إليكم الطاهر ساتي [email protected] بطاقة التأمين الصحي...فلتكن شموعا في المجتمع..!! ** ومن أخبار البارحة التي وقفت عندها، أن رجلا من أهل الخرطوم إصطحب إبنه إلى مستشفى أم درمان لإجراء عملية ما للإبن، فطالبوهما بتسديد رسوم قيمتها مائة جنيها..رفض الأب طلبهم ولم يكتف بالرفض، بل تسلق سلالم صهريج المستشفى، ثم هدد - من أعلى قمته - بالإنتحار ما لم يحضر إليه والي الخرطوم ويستمع إلى قضيته ويحلها عاجلا أو يتم علاج إبنه مجانا..ولم تتردد إدارة وأطباء المستشفى في إتخاذ القرار الصحيح والذي يجنب هذا المواطن إثم الإنتحار أومخاطر الإرتطام بالأرض، حيث عالجوا إبنه بالمجان..لاحقا، ذكر المواطن للسطات الشرطية بأنه لم يكن يقصد بتصرفه ذاك غير لفت أنظار المسؤولين بالمستشفى لعلاج إبنه مجانا، لأنه لايملك قيمة الرسوم..أي لم يكن ينوي الإنتحار ..!! ** وبما أن نوايا هذا المواطن لم تكن إنتحارية، علينا الإعتراف بأن تلك وسيلة ذكية في نزع حق مجانية العلاج من مشافي الحكومة.. ولكن، للاسف كشف المواطن سر اللعبة بتأكيده - للشرطة - بعدم وجود نية الإنتحار في تصرفه ذاك، أي لن تقابل إدارة المشافي في المستقبل تصرفات كهذه بقرارات كذاك، بل سوف تقابل أي تصرف كهذا - حتى ولو كان صاحبه جادا في الإنتحار - بلامبالاة من شاكلة : انسوه ، ده مستهبل ساكت وما عاوز يدفع الرسوم.. وعليه، لم يخطئ المواطن التصرف فحسب، بل أخطأ أيضا بكشفه لنوايا تصرفه، وكان عليه أن يوثق في مضابط الشرطة قسما من شاكلة : علي الطلاق كنت ح انتحر بالجد لو ما عالجو ولدي مجانا.. ولو قالها هكذا لأهدى الناس أفضل وسيلة لنزع حق العلاج المجاني من براثن الحكومة..!! ** المهم، ذاك التصرف غير مقبول.. فالإنتحار - أو مجرد التفكير فيه - لايرضي الله، وكل محطات المؤمن في الحياة الدنيا ما هي إلا أقدار خالقه، وليس بعسير عليه - جل وعلا شأنه - بأن يجعل الكل سواسية في الثراء و(راحة البال)، ولكن لحكمته وزعهم ما بين إمتحاني الصبر والشكر.. وإن كانت ثمة حقائق أو نصائح يجب أن تقال على هامش ذاك التصرف، هي أن الحكومة مطالبة ببذل المزيد من الجهد في تسهيل علاج رعيتها، بحيث لايشقى المواطن أو يفكر في إزهاق روحه حين يمرض أو يمرض أحد آل بيته.. نعم، أكثر من ربع مليون مواطن بولاية الخرطوم - 289 الف - إستظلوا بظلال التأمين الصحي، بدعم من حكومة الولاية..و(26%) من سكان الخرطوم إمتلكوا بطاقات تأمين مجانية، بحيث تحملت حكومة الولاية إدارة التأمين وديوان الزكاة قيمة بطاقاتهم، وهذا جهد مقدر، ولاخير فينا إن لم نقدره..مع الأمل والرجاء بالمزيد من توسيع مساحتي المجانية والمدعومة، بحيث تشمل غير القادرين جميعا، وما أكثرهم ..!! ** وبالمناسبة، قيمة بطاقة التأمين الصحي - للأسرة ، وليس للفرد - (25 جنيه شهريا)..هذا المبلغ قد يكون كثيرا على الاسر المتعففة، ولكنه ليس بكثير على الذين أكرمهم الله من نعمائه.. وإن نجحت حكومة الخرطوم في تحمل قيمة بطاقات بعض الأسر، حسب الأرقام أعلاها..على المجتمع أن يلعب دورا أيضا، وذلك عبر منظماته ومساجده وأنديته وإتحاداته وروابطه الشبابية والطلابية وغيرها.. بل حتى اللجان الشعبية على مستوى الأحياء تستطيع أن تلعب دورا في توسيع دائر التكافل العلاجي.. وأعني بالتكافل أن تتحمل كل أسرة مقتدرة - عن أسرة متعففة - قيمة تلك البطاقة(25 جنيها)..ثلاثمائة جنيها في العام، هي القيمة التي تخفف على الأسرة الفقيرة عناء العلاج ..وثلاثمائة جنيها في العام هي قيمة الطمأنينة التي يعيش بها أفراد أسرة فقيرة، حفظهم الله وشفاهم .. ولو كل نادي ومسجد ولجنة شعبية ومنظمة وجمعية تحركت في محيطها بالإحصاء والدراسة ، بإمكانها توفير قائمة الأسر غير القادرة على حيازة تلك البطاقة، وكذلك بإمكانها توفير قائمة الأسر الكريمة الراغبة في توفير تلك البطاقة لغير المستطيع..نعم، كما نتكافل في الضراء والأعياد ورمضان ومواقيت إستخراج الزكوات، فلنتكافل أيضا في بطاقة العلاج الإقتصادي، إلا أن يصلح الله الحال..أوهكذا يجب أن تظل شموع مجتمعنا متقدة، رغم أنف ( الظلام والظالمين)..!!