثية على البلاد.. وستكون هذه الكارثة ساحقة ماحقة إذا تكللت هذه الخلافات بانفصال جنوب السودان.. حينها يصبح كل شيء محتملاً.. ليس من مخرج إلا واحد.. أن يدرك حزب المؤتمر الوطني أن استثماره طويل الأجل في إضعاف الأحزاب وتقليم سيقانها.. أورثه أحزاباً لا تستطيع اليوم أن تنش معه ذبابة فضلاً أن تسنده في معركة الاستفتتاء المصيرية.. ولو استثمر الوطني مكره وماله وجهده في تقوية هذه الأحزاب وترميم أطلالها العتيقة.. لكانت بكل رشد خير داعم ومساند له في هذا الموقف العصيب.. ومع ذلك.. لم يفت الأوان بعد.. الأجدر أن لا يكون لقاء الحكومة بالقوى السياسية مجرد (كلام والسلام) أو مماحكات.. فليستثمر الوطني مابقي من الوقت ويبذل أقصى ماهو متاح لتقوية أسوار هذه الأحزاب.. فهي معدة فقيرة بائسة تكاد تسقط بأعاصير الخلاقات داخلها. ولو غلبت الروح الوطنية.. ووفرت الحكومة الدعم الملائم لهذه الأحزاب ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا لو فعلت الحكومة ذلك فإن المكسب سيكون لها أولاً.. وللبلاد ثانيًا.. فالبلاد القوية تبينها أحزاب قوية.. والحال الماثل أمامنا الآن أقرب كثيرًا إلى دولة الحزب الواحد. حتى ولو تعددت المسميات. كتلك الأسماء الكثيرة التي سمعناها في قاعة الصداقة في الاجتماع التشاوري حول وثيقة إستراتيجية دارفور.. والتي ظهرت فيها مسميات أحزاب لا حصر لها.. الوقت يذوب بين أيدينا بسرعة.. ونحن نتجه لكارثة محدقة.. ليس مجرد انفصال الجنوب وحده.. بل فاتورة خطيرة جداً مترتبة على هذا الانفصال.. (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً).. التيار