محاولات .....لفك البورة أمنة كشه [email protected] دكتور شرف شخصية فريدة ومميزة فبجانب ما حباه الله من علم وتهذيب وذلل له المشي في مناكب الارض و سبلها فبقلبه رصيد من المحنة يسمح له بدخول موسوعة جينيز و سلوكه مزيج فريد بين ود امدرمان الظريف صاحب النكتة و الخواجة الدقيق في عمله المتفتح في اسلوب حياته ، كان من عادتِه كلما رجع الى السودان من سفره في إجازة أن يحمل الكثير الكثير من الهدايا لِأهله فلا ينسى خالة أو إبنة عم أو حبوبة ضرب مثلاً لعشا البايتات و مقنع الكاشفات و من عاداتِه و هو يعطي كل واحدة منهن هدِيتها أن يهزر معها ويرسل النكات ...... من بين هذا الكم من مستقبلات الهدايا ثلاثة فتيات أو يمكننا مجازاً إطلاق هذاه الصفة عليهن فالأقرب هو لفظ عانسات ،كان يتحسر على شبابهن الذي فاته قطار الزواج وهو يمد يديه بهدايهن و يتمنى أن يراهن سعيدات في بيوتهن وهن بنات خالاته من بعيد ولكن بحكم الجور صار متابعاً لأخبارهن متأسفاً لِمآلهن ومستغرباً كيف يتخطى قطار الزواج مثلهن ،كان كل ما يستطيع فعله حيالهن أن يزيد من قيمة هدايهن ويجزل لهن العطاء في محاولة لمواساتهن.... في إحدى العطلات و كانت طويلة نوعاً ما قرر طبيبنا أن الهدايا وحدها لا تكفي فلا بد من إيجاد حل جذري لهذا البوار فقرر أن يبذل مجهوداً لعمل زواج جماعي صغير و قام بمجهود جبار لايجاد أزواج مناسبون للمذكورات أعلاه..... إتفق مع عبدالرحيم صاحب الدكان والذي كان متزوجاً وأبنائيه في الجامعات لكن زوجته ليست معه فهي بإحد الأقاليم وهو يسكن في بيت للعذابة أن يخطب هدية و يسكن معها في بيتهم كما تم إقناعه بانه يعرفها ويعرف أهلها في الحي..... أما الثانية ليلى والتي تعمل موظفة سكرتارية بأحد الدوائر الحكومية فقد إتفق مع أحد معارفه يملك دكاناً في سوق امدرمان للبهارات توفت زوجته بأن يتقدم لخطبتها....وتم إختياره لعثمان سائق الامجاد الذي إعتاد الركوب معه عندما يأتي لتمضية إجازته هو وأسرته ليكون زوجاً لعلوية وهي أكثرهن اموالاً إكتسبتها من عملها لمدة طويلة بهيئة الكهرباء القومية ........ولا يفوتني أن أذكر أنه أيضاً كان متزوجاً وله أطفال تقطن أسرته بإحدى حارات الثورة.... تمت الترتيبات اللازمة وأخبر طبيبنا المعنيات بالأمر ليأتين ذات مساءٍ موعود لمقابلة أزواج المستقبل ،فجرت الإستعدادات على قدمٍ وساق وطار النوم من جفون الأخوات فرحاً بوداع محطة العنوسة وركوب قطار الزواج فقمن بشراء كميات من الكريمات و الأصباغ في محاولات شرسة لدرء كوارث تقدم العمر ..... حان المساء الموعود وحضر الجميع إلا عثمان صاحب الأمجاد .....كان أكثر الموجودين فرحاً دكتور شرف وكأن اليوم خطوبة بناتِه و لكن ما عكر سعادته تأخر عثمان حاول الإتصال بجواله ولكنه مغلق فاستأذن الموجودين و خرج إلى الشارع ، قام بركوب امجاد من أمام منزله ليذهب لمنزل عثمان ويعرف سبب التأخير ولكن ما أن وصل حتى عرِف من صاحب الدكان المجاور لمنزله أنه اخذ أسرته وسافروا ألى الجزيرة لتمضية بعض الايام (إكتشف فيما بعد أن عثمان اخبر زوجته بالأمر فاقامت الدنيا ولم تقعدها وحسماً لزوجها أبعدته عن الموضوع برمته و أجبرته على السفر) .....إحتار الدكتور ماذا يفعل وماذا يقول لعلوية وهي التي هيئت نفسها لهذا اليوم، هداه تفكيره لحل سريع فتحدث مع صاحب الأمجاد عن الظرف وطلب منه أن يقوم بمهمة إنسانية ويصير مشروع زوج لِأمسية واحدة فقط ويحفظ ماء وجهه ، قبل السائق بل راقت له الفكرة وإعتبرها نوع من التسلية التي لا تتسنى للفرد كثيراً...... دخلوا على الجمع و كان الحضور قد بدأوا في الإنسجام قليلاً بعد أن زالت رهبة الموقف الأولى وكانت صاحبة البيت تقوم بواجبات الضيافة على أكمل وجه .... ولكن (كما هي العادة يوجد الكثير من اللكن هذه) ما أن دخل صاحب البيت ومعه الخطيب المزيف تغيرت النفوس ، إمتطت شياطين الحسد قلب هدية و ليلى فقد كان خطيب علوية غاية في الوسامة كما أنه في ريعان شبابه وىمكن أن يكون إبناً لِأيٍ من خطيبيهما ، وعلى العكس منهما طار قلب علوية فرحاً تحمله الأماني بحياة سعيدة مع هذا الشاب وأحست أن دعوات والدتها أتت أكلها ، بعد أن ذهب الخُطاب كان نصيب دكتور شرف و زوجته إتهامات خطيرة من جانب هدية وليلى أرينه بها الوجه الآخر لهما والذي لم يكن يدري عنه شيئاً ،إتهمنه بأنه خطط مع زوجته لكي يستهزأ بهما و فضل عليهما علوية ....... تخيل طبيبنا أي شئ إلا هذه النهاية المأساوية لمساعيه متناسياً ان بنات خالاته لم يبقيهن بمحطة العنوسة إلا تكبرهن وإعطآهن لِأنفسهن قيمة أكبر من حقيقتهن ، فهن لم يملكن أي مواهب حقيقية وبذات الوقت وضعن معايير عالية لِإختيارهن ( يجب أن يكون من أسرة، وسيم ،غني، متعلم، يمتلك عربية) ولم يُقَيِمّن حالهن أبداً .........هكذا هن البنات حتى في غناهن ....فهناك من قالت: انا ما بدور المزارعية بدور البركب العربية وهناك من تغنت: امي قالت لي اُخدي ود العم قلت ليها لا لالا مادايرا اريتو بالهمهم العيشتو كلها هم امي قالت لي اُخدي ود الخال قلت ليها لا اريتو بالخلخال الديما مكشوف حال وغيرها الكثير من الاغاني التي على هذه الشاكلة ، من أين ياترى لهن بهؤلاء الملائكة التي تمشي على الأرض حتى يسعدن بالإختيار.... أقسمت زوجة شرف ألا تدخل في مشروع أي زواج أو خِطوبة وألا تشارك في مثل هذه المواضيع طيلة حياتها ( فالطريق الى جهنم ملئ بالنوايا الحسنة) اما دكتور شرف فقد أرضاه ان مشروعه نجح بنسبة ثلاثون بالمائة تقريباً فقد تم زواج علوية و صاحب الامجاد الذي وجده في الشارع بالصدفة..... ملحوظة: القصة حقيقية وليست من نسج الخيال.