بالمنطق ليلى وجنون العشق..!!! صلاح عووضة ٭ اسم ليلى له وقع عند العرب العاربة، والمستعرِبة، و(المُستَرعبة)، و(المتعوربة) لإرتباطه بالعشق والهيام والشعر.. ٭ فأغلب المعشوقات اللائي خُلِّدن شعراً يحملن اسم ليلى.. ٭ وكذلك العشق الصوفي يُرمز له باسم ليلى.. ٭ فتجد شعراء الصوفية في السودان - مثلاً - يقولون: (لما الليل جن ناس ليلى جنِّي).. ٭ ويقولون: (الليلة وينم ليّا، أولادك الصوفية).. ٭ ويقولون: (يا ليلى ليك جنّ، معشوقك أوَّه وأنَّ).. ٭ فلماذا اسم ليلى (بالذات) وليس سلمى أو نفيسة أو زينب ، لست أدري.. ٭ بمثلما لست أدري كذلك لِمَ شعراء العاطفة لا يعشق أكثرهم إلا من اسمها ليلى.. ٭ بل إن منهم من يقترن جنونه بالاسم هذ مثل مجنون ليلى.. ٭ و(درويش) دفعتنا بثانوية حلفا الأكاديمية العليا يطلب منه أستاذ الأدب العربي قرني ذات مرة أن يقرأ ما تيسر له من قصيدة البحر لإيليا أبي ماضي فلا يجد إلا الأبيات تلك التي فيها اسم فتاة كان يهواها إلى حد (الدروشة).. ٭ لم يجد إلا الأبيات التي تتحدث عن ليلى وابن المُلوَّح.. ٭ فطفق يقرأ بأسلوب مسرحي وهو (يتذوَّق) الكلمات، ثم (يلوكها)، ثم (يقذف) بها على وجوهنا: (كم فتاة مثل ليلى، وفتىً كابن المَلُوح).. ٭ وتشكيلنا لاسم الملوح هنا ليس خطأً ولكن هكذا هو نطقه.. ٭ فما كان من الأستاذ قرني إلا أن قاطعه صائحاً: (مَلُوح؟!.. ملوحة في عينك، إترمي).. ٭ ولكن درويشنا لا (يترمي) وإنما يخرج من الفصل مغاضباً.. ٭ ونحمد نحن الله أن غضبه ذاك لم يدفع به إلى ما هو أبعد من حد (الدروشة) اللطيفة ليضحى مثل ابن المُلوَّح.. ٭ أما بلدياتنا شلبي فحكايته مع اسم ليلى حكاية.. ٭ حكايته مع (الاسم) وليس (حاملة الاسم).. ٭ فقد عثر مرةً على رواية عاطفية مترجمة شغلته قراءتها عن لهو الحواري، وسباحة العصاري، وسمر الأماسي.. ٭ كان ذلك في زمان مضى عُدَّ فيه امتلاك المذياع من دلائل الميسرة.. ٭ وكان (الصبي) شلبي سعيد مُتنازع العواطف بين فتاتين إحداهما اسمها هدى والأخرى ليلى.. ٭ وحين فرغ فتانا من الرواية - أخيراً - حسم أمره واختار ليلى مكتفياً بها دون الثانية.. ٭ أو بالأحرى، فرضها على (قلبه!!).. ٭ وحين سُئل عن سبب تفضيله ليلى على هدى رغم أن هذه الأخيرة أكثر جمالاً من تلك، قال شلبي إنه (مأخوذٌ) ببطلة الرواية (ليلى).. ٭ أي أنه أراد أن يكون اسم محبوبته (الواقعية) مطابقاً لاسم محبوبته (الوهمية).. ٭ ومازال أصحاب شلبي يذكرون إلى اليوم - وقد غدوا كهولاً - كيف أنه (صُدِم!!) حين قِيل له أن بطلة الرواية اسمها (لِيلِي) وليس (لَيلَى).. ٭ ولكن ثمة عشقاً هو أحق باسم ليلى هذا من الذين اشتهروا به أجمعين.. ٭ من لدن (مجنون ليلى)، وإلى جماعة (يا ليلي ليلك جنَّ)، مروراً بصاحب (يقولون ليلى بالعراق مريضة).. ٭ إنه عشق يفوق عشق أولئك أجمعين.. ٭ فماذا يساوي عشق ابن الملّوح لليلى إلى جانب عشق بعض حكام هذا الزمان للسلطة من العرب العاربة والمُسَتعرِبة و(المُستَرعَبة) و(المتعوربة)؟!!.. ٭ ألم تروا كيف أنهم قد أضحوا كالمجانين هذه الأيام دفاعاً عن (معشوقتهم!!) السلطة.. ٭ ألا ترون (الحالة!!) التي فيها كلٌّ من القذافي وعلي صالح والأسد منذ أن ثارت شعوبهم مطالبةً بالحرية؟!.. ٭ وأما رأيتم (الحالة!!) التي كان فيها مبارك وبن علي قبل أن يُحال بينهما وبين (ليلى!!) كلٍّ منهما بعد عشق دام لأكثر من ثلاثة عقود ما وهن يوماً ولا فتر ولا خبأت جذوته؟!.. ٭ وألا ترون كذلك (الحالة!!) التي تتلبس نفراً من رموز الإنقاذ في أيامنا هذه خوفاً على (ليلاهم!!) التي ظلوا يتيَّمون بحبها لأكثر من عشرين عاماً.. ٭ وإذا كان المثل المتعلق بالعشق يقول (إن من الحب ما قتل) فإن عشاق السلطة هؤلاء طبقوه (حرفياً!!) لجهة الساعين إلى حرمانهم من حالة الهيام (الجنوني) هذه.. ٭ لجهة من هم بمثابة (العُزَّال) من المتظاهرين.. ٭ فالقتل (الجماعي) الذي نشاهده في الفضائيات الآن لا يمكن أن يصدر إلا عن (مجانين!!) يمكن أن يضحُّوا بنصف شعوبهم من أجل معشوقتهم (السلطة!!).. ٭ أو فلنقل: معشوقتهم (ليلى!!).. ٭ والنفر هؤلاء من أهل الانقاذ لا تنم تهديداتهم التي يطلقونها هذه الأيام إلا عن شئ مثل ذلك.. ٭ التهديدات التي تعج بعبارات تحدٍّ من قبيل: (اليقوُّوا ضراعاتهم)، و(ليطلعوا الشارع لو هم رجال)، و(ليقلعوها بالقوة زي ما قلعناها نحن).. ٭ ونسى أهل الإنقاذ أن (عُشَّاقاً!!) مثلهم لل(سلطة) أطلقوا مثل تهديداتهم هذه تماماً - في مصر وتونس - ثم كلٌّ منهم (يتحسر!!) الآن على ضياع (ليلاه!!).. ٭ وآخرون على دربهم سائرون.. ٭فمجانين (ليلى) كثرُ إذن.. ٭ ولكن أشدهم (جنوناً!!) و(عشقاً!!) أولئك الذين (ليلاهم!!) السلطة.. ٭ فكل واحد من هؤلاء لا يضاهيه في العشق (ابن المُلَوَّح) نفسه.. ٭ ولكنه يضحى بعد فراقه ليلاه (ابن المَلُوح!!!!). الصحافة