هوي انت ها ..!! منى سلمان [email protected] في ذات نهار دراسي رتيب، ساقنا الشمار وشيء من الضهابة لمعرفة الحاصل وراء اللمة وتجمع الطلاب داخل مكتب الأستاذ الدكتور( أشرف بيومي)، لنكتشف أنها مواجهة ساخنة أو ركن نقاش مصغر بين أستاذ الفيزياء اليساري الشهير ومجموعة من منتسبي الجماعة الاسلامية من طلاب كلية العلوم بالاسكندرية .. انحشرنا بين المصطفين حول الدكتور بحثا عن موقع أقرب لمتابعة الحوار الساخن، فقد اشتهر الدكتور أشرف يساري الهوى بأنه رجل مبادىء وأخلاق، يؤمن بالحوار والتواصل بين التيارات الفكرية المختلفة، كما تميز بسعة الصدر في تقبل إنتقادات طلاب الجماعات الاسلامية التي يكيلونها له في نقاشاته الدائمة معهم .. اندمجنا في استمتاع بمتابعة سحر بيان الأستاذ ومقدرته الفذة على طرح رؤاه والدفاع عنها، مقابل انبهارنا بشجاعة واتساق افكار الشباب المتجمعين حوله ومقدرتهم على مجاراته ومقارعته الحجج دون أن يتعدوا حدود الأدب والإحترام للأستاذ .. وفجأة انتهى النقاش الممتع بسبب غضبة مضرية من الدكتور أشرف عندما سها أحد الطلاب أثناء مخاطبته للأستاذ فقال: بس انت قولت ..... تحول لون وجه الاستاذ البمبي ومزهزه للون الأحمر القاني غضبا و(بقى زي الفشفاش) وقاطع الطالب في استنكار: انت !! .. كده حاف بدون حضرتك ؟ ما فيش احترام؟ انقطعت علينا في راسنا وانتهى ركن النقاش في (حزّتو)، بسبب ما حسبه الاستاذ تطاولا من الطالب وتجاوزا لأدب التخاطب، وللحقيقة فان أميز ما يميز أهلنا المصريين هو حرص الصغير قبل الكبير منهم على أدب التخاطب، فلا يمكن أن تخاطب أو تنادي من يكبرك سنا ومقاما حتى ولو كان أحد والديك دون أن تسبقه بأحد الألقاب (حضرتك .. سيادتك .. يا أفندم)، كذلك لا يمكن أن تخاطب السيدة بدون أن تسبق اسمها بلقب (مدام .. أنسة .. مدموزيل) وحتى بعيدا عن الاوساط الراقية وبرتوكولات التعامل الخانقة، نجد أن العامة من باعة ومهنيين وصنايعية وسائقي التاكسي يحرصون على مخاطبة الغريب بنفس الالقاب، كما قد يتكرمون تفضلا منهم بمنحك الرتب والتشريفات ك (يا باشا .. يا بيه .. يا باشمهندس) .. بالمقابل نجد ان ذلك الضرب من أدب التخاطب ليس من ضمن اهتماماتنا في مجال التربية، فصغيرنا على كبيرنا لا يتوانى عن أن يقذفك عند مناداتك من بعيد ب ( يا زول .. هوي انت ها .. هوي يا ده .. يا هناي) وحتى اننا غنيناها غنى كما فعلها (نور الجيلاني) عندما نادى على الفتاة التي تسير أمامه في الطريق: يا القدامنا يا انت .. وبس كيفن تكون انت؟ لو قدامنا انت صحيح .. كنتا اقلو سالمتا فقد صارت (يا انت نور الجيلاني) مصطلح مشاغلة استعملها الشباب في معاكسة الصبايا في الطرقات .. لما كنا صغاراً تجمعت مجموعة من الصغيرات من بنات أهلنا خلف شقيقي الصغير وصرن يطاردنه وهن يصفقن ويغنن ليهو (يا انت .. ويا انت ويا انت) حتى انفجر بالبكاء منهن فداعبته أمي: يا العوير هن قاعدات يشاغلنك .. حقو تفرح مش تبكي !! بالمناسبة ظاهرة معاكسة البنات للشباب قد يعتبرها البعض حاجة جديدة ونتاج للتدهور الاخلاقي الحاصل، بالرغم من انها حاجة قديمة ولكنها زادت حبتين تلاتة، مع الاخذ في الاعتبار المفارقة الكانت بين (نظرة يا السمحة أم عجن )، وزمن ( أمسكي عليك عيونك ديل .. أمسكيهن)، وزمان (انتي عيانة عايزة ليك دكتور) الاغبر !! لا يخلو ادب التخاطب عند المصريين من بعض الطبظات فكما لا يمكنك ان تنادي احدى المتشببات عندنا ب ( يا حاجة) دون أن تصاب بالاذى الجسيم، كذلك فأن مناداة شابة غير متزوجة ب (يا مدام) هناك تعتبر طبظة بروتوكولية لا تغتفر مع الوضع في الاعتبار عدم وجود ميزة الحناء حتى تفرز بها المتزوجات عن غيرهن .. اتخيل لي الفرق الوحيد ان المتزوجات وجوههن (مرحمنة) لا تشكو هلعا أو طيارة عين شفقة اللحوق ب (القطار المرّ وفيهو مرّ عريسي) !! الرأي العام