موسي [email protected] لقد تربع الدولار الأمريكي علي عرش العملات العالمية, منذ أن تم توقيع إتفاقية بريتون وودز في عام 1945م , و ألغيت بموجبه قاعدة الذهب , أو ما كان يسمونه نظام المعدن الواحد Monome tallism و التي كان يتم التحاسب علي اساسها, و إستبدلت بالدولار. منذ ذلك الوقت كتبت السيادة لهذا الدولار علي عرش العملات العالمية . بل عملت معظم دول العالم علي ربط عملتها بالدولار الأمريكي, بل أكثر من هذا, إتجهت كثير من دول العالم إلي تبني ما يسمونه, دولرة الإقتصاد Dollarization , أي الإحتفاظ بالأصول في شكل دولار, و إجراء معاملاتها بالدولار الأمريكي. لقد أدي هذا السلوك إلي إضعاف موقف العملات الوطنية, عن طريق حيازة الدولار, أي بمعني آخر, الهرب من العملة و التعامل بالدولار, و هذا بدوره أدي إلي إرتفاع معدل التضخم, و إهتزاز الثقة في العملة الوطنية. و تلعب العوامل النفسية دوراً فاعلاً في زيادة الطلب علي الدولار و من ثم إرتفاع سعره, يوماً بعد آخر, كما هو ملاحظ في بلادنا, و بالذات في الأيام الأخيرة , بعد أن تأكد إنفصال الجنوب عن بقية الوطن. يكفي أن ترتفع وتيرة التصريحات من المسئولين هنا و هناك حول هذه المسألة, و ما سيترتب عليها من آثار إقتصادية و إجتماعية و أمنية , فيرتفع سعر الدولار في اليوم التالي . و يكفي أن يطلق أي من المنتفعين من تجارة الدولار , إشاعة بأن مالية الحكومة تعاني عجزاً, فيلتهب سوق الدولار. في عقد الثمانينات الماضية, أفاد مسئول سابق, أن السوق الأسود قد هزم الحكومة. لم تتدبر الحكومة أمرها, فكان أن أصابها السوق الأسود في مقتل , و لم تجد بداً من التصالح معه, فابتكرت له إسم السوق الموازي, أي إسم الدلع كما يقولون في هذه الأيام . قرأت منذ يومين, لقاءاً مع أحد أساطين السوق الأسود للعملة, إذ أفاد, أنه لا يمكن التحكم في السوق الأسود, حتي و إن أدخل كل الناس في السجن. هذا صحيح, ذلك انه في ظل عجز الحكومة عن توفير النقد الأجنبي لإجراء المعاملات مع العالم الخارجي, سيستمر السوق الأسود, و ستغذيه هذه العوامل النفسية. أي بدل من أن تطارد الحكومة تجار السوق الأسود, عليها وضع التدابير اللازمة لحماية العملة الوطنية من التدهور و إلا ستدخل الحكومة في حرب من نوع آخر, هي حرب الدولار, و سيكون الخاسر, هو إقتصاد البلد, جراء إرتفاع سعر الدولار و تآكل العملة المحلية و تخزين الدولار و ما يترتب علي هذا التخزين من تعطيل لعجلة الإنتاج. إن دولرة الإقتصاديات العالمية, في ظل العولمة, هي حرب من نوع آخر من حروب الموارد, بل هي أخطر أنواع الحروب, تلك التي يستخدم فيها , هذا الورق الأخضر السحري و حيث يعمل الأمريكان علي السيطرة علي عالم اليوم . و لك أن تتصور حال من يملكون هذا المورد, و حال من لا يملكونه. قطعاً سيكون الأخيرين أسري للحاجة. يقول الأمريكان في أدبياتهم الإقتصادية : مرر الدولار Pass the buck , أي عليك أن تستثمر لتجني مزيد من الأرباح. هذا الربح الذي يعدونه الهدف الأساسي لأي نشاط إقتصادي. و لكن في بلادنا, يقول البعض : خزن الدولار لأجل المضاربة و جني الأرباح من خلال السعر الذي سيرتفع غداً ! و هكذا تتعطل عجلة الإنتاج , و تزداد حمي و جنون المضاربة Speculative mania و يخسر الجميع, بسبب تعطل الدورة الطبيعية لإنتاج الثروة. تري ما الذي جعل الإقتصاد الأمريكي يتربع علي عرش الإقتصاد العالمي ؟ إنه العمل و مزيد من العمل. تري هل سنتجه إلي العمل لما فيه خير بلادنا , أم سندخل في حرب مع هذا الدولار, بحيث تصبح بلادنا غداً مكباً للأموال المشبوهة التي ترد من هنا و من هناك , لغسلها في سوقنا ؟ الرياض / السعودية