. صباح الخميس الماضي قال وزير التصريحات الأول لشؤون الصناعة " المنتهية " إنّ وزارته تعمل للاكتفاء الذاتي من الحبوب الزيتية. . وقبل الظهر أعلن وزير الزراعة اهتمام وزارته بالحبوب الزيتية من فول سوداني وسمسم و زهرة شمس وربما زهرة أرقو كمان. . ولمن لا يعلم فقد كانت زهرة أرقو أغنية رائجة في سالف العصر والأوان من قبل حكم الكيزان. . ولكن بعد الظهر وفي اجتماع مجلس الوزراء تقرر إلغاء الرسوم الجمركية والقيمة المضافة وأي رسوم أخرى على خام الزيوت النباتية المستوردة. . سنرى الآن كيف أنّ هذا القرار الذي صدر بحضور وزيري الصناعة والزراعة قد نسف " إدعاءات " الوزيرين بشأن الإهتمام بالحبوب الزيتية والإكتفاء الذاتي منها. . سيمتلئ السودان بخامات الزيوت النباتية من كل منشأ وبأي نوعية طالما كانت بدون جمارك، وستنقل رأساً من الموانئ للمصانع القليلة الموجودة ومنها للمستهلك غض النظر عن الجودة والريحة والتسريحة. . مزارعو الفول والسمسم وزهرة الشمس يحصلون على المال اللازم للزراعة بشق الأنفس من بنوك طفيلية وبفوائد عالية. . ويدفعون رسوماً باهظة وزكاة وجباية تضاف لتكاليف الانتاج، ثم يحصدون محصولهم ويعرضونه للبيع بالسعر الذي يغطي التكاليف زائداً الربح المتوقع. . وبالطبع لا تشتري المصانع فولهم ولا سمسمهم طالما كانت الخامات المستوردة " وربما المضروبة" رخيصة لأنها اعفيت من الرسوم بقرار الحكومة. . وتنهار زراعة الحبوب الزيتية بسبب الخسائر التي سيتكبدها المزارعون بسبب قرار مجلس الوزراء. . أما المستفيدون من قرار الحكومة فهم الموردون وأصحاب المصانع والخاسرون هم المزارعون والمستهلكون. . لو أرادت الحكومة تخفيض أسعار الزيوت النباتية والاكتفاء الذاتي من الحبوب الزيتية لقدمت الدعم اللازم للمزارعين لتخفيض تكلفة الإنتاج، ثم إلغاء رسوم الإنتاج على الزيوت المصنعة من الحبوب الزيتية المحلية ولكنها لا تفعل هذا لسبب معروف. . خلال العامين القادمين سيهجر الناس زراعة الحبوب الزيتية، وستعتمد المصانع على الخام المستورد ويتهيأ الجو للطفيلية المصرية والخليجية للاستيلاء على مشروع الجزيرة وسمسم القضارف لزراعة الحبوب الزيتية وتصديرها لبلدانهم ثم " عصرها " وتصديرها من هناك للسودان لتباع " بالشي الفلاني". . إنها الشراكة " الذكية " التي تعصر زيت الشعب، ولكن الشعب " سيطلع " زيت الحكومة والبادئ أظلم. الميدان