لاشك ان حديث نائب رئيس الحزب الحاكم بولاية الخرطوم الدكتور محمد مندور المهدي ، كان مدهشا ومحل استغراب للجميع وهو يتوعد ويهدد بسحق قوى المعارضة وشباب الفيس بوك ان حاولوا تغيير النظام ، وطالب كل من اراد مواجهتهم ان يواجههم وصدورهم عارية ، مستدعيا خطابات ايام الانقاذ الاولي امام كتيبة استراتيجية من منسوبي الحزب جددت البيعة بالمركز العام أمس الاول . ما حمل الدهشة والاستغراب الي الجميع ان حديث مندور جاء بعد اقل من 24 ساعة من حديثه حول التغييرات الجذرية داخل مؤسسات حزبة وتأكيده علي انهم في المرحلة القادمة يتطلعون فيها الي حكومة ذات قاعدة عريضة عبر الحوار الجاد دون تحديد لسقوف ذلك الحوار سوي الشريعة ، وقوله صراحة داخل مؤتمر صحفي قبل يوم من حديثه الخشن «ليست لدينا سقوفات محددة للحوار مع الاحزاب السياسية عدا الشريعة الإسلامية التي نعتبرها من الثوابت» ، وذات الحديث الوعيدي كان في نفس اليوم الذي ابرزت فيه صحف الخرطوم الصادرة صباح الاثنين دعوة نائب الرئيس علي عثمان لكل الاطراف بالانخراط في حوار جاد وبناء ، منوهاً أن الحوار مطروح الآن لترتيب أوضاع البلاد واقرار الدستور الجديد، قبل ان يؤكد أن لا تراجع عن الشريعة الإسلامية ، قبل ان يقطع بعدم الخشية من الحريات ، وتابع «نحن لا نخشى الحريات فالثورات العربية بسبب انعدام الحريات ،والرئيس البشير ونائبه سيظلان أمام الناس وليس خلفهم ولن يتهربا من المسؤولية ولن يدبرا للهرب وترتيب أمورهما الأمنية» ، الامر الذي يترك ابواب التساؤلات مفتوحا حول مرامي حديث مندور ، الذي يعتبره بعض المراقبين لاينسجم وخط الحزب الذي ابتدره الرئيس البشير قبل الاستفتاء بايام قليلة موجها الدعوة الي الجميع للمشاركة في حكومة ذات قاعدة عريضة، الامر الذي ظلت تعمل مؤسسات الحزب المختلفة لتنزيله علي ارض الواقع ، وطرحت مستشارية الامن مبادرة للحوار جوبهت بالرفض من اغلب قوى المعارضة ، التي ظلت متمسكة بالعمل علي اسقاط النظام بعد ان الهمتها ثورتا «مصر وتونس» ، واعتبرت قوى الاجماع الوطني حديث مندور الاخير يعد نجاحا لما تقوم به قبل ان يضيف المتحدث الرسمي باسم الاجماع كمال عمر ل»الصحافة»، الوطني بات خطابه غير قادر علي الاستجابة للأزمة ومخاطبتها، مشددا علي انه يعيش في عزلة سياسية وفصام حاد ، مؤكدا علي استمرارهم علي العمل من اجل اسقاط النظام، لافتا الي ان الحوار لا طائلة منه، وقال هذا ما ستكشفه الايام القليلة القادمة . اذن فان التهديد موجه لكل قوى المعارضة باستثناء حزبي «الامة والاتحادي» اللذين انخرطا في حوارهما مع المؤتمر الوطني وظل موقفهما المطروح داخل التحالف رافضا لمبدأ اسقاط النظام بسبب دواعي جلب عدم الاستقرار والفوضي حسبما اخبرني رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ في حوار سابق . لكن المحلل السياسي الدكتور حاج حمد اعتبر الحديث الاخير لمندور بانه مؤشر كافٍ لتمايز الصفوف في اشارة منه الي ان المؤتمر الوطني اكتفي باتفاقه مع حزب الامة حول الشريعة عبر حوارهم المستمر ، ورجح حمد ان يكون الاتحادي اتفق في ذات النهج ، لكن عمر يشدد علي ان المعارضة واعية بما تريد، واضاف هدفنا المتفق عليه هو اسقاط النظام ، وتابع « انا علي يقين ان الذين يحاوروا الوطني الان لاسبيل لهم وسينتهي الحوار بلا اتفاق لان الوطني لن يفرط في برنامجه وفكرته ، قبل ان يضيف ان الشعبي والشيوعي والبعث والمؤتمر السوداني وبقية القوى الوطنية الاخرى ستقابلهم بالشعب وليس السلاح . الا ان حاج حمد يعود ليقول ان الارتباك الحقيقي داخل الحزب الحاكم بات واضحا مما يشير الي ان الوجهة غير معروفة ، ويدلل ان نائب الرئيس يبشر بالحوار في وقت تخرج فيه قيادات حزبه بالوعيد والتهديد ، ويري ان عدم وجود آلية للتعبير داخل المؤسسة الحزبية يقف خلف الامر ، ويتابع لابد من اجراء اصلاحات داخلية واشراك الشباب وازاحة من بقوا داخل المؤسسة التنفيذية والحزبية اولا ثم التوجه نحو الاخرين .