ما قيمة حوار حددت نتيجته مسبقاً؟! سليمان حامد الحاج قال القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم محمد مندور المهدي في مؤتمر صحفي عقده في 21 مارس 2011، إن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرات واسعة في شكل الحكم وداخل مؤسسات الحزب. وكيفية التعاطي مع الوضع الراهن بالحوار الجاد والبناء مع القوى السياسية. وليست لدى المؤتمر الوطني – حسب قوله- سقوفات محددة للحوار مع الأحزاب السياسية عدا الشريعة الإسلامية التي نعتبرها من الثوابت!. وفي ذات السياق يدعو نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه الأحزاب والقوى السياسية للقبول بمبدأ الحوار حول الدستور لبناء سودان الشريعة الإسلامية والوحدة الوطنية؟ فهل الشريعة هي المصدر الوحيد للدستور وتوحيد السودان بكل تنوعه الديني والعرقي والثقافي والجهوي حتى بعد الانفصال. أليس انفصال الجنوب هو نتاج للإصرار على مثل هذه الدعاوى المجافية للواقع السوداني؟ كذلك أكد نافع على نافع نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني ومساعد رئيس الجمهورية في لقاء في القصر الجمهوري في 23 مارس 2011 مع ناظر عموم فلاتة جنوب دارفور، أن الحكومة ملتزمة بتطبيق الشريعة الإسلامية. هذه التصريحات هي رجع الصدى للخطب المتواصلة لرئيس الجمهورية في العديد من المناسبات التي أكد فيها أن الشريعة الإسلامية هي المصدر للدستور والقوانين وأن اللغة العربية هي لغة البلاد الوحيدة بعد انفصال الجنوب. تفصل هذه التصريحات مستشارية الأمن القومي بما يمثل خارطة طريق، في بيانها الذي نشرته الصحافة في 16 مارس 2011. جاء فيه أن المستشارية تؤكد أن الشريعة الإسلامية من الثوابت القطعية التي لا مساومة عليها. وقد مهرها الشهداء بدمائهم وبذلوا في سبيلها الغالي والنفيس، وبسبب التمسك بها تعرض السودان لكل ألوان العداء. وستظل أوفياء لها عقيدة وشريعة ونظاماً ومنهاج حياة . وتتوقع المستشارية أن تشهد المرحلة المقبلة وضع دستور يؤكد لحاكمية الشريعة وتجويد تطبيقها القائم! ( لاحظ القائم هذه ضده – الكاتب) حفاظاً على الحقوق والحريات وبسط العدل وتعزيز المشاركة والمساءلة والشفافية والنهوض بمجتمع الفضيلة والخير والطهر وتحقيق الأمن الشامل للمجتمع ووحدة نسيجه الاجتماعي. قراءة واحدة لتقارير المراجع العام التي عبر فيها عن مدى استشراء الفساد حتى من مسؤولين في قمة أجهزة الدولة دون مساءلة أو عقاب ، ينسف كل ما جاء في بيان المستشارية عن المساءلة والشفافية ومجتمع الطهر. وأنه مجرد لغو يبتعد كثيراً عن الواقع المعاش. أما حديث المستشارية عن بسط العدل والحريات وتعزيز المشاركة قيد حصة مواجهة المظاهرات السلمية حتى للنساء بالضرب والعصى والسياط ناهيك من استعمال الرصاص الحي في عدد من المواجهات. تؤكد ذلك إفادة متحدث باسم المتظاهرين لصحيفة الصحافة عدد 22 مارس 2011 بأن طلاب المؤتمر الوطني أخلو جامعة ام درمان الأهلية قسراً باستخدامهم للسيخ والهراوات استباقاً لإعلان المعارضة الطلابية الخروج للشارع، ليدخل الطلاب عقب خروجهم من الجامعة في سلسلة مطاردات مع القوى الأمنية وصلت إلى أطراف مدينة المهندسين. أما المؤشر الخطير حقاً هو تكرار مندور المهدي لهذا الاستباق المبكر عن استعمال العنف، عندما يحذر من وجود مليشيات مسلحة يمكن أن تحول الاحتجاجات إلى مواجهات مسلحة والمسيرات السلمية إلى فوضى واقتتال. فإن كان هذا الحديث صحيحاً فماذا ينتظر السيد مندور المهدي؟ وأي منطق ذلك الذي يجعله لا يلقى القبض على تلك المليشيات الآن وليس بعد أن يقع الفأس في الرأس. غير أن الحقائق تشير إلى أن من امتلك السلاح في الواقعة المذكورة في الجامعة الأهلية هم طلاب المؤتمر الوطني بمساندة الأمن حسب قول شهود عيان كانوا في الجامعة. ولهذا يحق لنا أن تستنج أن تصريح مندور هو استباق كما ينوي فعله المؤتمر الوطني ومليشياته عند أي تحرك قادم، ثم ينسبه للآخرين. أما حديث مستشارية الأمن القومي النهوض بمجتمع الفضيلة والخير والطهر وتحقيق الأمن الشامل للمجتمع ووحدة نسيجه الاجتماعي، يعريه ويكشف عدم مصداقيته... الواقع الماثل الذي تعيشه الأغلبية الساحقة من شعب السودان. الفقر المطلق يعم السواد الأعظم من مواطنيه. وقد ضاعف الفقر الكافر بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان من عدد المتسولين ومتعاطي كافة أنواع المخدرات التي يتوسلون بها للدخول في غيبوبة تخرجهم من الأزمة المأساوية التي يعانون منها. ومن بين مئات الأمثلة هو ما قام به رجل فقير بمحاولة إحراق نفسه لأنه لا يجد من يعول أطفاله .- نواصل - الميدان