[email protected] رحم الله الفنانة أسمهان ( 17- 1944م ). ذلك الصوت الشجي, الذي أطرب السامعين, و لم يتكرر مثله في العالم العربي, منذ وفاتها في منتصف الأربعينات من القرن الماضي. لقد أبدعت هذه الفنانة, و خلد إسمها في عالم الغناء , رغم قصر عمرها الفني. من أغانيها الخالدة, أغنية ( ليالي الأنس في فيينا ). تقول بعض كلماتها : ليالي الأنس في فيينا× نسيمها من هوا الجنة متع شبابك في فيينا × دي فيينا روضة من الجنة لكن شتان بين حال رقيقي الإحساس, الذين تعنيهم الأغنية, و بين حال أولئك الأجلاف, غلاظ القلوب, عديمي الإحساس و مرضي السادية, الذين يحيلون العامر خراباً و الأخضر يابساَ و السعادة شقاءً. لا يهمهم غير نفوسهم و عروشهم التي يجلسون عليها. و لا يهم أن داسوا علي كل القيم و الأعراف الإنسانية و قتلوا و سحلوا من أجل الحفاظ علي عروشهم . لكن هيهات. من هؤلاء القوم ذوي النزعة الإجرامية, الرئيس الليبي معمر القذافي, الذي حكم شعبه بالحديد و النار, لأكثر من أربعين سنة. لقد مارس هذا الرئيس كل أنواع البطش و الكبت و كل صنوف التعذيب و الإجرام, من أجل أن يدوم له نظامه و يمارس ساديته علي شعبه, و علي الشعوب الأخري التي كان يدفع لها بسخاء, لكي يسبحوا بحمده , حكاماً و محكومين و في نفس الوقت كان يتآمر علي هذه الشعوب. هذا الرجل يحمل داخل جسده شخصية فريدة و جديرة بالبحث و الدراسة من قبل المختصين. سمعته ذات مرة , و هو يتحدث عن نفسه, و يقول : أنا عميد الحكام العرب, و يقصد أنه أطولهم حكماً, و أمير المؤمنين و ملك ملوك أفريقيا, رغم أنه إنقلب علي النظام الملكي في عام 1969م, و رغم أن أفريقيا لا يوجد فيها دولة ذات نظام ملكي ,غير دولة واحدة, هي المغرب. لكن يبدو أنه نسي أن يقول, أنه لم يخلق مثله من بشر!. لقد وزع المال ذات اليمين و ذات الشمال , من أجل أن يهلل له الآخرين, فهللوا له, و لكنه كان تهليلاً ممزوجاً بالسخرية و الإحتقار, ذلك أن من هللوا له, فعلوا ذلك من أجل ماله. هذا المال الذي ذهب غالبه هباءً , في دعم الإرهاب و الكلام الفارغ. لقد سمي العقيد القذافي دولته ( الجماهيرية العربية الليبية الإشتراكية العظمي ), لكن بقي هذا الإسم رغم طوله و غرابته علي غير مسمي , فلا هي جماهيرية كما إدعي, بسبب أنه كان يركز السلطة في يده, و في يد أبناءه. و لا هي إشتراكية, إذ لم تتحقق أي من الشعارات الإشتراكية التي رفعها. و لا هي عظمي, ذلك أن هذا البلد لا زال مجتمع بدوي يعيش التخلف, و موغل في محليته, رغم الثروة الطائلة التي حصل عليها من تصدير النفط . لكن ضاعت هذه الثروة بفعل الفساد و السفه. و من المفارقات التي تدعو إلي السخرية, أن ليبيا التي أطلق عليها صفة ( العظمي ) لم تتمكن طائراتها من التحليق في الأجواء الليبية, بسبب الحظر الذي فرض علي ليبيا في التسعينات الماضية. غداً سيذهب هذا الرئيس إلي لاهاي, مكبلاً بالأغلال, ليشهد ليالي الأنس هناك, في زنزانته, بدلاً من قصره المنيف, حيث الأنس مع الحاشية و الحشم و الخدم. هذا إذا بقي حياً . هذا مصير كل طاغية جبار عنيد. و كما تدين تدان, و أن الله لا يظلم الناس و لكن الناس أنفسهم يظلمون. جاء في كتاب ( أدب الدنيا و الدين ) للقاضي الماوردي , أن الخليفة / الوليد بن يزيد بن عبدالملك, كان فاسقاً . و ذات صباح كان يستفتح المصحف, فوقعت عينه علي الآية رقم ( 15 ) من سورة إبراهيم و تقرأ : و إستفتحوا و خاب كل جبار عنيد. ما كان منه إلا أن مزق المصحف و أنشد : أتوعد كل جبار عنيد × فها أنا ذاك جبار عنيد إذا لاقيت ربك يوم حشر × فقل لله خرقني الوليد و لكن ما هي إلا أيام , و قد قتل شر قتلة, و صلب علي باب قصره, ثم علي باب المدينة. نعوذ بالله من البغي و مصارعه. إن السنن الكونية لا تتخلف , أي كما تدين تدان. لكن لا يقرأ أمثال هؤلاء القوم , التاريخ و لا يعتبرون بقصص الأولين, بل يمشون و كأن عيونهم معصوبة , حتي يقتلعهم المد الثوري , و لات ساعة مندم. الرياض / السعودية