العصب السابع الأطفال..في عشقهم الممنوع.. شمائل النور طالبة بمرحلة الأساس، نحسبها طفلة بعمرها هذا، قابلتها في مناسبة عامة قبل فترة، صدفة برفقة والدتها، رأيتها تحث والدتها على الخروج باكراً قبل التاسعة مساء، بحجة أن لا يفوتها المسلسل، سألتها أي مسلسل تتابعينه ليلاً وأنت على موعد مدرسة صباحاً، أجابتني بكل بساطة، مسلسل العشق الممنوع، ذُهلت طبعاً، رغبت أن أتاكد، فقلت لها هل تقصدين بالعشق الممنوع ذلك المسلسل التركي، فقالت لي نعم المسلسل بتاع سمر ومهند، لاحظوا يا متابعي العشق الممنوع لم تقل سمر وعدنان، أو مهند ونهال، فقلت لها، لكن هذا المسلسل للكبار ولا يصح لك أن تشاهديه ولن تفهميه كما ينبغي،أجابتني، صديقاتي بالمدرسة كلهن يشاهدن العشق الممنوع، شعرت بالسذاجة حينها. نعم، نحن شعب ثقافته لم تفرد مساحة بين حاجات الكبار وحاجات الأطفال وحاجات الشباب، فمن غير المستغرب أن تجد رجلاً مُسناً يتابع بشغف سلسلة كرتون (توم وجيري)، وطفلة لم تبلغ رشدها مغرمة بمتابعة أكثر المسلسلات جرأة في تناول الخيانة الزوجية مع الأقربين وتتابعها بشغف وتحديداً فيما يخص المشاهدة التلفزيونية، فنحن نتعامل معها بسذاجة مستفزة، فكل حيلتنا أن نقول للأطفال\"عيب\" أو \"\"غيّر القناة\" ففي ظل انفتاح فضائي لا يُمكن أن نوقف تياره الجارف، تصبح السيطرة على الأطفال بطريقة القمع التقليدية غير مجدية البتة. نؤمن أن سياسة المنع من المشاهدة بالنسبة للأطفال صعبة ولا يُمكن أن تتحقق، لذلك لا يُمكن أن نعوّل عليها بل المؤكد من جانب علماء النفس سوف تعطينا نتائج عكسية تماماً ولا تُحمد عقباه، وليس أطفالنا من النوع الذي يثق في كباره وينصت إليهم بإعتبارهم يقدمون لهم نصيحة، بل أطفالنا يفعلون تماماً كل ما اكتسى بثوب النصيحة من االكبار. هذه المشكلة بجانب ثقافتنا ومكوناتها البيئية البسيطة أيضاً من أسبابها الرئيسية سوء توظيف أوقات الأطفال إن كان خلال العام الدراسي أو خلال الإجازة، هذه الأيام بدأ الأطفال في إستهلاك إجازتهم الصيفية، ونعلم حجم الإزعاج الذي تشتكي منه أسرهم طيلة العام الدراسي من حيث الإستيقاظ باكراً وإنتظار الترحيل ومتابعة الدروس ثم الإمتحانات، وتزيد شكاوى الأسر مع بداية الإجازة، وما أن تنتهي الإمتحانات، من الطبيعي أن يسرع الأطفال إلى التنفيس عن الضغط الاكاديمي طيلة العام ولا يجدون أمامهم إلا التلفاز. نعم، هناك أسر تعيش رغد العيش وبإمكانها أن تُدخل أطفالها بالمراكز والأندية الرياضية والثقافية، لكن هناك الكثير من الأسر السودانية تتوق إلى الإجازة الصيفية لتوفير قيمة السندوتشات والترحيل. لو أن وزارة التربية والتعليم وإدارات المدارس تعاونت مع الأسر ذات الدخل المحدود برسوم رمزية في متناول الأسر لخلق برنامج صيفي بإشراف المدارس ذاتها، يملأ فراغ الأطفال أثناء الإجازة ويتم توظيفه رياضياً وثقافياً وتربوياً وعلمياً وفق ما تتطلبه هذه المرحلة الأهم على الإطلاق.. بدلاً من أن يقبعوا في البيوت ويتنفسوا برئة مسلسلات وأفلام تجعل عقولهم في حالة ذهول دائم. التيار